No Script

أبعاد السطور

الحماس الذي ضيّع العرب !

تصغير
تكبير

بعد مضي أكثر من 75 يوماً على العدوان الروسي على أوكرانيا، ومن خلال تتبعي وقراءاتي وتصفحي ومروري وبحثي عن أخبار وأحداث الحرب الروسية الظالمة على أوكرانيا في العديد من متصفحات الإنترنت على سائر اختلافها شكلاً ومضموناً وتخصصاً، وجدت أن هناك نسبة ملحوظة من الشعب العربي تؤيد وتشجع الرئيس الروسي بوتين وجيوشه بحماس شديد على غزوه لأوكرانيا !

وهذا التأييد والحماس والتشجيع يفتقد طبعاً للموضوعية وللمنطقية والحق أيضاً وهذا هوالأهم !

العرب حماسيون أكثر مما ينبغي، يُقدمون عواطفهم على عقولهم! ويحبون البطولات الاستعراضية الزائفة أكثر مما ينبغي، وينفعلون بسرعة شديدة باتجاه ما يثير نشوة مزاجهم كسرعة تفاعل عود الكبريت عندما يُشخط من على ظهر علبته!

رقص العرب وفرحوا وأطلقوا الأعيرة النارية من أفواه بنادقهم نحو السماء بسبب غمزة عين واحدة خرجت من المطربة اللبنانية سميرة توفيق وهي تغني!

وشجع العرب بحماس وصفقوا بحميّة قومية عربية واحتشدوا حول التلفزيونات من أجل المصارع المشهور حسين عرب، رغم أنه ليس بعربي بل إيراني مولود في طهران وجنسيته أميركية!

وصفقت الشعوب العربية وهتفت من المحيط للخليج للزعيم جمال عبدالناصر، ولقد سحرهم كثيراً بعبارته المستهلكة التي كان يرددها: «باسم الشعب».

وأدهشهم جداً وأعجبهم بتهديده ووعيده الدائم لإسرائيل، رغم أنه لم يُنفذ أي شيء مما قاله عن إسرائيل!

وعلى الرغم أيضاً أن عبدالناصر خسر كل الحروب التي خاضها، وأيضاً في عهده فقدت مصر سيادتها على سيناء وغزة والسودان!

ورغم أن عبدالناصر أيضاً فشل في المحافظة على استمرار الوحدة مع سورية عام 1958!

وكذلك ردحت الشعوب العربية وهللت بحماس ملتهب للزعيم العراقي صدام حسين، رغم أنه كان سفاحاً لا ذمة له ولا مروءة، حكم شعبه بالحديد والنار، وجعل البيوت العراقية بالكاد لا يخلو منها بيت إلا وتجد فيه قتيلاً أو مُصاباً بعاهة أو منفياً خارج العراق!

وبسبب سوء إدارة صدام لشؤون العراق وبسبب نزواته المجنونة ودخوله في حروب هو من صنعها، جعل صدام حسين العراق بلداً فقيراً ومشلولاً اقتصادياً، ويعاني من شُح المياه وضعف الكهرباء ونقص في مواد الغذاء، على الرغم من أن العراق فيه نهران عظيمان، وفيه الكثير من آبار النفط ومحابس الغاز، وآلاف الكيلو مترات من المساحات الخضراء الزراعية.

بعض العرب يؤيدون بوتين ويشجعونه، وهذا ليس لأن بوتين على حق في حربه على أوكرانيا، بل لأن الدعاية الروسية انطلت عليهم، ولأنهم يرون في روسيا ذلك الملاكم القوي الذي يستطيع أن يسدد لكمات قاضية لأميركا ودول أوروبا، حتى وإن كان بوتين هو البادئ بالظلم والعدوان، وأيضاً حتى ولو أن بوتين بشكل واضح وصريح اعتدى على أوكرانيا وأراد احتلالها كما احتلت إسرائيل دولة فلسطين العربية! ولا ننسى أن بوتين قتل بشراً كثيرين، منهم أكثر من مليون ونصف مليون عربي ومسلم في سورية والشيشان!

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي