على الهواء
«تاريخ العبيد في الخليج العربي»
كانت ظاهرة العبيد منتشرة في العالم، وهم الذين بنوا البُنى التحتية في الولايات المتحدة الأميركية وعملوا في الزراعة، وتعبيد الطرق، والمهن الشاقة، وكذلك في الأقطار الاوروبية.
وكان الإنسان الحرّ يخطف فيكون عبداً ويؤجر ويُباع، وكان بحارة الخليج يطاردون الأحرار في السواحل الافريقية، النساء والاطفال والرجال، دون ذنب لانتزاع حريتهم بعد امتلاكهم، وبيعهم بوحشية.
صفحات بل كتب من التاريخ الأسود حتى أصدر الرئيس الاميركي إبراهام لنكولن إعلان تحرير العبيد في 22 سبتمبر 1862، وإعطاء 3 ملايين مُستعبد حريته في الولايات المتحدة الأميركية، وكانت العبودية جناية على الإنسانية ووصمة عار في التاريخ البشري، حتى صدر الإعلان الرسمي لتحرير العبيد في 22 سبتمبر 1862.
القراصنة الأوروبيون هم أول من خطف الأحرار من أفريقيا ليكونوا عبيداً عندهم ليباعُوا في الاسواق... وفي حروبهم في خليج عُمان أخذوا الأسرى الأحرار ليكونوا عبيداً عندهم.
كتاب الدكتور هشام العوضي من الكتب النيّرة التي سلّطت الضوء على المجتمع الخليجي وما به من شريحة اجتماعية يُباع فيها الإنسان ويُشترى ويُسرق، قبل أن تعلن الأمم المتحدة رسمياً لشعوب العالم كافة بإنهاء العبودية الإنسانية ومن الفتوحات العثمانية لجنوب وشرقي أوروبا تم سبي الكثير من النساء والأطفال ليباعوا في أسواق المسلمين.
الدكتور هشام العوضي، أستاذ التاريخ في الجامعة الأميركية في الكويت، أنجز كتاباً مهماً هو «تاريخ العبيد في الخليج العربي» وثيقة علمية إنسانية لدراسة شرائح من الأحرار ليتخذوهم عبيداً أرقاء.
ودراسة الرق بما فيها من ظلم وقسوة كان الرق مألوفاً طوال التاريخ عند المسلمين وغيرهم.
والرق كان على مدى التاريخ القديم في العالم وكان في العهد الجاهلي الى الاسلام وصار العتق من الصدقات الكبرى، ومن فضائل الأعمال عتق رقبة... وفي الكويت عُرف تجار النخاسة لهم محلات في الأسواق وفي دور سكنهم، واعتمد الكاتب على الوثائق البريطانية التي احتوت على جوانب شخصية واجتماعية مهمة عن حياة العبيد في تلك الفترة.
ظهر الشيخ عبدالله الجابر في التلفزيون ليتحدث عن تجار النخاسة في الكويت ووصل علم العتق من الامم المتحدة، وكلف السفراء بمنح الحرية لمن لحق به الظلم من العبيد فأخذ كثير منهم يلجأ الى الولايات المتحدة، وأخذت السفارات الاوروبية تطبق قرارات الامم المتحدة في تحرير العبيد، وكانت أعمال الغوص على اللؤلؤ تعتمد على العبيد ولكن دون أن يُعطى العبد أجرة كده وشقائه بل تُعطى الأجرة لمالكه... وكان العبيد قلة عند غواصي الكويت، وكثروا في جنوب الخليج.
ألغت البحرين جميع أشكال الرّق في سنة 1937، والكويت وقطر ألغتاه في سنة 1952، والسعودية في سنة 1962.
بعد تحرير الرق صدرت كتب تحكي مآسي العبيد مثل كتاب الجذور للكاتب الاميركي، أليكس هال الذي كشف أحوال بعض الأسر والأفراد الذين لاقوا العذاب والقتل والإهانات في أوروبا وأميركا.. واحتوى الكتاب على نماذج كثيرة منها قصة من كان يبحث عن أصوله وجدّه السابع ذي الأصول الموريتانية، عندما كان في السابعة عشرة من عمره، وعن رجل أخذ يبحث عن أصول آبائه وأجداده مثل كونتا كونتي، والأسر التي خطفت لتجارة غير مشروعه... لتقلب حريتهم إلى عبودية.
أشكر الأستاذ الدكتور هشام العوضي الذي وضع للمكتبة العربية سجلاّ وافياً لتاريخ ظاهرة اجتماعية عالمية فيها استبداد وظلم وإهانة للإنسانية.
العبيد العتقاء صاروا كأفراد من الأسر رجالاً ونساءً، ويدعو الابناء الرجل بعمي والمرأة بخالتي كما يدعوها الرجال والنساء (بخاله) احتراماً وتقديراً وهذا من مكارم العهد الجاهلي، وإذا مات أحدهم جلس سيده وأهله لتقبل العزاء فيه.
يقول الشاعر الجاهلي (الصعلوك)
السليك بن السلكة:
أشاب الرأس أني كل يوم
أرى لي خالةً وسط الرجال
يشقُّ عليّ أن يلقينَ ضَيماً
ويعجز عن تخلُّصهن مالي
من كتابي: (الشعر ديوان العرب، الصعاليك).
(صفحة 18 + 95)
