No Script

من الخميس إلى الخميس

هل ما زلنا أمة الانتظار؟

تصغير
تكبير

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، ذكر طُرفة في لقائه مع الإعلامي طلال الحاج في محطة الحدث قبل أسبوعين، قال: هناك رسالة مثيرة سمعتها من مصدر في الشرق الأوسط، هذه الرسالة تقول إذا لم تستطع أن تنام بسبب الصراع الروسي - الأوكراني فإليك بعض النصائح من أجل أن تهدأ، تخيّل أن هذا الصراع يحدث في أفريقيا، تخيّل أن هذا يحدث في الشرق الأوسط، تخيّل أن أوكرانيا هي فلسطين، تخيّل أن روسيا هي الولايات المتحدة الأميركية، ثم سكت الوزير وهزّ يديه كأنه يقول هذا هو الحل لنزيل عنك الخوف.

الوزير الروسي كان يرمي بتلك المقولة أن العالم لا يتأثر بالصراعات إذا كانت في افريقيا أو الشرق الأوسط إلا بمقدار ما يمس مصالح الغرب، ولا يهتم إذا كان المُعتدي، في أي بقعة من بقاع الأرض، هو الولايات المتحدة، أما هذا الصراع الذي يقع في أوروبا وتكون روسيا هي الطرف الآخر فهذا يعني أنه قلق كبير، قلق قد ينتهي بما لا تحمد عقباه عالمياً.

قبل هذه الحرب قامت الدول القائدة بالعالم برصد ميزانيات، وتوجيه مراكز أبحاثها الحقيقية، وليست الوهمية والتي نمتلك منها نحن العشرات، وجهّتهم من أجل دراسة مؤشرات الخلاف بين روسيا وأوكرانيا؛ وتحليل الواقع وبحث الظروف الاقتصادية والعسكرية والسياسية والإنسانية التي تحيط بهذا الخلاف، كما قامت بدراسة الاحتمالات والنتائج والمخاطر والآثار المحتملة لها في كل حال، سواء قامت الحرب أو لم تقم؛ ولاحقاً سواء استمرت الحرب بين الطرفين أو توسّعت.

الآن ماذا فعلنا نحن العرب في هذا الصدد، على الأقل على المستوى الخليجي؟ هل بدأ مكتب الأمين العام بمحاولة الاستفادة من المفكرّين الخليجيين والسياسيين من أجل وضع تصوراتهم لهذا الصراع؟ هل هناك أي توجيهات لعقد ندوات مغلقة وخاصة نجمع فيها مفكرينا من أجل تحديد مصالحنا السياسية والاقتصادية ؛ وتقييم مواقفنا وحتى توجيه إعلامنا لما فيه مصالحنا؟.

هل لدينا هذا التوجه؟ أم تكتفي كل دولة بأخذ آراء مستشاريها الذين يحيطون بالقادة؛ وتبني سياستها وفق تلك الاستشارات الفردية التي قد تضُّر وتُفرّق.

علماً بأننا أحيانا نستعين بخبراء أجانب، وهذا حدث لدينا في الكويت كثيراً، لإعطاء المشورة؛ وطبعا كالعادة تكون هذه المشورة قد مرّت على جهاز المخابرات الأجنبي قبل أن تصل إلينا؛ وبما يحقق مصالحهم وليس مصالحنا.

السؤال الذي سأله قبلي المئات: هل حان الوقت بعد أن توافر لدينا أجيال من حَمَلةِ التخصصات العليا وبعد أن تجاوزنا أُميّة القلم؛ وتجاوزنا أُميّة الكمبيوتر، هل حان الوقت لنبحث عن مصالحنا وفق أفكار أبنائنا؟ ما نعلمه حتى الآن أنه لم تتوافر أمامنا أي دراسات بحثية عن هذا الصراع؛ ولم يتضح لنا وللمتابعين أي خصوصية خليجية تحملها رسالة موحدة ومؤثرة، كل ما لدينا محطات فضائية تعاكس بعضها وتُعبّر عن مصالح مُلاكها، وتقوم بنقل تصريحات المسؤول الفرنسي والأميركي والروسي وكأنها مجرد أداة توصيل ليس أكثر. وأحياناً للأسف تكون أداة استخبارية أجنبية ناطقة باللغة العربية.

إن هذه الحرب لها تداعيات اقتصادية وسياسية كبيرة، وقد ينتج عنها تداعيات خطيرة تمس اقتصادنا الذي يعتمد على تصدير الطاقة؛ كما أن لها تداعيات سياسية من حيث تغير الولاءات وحتى تغير المُسَلّمات التي تعوّد عليها العالم، أين نحن من هذا كله؟ هل سنعيد تاريخ (سايكس بيكو) ونكتفي بالخنوع ؟ هل سنعيد منظر الوليمة بعد الحرب العالمية الثانية ونكتفي بالنظر للآكلين وهم يلتهمون حقوقنا وأراضينا وثرواتنا؟

اليوم غير الأمس، والأعذار التي أقنعونا بها في الماضي لم تعد موجودة، وأي ضرر يحدث لنا من جراء هذا الصراع فاللوم يقع علينا، علينا جميعاً، وأولنا على قادتنا.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي