No Script

مشاهدات

على مَن تقع مسؤولية نقد الدراما ؟

تصغير
تكبير

كثرت الآراء التي تحدّثت عن الدراما التلفزيونية، من حيث أهميتها وحجم انتشارها وتأثيرها، كفن أصيل، تنافس فيه كتّاب وأدباء، ونقاد ومخرجون وممثلون... فقد قال عنها سقراط «إنها محاكاة لفعل الإنسان»، بينما يرى بعض المحققين في علم الاجتماع والتربية أنها أحد أقوى الأسلحة في تربية النشء...، واعتبرها آخرون بأنها «قوّة ثقافيّة مؤثرة في المجتمع».

ومن التعريفات المفيدة التي وصفت بها الدراما إنها «وسيلة إيضاحية لتطوير الحياة اليومية للشعوب والحضارات، ونقد الظواهر والمشكلات في المجتمعات».

وحيث إن الدراما تطول شريحة واسعة من المشاهدين وتصل إليهم خصوصاً فئة الشباب منهم، فقد هدفت الدراما في غاياتها إلى التركيز على وصف ونقد ومعالجة القضايا والمشكلات الاجتماعية التي يفرزها كل مجتمع خصوصاً المحلية منها، فهي السبب في هذا التنوع الكبير للموضوعات الإنسانية التي تتحدث عنها الدراما وتقوم بطرحها وتقدم طرقاً لمعالجتها.

- في معظم الأحيان يدور العمل الفني حول قصة نثرية تستمد روحها من وحي الخيال، وأحياناً من الواقع وتكون قصة حقيقية، يقوم الممثلون بأداء الدور المطلوب منهم وذلك بتجسيد الشخصية التي توكل إليهم بأداء دورها، فالعمل الفني الدرامي يعتبر مرآة عاكسة للمجتمع وأفراده يجسد المشكلات القائمة التي يعاني منها المجتمع مثل: (الانحرافات السلوكية - التفكك الأسري - الملوثات العقلية - الانحرافات الخلقية - التزمت والتعصب الديني - البطالة والاجرام،...).

- والكويت كغيرها من المجتمعات دخلت في هذا المجال الفني، وتميزت بإنتاجها الواسع الغزير من الدراما التلفزيونية والتي قام بتأليفها نخبة من أبرز الكّتاب والمخرجين المبدعين الذين تصدوا لتصوير الواقع الكويتي بجوانبه الحياتية كافة، وإظهار مراحل التطور التاريخي فيها، كما أبرزوا وألقوا الضوء على العادات والتقاليد الكويتية والقيم الاجتماعية والإنسانية والحضارية التي تفردت بها، ومن ناحية أخرى، فقد تعّمقوا في وصف ومعالجة المشكلات المختلفة الأخلاقية والاجتماعية وغيرها من المشكلات التي لم يسلم أي مجتمع من المجتمعات الإنسانية من شرها، وذلك نتيجة الانفتاح الكبير على العالم من حولنا، والذي أدى إلى المزيد من التواصل الاجتماعي والتمازج بين الثقافات والحضارات، إلا أن ذلك أثر سلباً وبشكل كبير في تغيير بعض العادات والقيم التي كان المجتمع الكويتي يتحلى بها، والتي وصل تأثيرها الى مستوى الأفكار.

- وبالرغم من ذلك، فإننا نجد للأسف - أن كل الكتّاب ومخرجي الدراما والذين تعرضوا لقضايا مجتمعاتهم ولم يغفلوا عن إيجاد الحلول المناسبة لحلها، لعلمهم بأن التعرف على المشكلة هو نصف المسافة للوصول إلى هذا الحل، قد تعرضوا - الكتّاب والمخرجون والممثلون - إلى نقد لاذع ومساءلة لبعض أعمالهم الدرامية وإنتاجهم الفني من البعض والذين لا تتوافق أفكارهم وأمزجتهم وأذواقهم معها، أو لأنهم يريدون منهم أن تكون الصورة عن المجتمع الكويتي أكثر جمالاً حتى لو لم تكن هذه الصورة هي الصورة الحقيقية التي تمّثل الواقع الكويتي أحياناً.

(مسلسل من شارع الهرم إلى) أثار الكثير من ردود الأفعال، فبعضهم استهجن هذا العمل الفني وآخرون استحسنوه لمستواه الفني والدرامي.

- من الواضح ان العمل الفني لهذه القصة فيه جرأة كبيرة وتعالج مشاكل واقعية يعيشها المجتمع في الوقت الحالي مثل:

1/الخيانة الزوجية.

2/جرائم الشرف.

3/الرجل الناعم.

4/الرجل ذو المصالح وان كانت على حساب مبادئه.

5/ مصالح الاطباء في المستشفيات الخاصة.

6/ التعدي على الحقوق الشرعية للأسرة.

7/ الجشع وحب الثروة.

8/الانتقام.

- بالفعل المسلسل جريء في طرحه، وبالتالي فإن من يقيّم مثل هذه الاعمال هم الكفاءات والنقاد المختصون في المجال الفني كونهم أساتذة متمكنين في العمل التمثيلي، بالاضافة إلى المهرجانات الفنية التي تقوم بتقييم الاعمال الفنية وتكريم الفنانين وتقديم الجوائز للمبدعين منهم في مجالات التمثيل والاخراج والتأليف، إن كانت هذه الاعمال الفنية من الاعمال الناجحة.

- لا يوجد مجتمع يخلو من العيوب وهذه طبيعة وفطرة الإنسان، وتفاوت ردود الافعال من المشاهدين أمر مقبول، ولكن عندما تأتي ردة الفعل من أعضاء المجلس التشريعي - هنا يتطلب هذا الأمر وقفة؟

- هل متابعة وتقييم المسلسلات من اختصاصكم؟

- أليس الدور الرئيسي لممثلي المجلس السعي إلى ايجاد الحلول للمواضيع التي تهم المجتمع مثل (التوظيف - الاسكان- رفع الرواتب - تطوير المنظومة التعليمية والصحية والأمنية - محاسبة المقصرين - إيجاد حلول جذرية للمقترضين - حل مشكلة البدون ...)، بدلاً من التدخل في تقييم الاعمال الفنية؟

- وللأسف نرى أموراً سلبية ومخالفة للقيم تصدر من أعضاء المجلس التشريعي سواء من الأعضاء الحاليين أو السابقين، انحدار في الكلمات وتمايز بالالقاب والتي نهانا عنها المولى عز وجل، والطعن في ذمم الآخرين لم يسلم منه زملاؤهم الأعضاء، التعدي بالالفاظ البذيئة، والتطاول بالأيدي، والتفوه بكلمات تثير الاشمئزاز، بدلاً من أن يكونوا قدوة للآخرين، انتهجوا حالة التنمر، وتنابزوا بالالفاظ غير اللائقة اتجاه كل من يخالفهم الرأي، حتى وصل بهم الحال الى التطاول بالكلمات الجارحة على الممثلين في العمل الفني، وتم تصنيفهم حسب جنسياتهم، فليس من المنطق ولا العقل أن يتم تمييز الناس حسب أصولهم وجنسياتهم وأعراقهم!

ولا يخفى أن غالبية هذه الأفعال تندرج قانوناً تحت عقوبتي السب والقذف المذكورة شروطهما في قانون الجزاء إذا ما وُجهتا بشكل مباشر، ولكن بعضهم يتمترس خلف الحصانة أو يستعمل التورية فيها.

«يَأَيُها الَذين آمَنوا لاَ يَسخَرُ قومٌ مِّن قَومٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيَراً مِّنْهُمْ وَلا نِساءٌ من نِساءٍ عَسَى أَن يَكُنّ خَيراً مِْنهُنّ، وَلاَ تَلّمِزُوا أَنّفُسَكُمْ، وَلاَ تَنَابَزُوا بِالَألْقَابِ، بِئْسَ الِاسْمُ الَفُسُوقُ بَعْدَ الِإيَمانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِّكَ هُمُ الَظَّالِمُونَ».

الخلاصة،

لكل أولئك أقول وبكل محبة، إن المطلوب ليس مواجهة المعنيين في إنتاج الدراما الكويتية، بل المطلوب أن نتحمل جميعاً مسؤولية البحث عن مسببات هذه المشكلات الاجتماعية، التي أصبحت فعلاً جزءاً من واقعنا.

ومن الضروري أن ندع الدراما تلعب دورها الأساسي الذي أنشئت من أجله، في تصوير القضايا بشكل واقعي، ومعالجتها افتراضياً بطرق فنية مؤثرة من أجل خلق وعي أخلاقي وإنساني اتجاه هذه المشكلات التي يواجهها المجتمع والممارسات الخاطئة التي يقوم بها بعض أفراد أو بعض الأسر في المجتمع، علّنا نسلط الضوء على ما يحدث حولنا ونعيد تصويب الأمور للأحسن.

فالأعمال الفنية يجب أن تكون النافذة على دور الفنان الذي يطلق العنان لخياله ليبدع في أعماله، معتمداً على مشاعره وأحاسيسه في اختيار موضوعاته وإيصالها للمتذوق وللجمهور العام.

اللهم احفظ الكويت آمنة مطمئنة، والحمدلله رب العالمين.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي