No Script

إيلون ماسك مستثمر ذكي... أم محتال بارع؟

تصغير
تكبير

- لا يلعب وفقاً للقواعد... مطلقاً
- «ملتي ملياردير» بثروة تقدر بـ 246 مليار دولار
- لا يتقبل النقد ولا يتحمل الأسئلة ولا يتصدى للتحديات
- يتمتع بموهبة كبيرة في تأسيس شركات صغيرة يُنجحها ثم يبيعها
- يمارس الأعمال منذ 2002 ومشاريعه لم تحقق أي نجاح يذكر حتى الآن

لم يلعب رجل الأعمال والملياردير الأميركي إيلون ماسك وفقاً للقواعد في حياته مطلقاً. لقد أصبح أغنى رجل في العالم من خلال صنع سيارات كهربائية ضمن مشروع تقدر قيمته بأكثر من تريليون دولار - أكثر من أي شركة تصنيع سيارات أخرى مجتمعة، رغم أن هذا المشروع قبل 18 شهراً لم يكن مربحاً.

ومن بين مشاريعه التجارية الكبرى الأخرى استكشاف الفضاء مع «SpaceX» وحفر الأنفاق تحت الأرض مع شركة «Boring Company»، ورغم أن أياً من هذه المشاريع لم يحقق ربحاً، حتى الآن، لكن هذا لم يزعزع ثقة من يؤمنون بأفكاره.

أخيراً، أثار ماسك الجدل بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي بعدما قال في تغريدة إنّه سيشتري شركة «كوكا كولا»، وذلك بعد أيّام على نجاح صفقة لشراء «تويتر» بنحو 44 مليار دولار، والتي تعد ثالث أعلى قيمة بين صفقات شركات التكنولوجيا.

كما أطلق وعوداً بتقليل الرقابة على منصة «تويتر»، ما أثار تساؤلات حول ما سيعنيه نهجه لمواقع التواصل الاجتماعي المختلفة المشتركة في برنامج «ساحة المدينة الرقمية» المعني بمراقبة المحتوى.

إيلون ماسك ليس مليارديراً فحسب، بل «ملتي ملياردير» بثروة شخصية تقدر بـ246 مليار دولار (كما في الأول من مايو 2022)، ما يجعله وفق موقع «فوربس» أغنى رجل في العالم وأكثر ثراءً من مارك زوكيربيرغ وبيل غيتس وبرنارد أرنولت وجيف بيزوس.

صعود صاروخي

ومع أن ماسك يحب إعطاء الانطباع بأنه يستخف بثروته فإن ذلك لم يمنعه من ابتكار ايموجي لميدالية فضية أهداها لجيف بيزوس لاحتلاله المركز الثاني بعده بين أثرياء العالم.

ويتوقع لماسك أن يصبح أول تريليونير في التاريخ بعد أن كان صعوده صاروخياً لا يضاهيه إلا صاروخ شركته «سبيس إكس» الذي يطمح لاستخدامه لاستيطان كوكب المريخ.

يعطي ماسك مبرراً وجيهاً لتطلعه إلى نقل الإنسان للمريخ، فهو في رأيه الضمانة الأقوى لبقاء الإنسان في حال اندثار حضارته على الأرض، سواء نتيجة كارثة طبيعية أو بشرية.

ماسك هو ابن زوجين مطلقين من عائلة ميسورة في جنوب أفريقيا، انتقل بعد حصوله على الشهادة الثانوية مع والدته وشقيقه وشقيقته من مسقط رأسه في جنوب أفريقيا إلى كندا.

وبعد حصوله على إجازة جامعية من جامعة بنسلفانيا الأميركية سجل لدراسة الدكتوراه في جامعة ستانفورد، ولكنه سرعان ما عدل عن الفكرة لينضم إلى عالم سيليكون فالي الناشئ وليبدأ سلسلة نجاحاته في الأعمال.

لعبة علاقات

في مقال رأي نُشر بصحيفة «نيويورك بوست» تحت عنوان «إيلون ماسك هو عملية احتيال كاملة»، ذكرت مورين كالاهان «أن تغريدة واحدة كشفت في النهاية إيلون ماسك على حقيقته وهي أنه محتال».

وأضافت أن التغريدة جاءت رداً على الغواص البريطاني الذي نجح في إنقاذ مجموعة أطفال من الغرق في كهف في تايلند والذي وصف اقتراحاً من ماسك بالمساعدة بأنه «لعبة علاقات عامة».

يومئذ لم يكتفِ ماسك في تغريدته بالدفاع عن عرضه بأنه لاعتبارات إنسانية بل وصف الغواص بالشذوذ.

وفور ذلك هوت قيمة أسهم شركته «تيسلا» السوقية بملياري دولار.

وأشارت كالاهان إلى أن ماسك يمارس الأعمال منذ عام 2002 وإلى أن هدفه المعلن تطوير البشرية عن طريق منتجاته، وفي مقدمتها سياراته الكهربائية والرحلات الفضائية وقطار «هايبرلوب» الفائق السرعة، ولكنها لفتت الى أن أياً من هذه المشاريع لم يحقق أي نجاح يذكر حتى الآن.

وفيما يتعلق بالسيارة الكهربائية «تيسلا» نقلت الكاتبة عن تقرير لوكالة بلومبرغ عام 2017 بأن الشركة «تحرق» 500 ألف دولار في الساعة.

كما أنها أعادت إلى الأذهان الإخفاقات الفنية التي منيت بها السيارة والتي أدت إلى عدد من الحوادث راح ضحيتها سائقوها. ووسط تحقيقات السلطات المسؤولة غرد ماسك بأن السيارة تصنع في خيمة وبأنه عاد للنوم في الخيمة لكي يضمن الالتزام بالمواعيد النهائية لتسليم السيارات.

وترى كالاهان أن سيارة «تيسلا» الكهربائية لن تنجح أبداً باللحاق بالسيارات الكهربائية التي تنتجها شركات كبرى لصناعة السيارات.

المشكلة في نظر الكاتبة هي أن ماسك لا يعترف أبداً بأنه مخطئ. وهذا ما لا تعترف به الحكومة الأميركية أيضاً التي يقال إنها تقدم لشركاته إعانات مالية تقدر بـ4.9 مليار دولار.

مشروع خيالي

الأمر نفسه ينطبق على مشروع ماسك الخيالي الآخر «سبيس إكس» للرحلات الفضائية الذي يهدف إلى الحلول محل وكالة ناسا وإلى استيطان المريخ. فحتى الآن باءت كل محاولات المشروع بالفشل وانتهت إما باحتراق الصواريخ أو تحطمها.

المشروع الخيالي الآخر هو إنشاء نفق لقطار فائق السرعة يمكن أن يختصر زمن الرحلة بين واشنطن العاصمة ونيويورك إلى 29 دقيقة.

خبراء كثيرون وصفوا مشروع قطار «هايبرلوب» بأنه ذو تكلفة خيالية وبأنه مستحيل وغير ممكن، على الأقل لأنه يشكل تحدياً لشركات الطيران العملاقة التي لا تحتاج إلى تركيب مئات الأميال من قضبان السكة الحديدية لكي تتحكم بالرحلات بين المدن.

وتجد كالاهان أن ماسك يعاني من 3 خصال قاتلة هي عدم تقبله للنقد وعدم تحمله للأسئلة وعدم تصديه للتحديات، ولذلك فهو يميل إلى الرد على هذه الأمور بعبارات مهينة.

كما أنه يتخذ قرارات مدمرة مثل كذبة أبريل التي أعلن فيها على «تويتر» أن شركة «تيسلا» أفلست الأمر الذي أدى إلى تراجع أسهمها 5 في المئة.

موهبة كبيرة

وواضح أن ماسك يتمتع بموهبة كبيرة في تأسيس شركات صغيرة ثم إنجاحها ثم بيعها بربح كبير، لكي يؤسس شركة أخرى ويبيعها لاحقاً. وكان أبرز مثال على ذلك إطلاقه عام 1999 لشركة «اكس دوت كوم» المصرفية برأسمال 10 ملايين دولار والتي كانت جزءاً من حصته من بيع شركة «زيب زيد» التي أسسها مع شقيقه.

وبعد مضي عام واحد اندمجت «اكس دوت كوم» مع شركة «كونفينيتي» المالية الناشئة لتشكلا شركة «بي بال» وليصبح ماسك الرئيس التنفيذي لها. لكن سرعان ما دبت الخلافات داخل مجلس الإدارة الذي نفذ قبل نهاية العام الأول من عمر الشركة انقلاباً داخلياً بينما كان ماسك في طريقه لتمضية إجازة في أستراليا.

أدى الانقلاب إلى خسارة ماسك لمنصبه في الشركة لكي يعلق لاحقاً على ذلك بقوله: «هذه هي المشكلة في الإجازات».

ومع ذلك عندما قامت «اي بيه» بشراء «بي بال» عام 2002 بمبلغ 1.5 مليار دولار، كانت حصة ماسك باعتباره أكبر مساهم في الشركة 165 مليوناً.

وحسب «بيزنس إنسايدر» استخدم ماسك 100 مليون دولار من ذلك المبلغ لكي يؤسس في العام ذاته شركة «سبيس إكس» بهدف إرسال «فئران أو نباتات» إلى المريخ.

لكنه أبقى قدميه على الأرض بسعيه لتحقيق حلم آخر بتأسيس شركة «تيسلا موتورز» للسيارات الكهربائية عام 2004 وعمله على تصنيع السيارة الكهربائية «رودستر» التي رأت النور عام 2006.

وفي العام ذاته خطر له مشروع تأسيس شركة للطاقة الشمسية وقدم لاثنين من أقربائه رأس المال الأولي للشركة التي أطلق عليها اسم «سولار سيتي».

وبعد عشر سنوات، في 2016، اشترت «تيسلا» الشركة بمبلغ 2.6 مليار دولار، ولكن قبل ذلك، وفي 2007، نفذ ماسك نسخة عن انقلاب مجلس إدارة «بيه بال» ضده لكي يطيح شريكه في تأسيس «تيسلا» مارتن ايبرهارد من منصب المدير التنفيذي ومن عضوية مجلس الإدارة.

ومع اندلاع الأزمة المالية العالمية في 2008 أصبحت «تيسلا» على شفير الإفلاس ولم ينقذها من ذلك المصير إلا مبادرة ماسك لاستثمار 40 مليون دولار في الشركة وإقراضها 40 مليوناً أخرى.

ووفقاً لـ«بيزنس إنسايدر» فإن «تيسلا» كانت تسجل خسائر كبيرة بينما واجهت عملية إطلاق «سبيس إكس» لصاروخها «فالكون 1» مصاعب كثيرة.

نسخة انقلاب

وحملت نهاية 2008 معها تطورين مهمين لماسك.

الأول كان فوز «سبيس إكس» بعقد من «ناسا» بمبلغ 1.5 مليار دولار لتوصيل مؤن إلى الفضاء والثاني كان حصول «تيسلا» على مستثمرين جدد من خارج الشركة.

وأعقب ذلك نجاح إطلاق أقوى صاروخ صنعته «سبيس إكس» حتى الآن وهو صاروخ «فالكون هيفي» الذي كان بين ما حمله إلى مدار حول المريخ سيارة «رودستر تيسلا» الحمراء اللون الخاصة بماسك.

ولا يتوقف ماسك عن الإتيان بأفكار جديدة مثل فكرة قطار «هايبرلوب» الذي ينطلق في أنبوب مفرغ من الهواء ويستطيع نظرياً قطع المسافة بين لوس أنجليس وسان فرانسيسكو في 30 دقيقة.

كما أنه أسس عام 2017 شركة «نيورالينك» لتطوير رقاقات إلكترونية لزرعها في دماغ الإنسان.

معارك قضائيةومحاولة التأثير على المحلّفين

ذكر موقع «إيه بي سي نيوز» الأميركي أنه في معركة أخرى ضد ماسك، قاضى عدد من مساهمي شركة «تيسلا»، قبل أسبوعين، المدير التنفيذي للشركة حول عدد من تغريداته عام 2018 في شأن تحويل الشركة إلى شركة خاصة.

ويطلب هؤلاء من قاض اتحادي إصدار أمر قضائي إلى ماسك بالتوقف عن التعليق على المسألة.

ويقول محامو هؤلاء في أوراق الدعوى إن القاضي المكلف بالقضية حكم بأن تغريدات ماسك كانت غير صحيحة في شأن توافر التمويل لتحويل الشركة إلى شركة خاصة، وبأن تعليقاته تنتهك تسوية قضائية عام 2018 مع لجنة الأوراق المالية والبورصات وافق بموجبها ماسك و«تيسلا» على أن يدفع كل منهما غرامة 20 مليون دولار.

وذكرت الوثائق التي قدمها محامو المساهمين إلى المحكمة أن ماسك يحاول التأثير على المحلّفين المحتملين في القضية. ويدعي المحامون أن تغريدات ماسك عام 2018 حول توافر التمويل لتحويل «تيسلا» إلى شركة خاصة بواقع 420 دولاراً للسهم كانت تهدف إلى التلاعب بسعر السهم الأمر الذي كبّد المساهمين خسائر.

وتنص الاتفاقية على أنه في حال انتهاك ماسك لها فإن لجنة الأوراق المالية والبورصات يمكن أن تطلب من المحكمة إلغاء الاتفاقية والعودة إلى شكوى الاحتيال في الأوراق المالية.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي