No Script

مشاهدات

مواسم الخير

تصغير
تكبير

المولى عزّ وجلّ أنعمَ على الإنسان بالكثير من النعم التي لا تعد ولا تحصى، منها نِعمٌ ظاهرة وأخرى باطنة.

{وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ}.

صدق الله العلي العظيم الذي وسّع علينا من النعم الكثيرة والمتنوعة، ولم يقطعها عنا بسبب التقصير والمعاصي وعدم الشكر لله، علماً بأن المولى عز وجل يتجاوز عن تقصيرنا في أداء شكر النعم ولا يقطعها عنا بسبب تفريطنا، ويرضى منا باليسير من الشكر مقارنةً مع أنعامه الكثيرة علينا.

- من نعم الله علينا أنه جعل لنا فصولاً مختلفة في السنة، وجعلها متعاقبة لتجعل الحياة جميلة وفيها تجدد دائم.

يبعث تعاقب الفصول الأربعة في الأرض، الخير والجمال، كما يبعث في نفوسنا الأمل وحب الحياة، ويبني حاجزاً أمام الملل. ولكل فصل من فصول السنة روح وثوب مختلف ترتديه الأرض والنباتات، وتكسو ملامحه السماء، ويتأثر بوجوده الإنسان والجمادات.

نتساءل ما السر في تعاقب الفصول؟

وهل تأملنا بما يتميّز كلّ فصل منها؟

- بالتأكيد تلاحق الدهور، وانصرام الفصول، وتتابُع الشهور، واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الابصار.

«إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ».

- الفصول بتنوّعها تضيف جمالاً وثماراً ومناخاً مميزاً، تروي في كلّ يوم حكاية من حكايات السّر الإلهي وعظمته، فهي مواسم للخير، فمن خريف الجد والعمل إلى شتاء النعمة، ومن ربيع الزهر والجمال، إلى فصل الحصاد والثمار، تتقلّب الفصول، لتنقلب معها حياة كلّ منّا، فنتأثر بقدومها ورحيلها إيجاباً وسلباً.

هناك من يفضل فصلاً من فصول السنة وينتظر قدومه، فمنهم من يستمتع بالصيف ويشعر بفرح كبير تبعثه أشعة الشمس القوية، وآخر يشعر بالراحة والأجواء الرومانسية مع بداية الشتاء والمطر.

وهنالك من يميل للربيع، موسم تفتح الأزهار وانتشار الخضرة، وجمال الطبيعة، لتسيطر أجواء الاسترخاء والهدوء على من يعشق الخريف.

ومع اختلاف الطقس وتباين الفصول، تتأرجح حالاتنا النفسية وتتفاوت، ففيما يشعر البعض بالبهجة في الأجواء الباردة، ينتظر آخرون وصول الصيف للاستمتاع بأشعة الشمس.

وحاشى لله أن يخلق الله كل ذلك عبثاً، بل إنّها كينونة الحياة التي جعل الله كل ما فيها يدور في فلك هذا الإنسان الذى قبل حمل الأمانة دون سواه من المخلوقات.

وهنا يتطلب الامر وقفة للتفكر بأن الله سبحانه وتعالى، قد أراد للإنسان أن يكون متفاعلاً في حركته الإنسانية مع بيئته ليحافظ بذلك على استمراريته وقد هيأ له الظروف المناسبة لذلك.

فلو تأملنا قليلاً ببعض المناسبات من الشهور والأيام التي ركز عليها الإسلام بشكل كبير، فجعل لكل منها خصوصيّة وميزة وقيمة وهدفاً، ومناسك ومستحبات ومكروهات...

ومع أنها هي الأيام نفسها في تعاقبها بين الليل والنهار، إلا أنّ الله لم يرضَ لنا أن نعيشها كلّها في نمط واحد، ليهيئ لنا بذلك تربة خصبة لمواسم من الخير، مواسم تساعد في إحياء الروح وتعزيز التكامل والتفاعل والتكافل بين الإنسان والإنسان الآخر (أهل، أقارب، أصدقاء، جيران، ومجتمع...).

ولسنا ببعيدين عن هذه المواسم ونحن نودع شهر رمضان المبارك، ونستقبل العيد المبارك - أياماً جعلها الله للخير والبركة، وحثّ فيها على إطعام الجائع ومساعدة المحتاج، وتكفل الأيتام، وصلة الأرحام... وتذكية الأرواح بالذكر والعبادة... فلا خير في صومنا إذا لم يكن مقروناً بقيم الرحمة والتسامح.

وكذلك نجد موسم الحج مثالاً آخر لموسم خير جديد، وما أكثر الأمثلة على ذلك.

إنّ من كرم الله علينا، أنه إضافة إلى إرساله الرسل والكتب السّماوية، أن قرن هذه المناسبات من الأيام والشهور، بالأجر والثواب العظيم التي هي حقاً - مواسم الخير - ليبعث فينا الحماس والدافع والتذكّر والتنافس على عمل الخير.

فلا تحرم نفسك من أن تعيش روحانية كل موسم، فتستثمر فيه لتحصد خيراته ثم تنشرها وستعلمك الحياة أنك في كل مرة ستربح المزيد فلا خسارة مع الله عز وجل.

الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى مَا قسّم

الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى مَا أَنْعَمَ

الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى قَضَائِهِ

الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى لُطْفِه

الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كَرَمِهِ

الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى خَيْرِهِ

اللهمّ احفظ الكويت آمنة مطمئنة، والحمدلله رب العالمين.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي