No Script

أسعار السلع الرئيسية تقفز عالمياً لأعلى مستوى في 32 عاماً

تدفق الغذاء الكافي للكويت لم يعد... مضموناً

تصغير
تكبير

- إلغاء قرار تثبيت الأسعار الغذائية... بعد العيد
- المورّدون يواجهون ضغط تحمل فارق التكلفة من حسابهم
- تثبيت الأسعار محلياً يدفع المورّدين لتحويل مسارات سفنهم لدول أخرى
- التحدي الأكبر قادم في الصيف وسط المخاوف من تأثر كفاءة مخزون الحبوب
- تجار ومتسوّقون خليجيون يستغلون رخص الأسعار محلياً ويسحبون بضائعهم من الكويت

كشفت مصادر ذات صلة لـ«الراي» أنه من المرتقب أن يصدر قرار من وزارة التجارة والصناعة بعد عطلة عيد الفطر، يقضي بإلغاء قرار تثبيت أسعار السلع الاستهلاكية الغذائية، الذي صدر ضمن حزمة قرارات أخرى اتخذتها الوزارة في مواجهة بدء انتشار تداعيات جائحة كورونا.

وأشارت إلى أن مسؤولي الوزارة قاموا خلال الفترة الماضية بمراجعة قرار تثبيت الأسعار لجهة أسبابه وتداعياته، وخلصوا إلى ضرورة إعادة النظر في القرار، وأنه جار التحضير لإلغائه في الفترة القريبة المقبلة، مرجحة أن يكون ذلك في أول أسبوعين عقب عطلة عيد الفطر.

ولفتت المصادر إلى أن مجموعة من مورّدي الشركات الغذائية تواصلوا في الفترة الأخيرة مع الوزير فهد الشريعان حيث نقلوا إليه التحديات التي يواجهونها في ظل التغيرات التي طرأت على الأسواق العالمية، والتي قادت إلى إحداث زيادات جوهرية في معدل الأسعار، مبينة أن جميع المورّدين أكدوا للوزير صعوبة ضمانهم الاستمرار في تدفق السلع الغذائية إلى الكويت إذا استمر قرار تثبيت الأسعار، باعتبار أن ذلك يضعهم تحت ضغط تحمل فارق التكلفة من حسابهم.

الأمن الغذائي

وأفاد المورّدون بحرصهم على تأمين المخزون الإستراتيجي من السلع للمستهلكين، بهدف الحفاظ على الأمن الغذائي، مشيرين إلى أن قرار تثبيت الأسعار لا يستقيم مع مخرجات الأزمات المتتالية التي تتعرض لها الأسواق منذ فترة، وفي ظل تباطؤ سلاسل التوريدات والارتفاع القياسي الحاصل في معدلات التضخم عالمياً، وزيادة تكاليف الشحن، فضلاً عن ارتفاع أسعار النفط وتراجع المحاصيل.

وذكرت المصادر أنه وفقاً لتقرير المنظمة العالمية لأسعار الأغذية والزراعة، الصادر أخيراً سجل مؤشر الحبوب خلال مارس قفزة كبيرة بواقع 170.1 نقطة، أي بزيادة 24.9 نقطة (17.1 في المئة) عن مستواه المسجّل في فبراير، ليبلغ مع ذلك أعلى مستوى له منذ 1990، أي منذ 32 عاماً.

ولفتت المصادر إلى تحذيرات تم نقلها إلى مسؤولين في الوزارة، تفيد بأن هناك تجاراً من دول خليجية ومتسوّقون يستغلون انخفاض الأسعار بالكويت مقارنة بالمتداولة في بلدانهم، حيث يقومون بسحب البضائع من السوق المحلي، للاستفادة من فارق الأسعار في دولهم، والذي يزيد عن الكويت بنحو 20 في المئة، مدفوعاً بضريبة القيمة المضافة المطبقة في هذه الدول، ما يضر المستهلك الكويتي والسوق المحلي عموماً على المدى البعيد، ويؤدي إلى نقص المخزون الغذائي الرئيسي.

وبيّن المورّدون أن فرق السعر قد يؤدي إلى تهريب البضائع من الكويت، وبيعها في دول الجوار، ما يؤدي إلى زعزعة الأمن السلعي للأشخاص واضطراب الإنفاق الاستهلاكي، ويسبب تراجع المخزون الإستراتيجي من السلع الغذائية الأساسية للمستهلك.

ونوهت المصادر إلى أن هناك تفهماً لدى مسؤولي «التجارة» بأن المستجدات العالمية وآخرها حرب روسيا وأوكرانيا باتت المحرك الرئيس لصعود الأسعار، وتغذية معدلات التضخم التي وصلت مستويات قياسية خلال الفترة الماضية، مشيرة إلى أن التحدي الأكبر أمام التجار والأجهزة الرقابية قادم أكثر في فترة الصيف، بسبب تراجع مخزون الحبوب التي ترتبط بجميع السلع الغذائية والدواجن واللحوم، وسط تباطؤ سلاسل الامدادات العالمية، ما يزيد المخاوف من استمرار كفاءة مخزون الحبوب محلياً.

رفاهية تجارية

وأفادت المصادر بأن قرار إلغاء تثبيت الأسعار لم يعد رفاهية تجارية أو رقابية بل ضرورة لاستمرار تغذية السوق المحلي باحتياجاته، في ظل التعقيدات الجيوسياسية التي تضغط على الأسواق عموماً، مبينة أن هذا القرار يسهم أيضاً في تفادي تغيير مسار السفن المحملة بالبضائع والمتجهة إلى الكويت لدول أخرى، تستوعب أكثر حركة الأسعار العالمية، وأن المشكلة ليست محلية.

وأوضحت أنه في الفترة الأخيرة غيرت أكثر من سفينة اتجاهها من الكويت إلى مسارات خليجية أخرى بسبب تثبيت الأسعار محلياً، مفيدة بأنه من الناحية القانونية لا يمكن مخالفة هؤلاء المورّدين ما دامت بضائعم لا تزال خارج الكويت.

ويدفع مسؤولو الشركات الغذائية في شكواهم للوزير الشريعان، إلى أنه في الكويت تم إلغاء جميع القرارات المتعلقة بجائحة كورونا، فيما تم الإبقاء على قراء تثبيت الأسعار، ليكون القرار الوحيد الذي لم يتم إلغاؤه.

ويشيرون إلى أنهم قد لا يتمكنون من ضمان استمرار تدفق البضائع إلى الكويت في حال عدم إلغاء قرار تثبيت الأسعار، موضحين أن ما يؤكد سلامة موقفهم التغيرات الأخيرة التي طرأت على معدلات أسعار سلع رئيسية رغم إشراف جهات حكومية مثل الهيئة العامة للزراعة عليها، وفي مقدمتها أسعار الأعلاف، التي شهدت ارتفاعاً ملموساً رغم كل الجهود الحكومية والمقاومة الشعبية التي بُذلت لمنع ذلك.

طلب عالمي

وتبرر الشركات موقفها في هذا الخصوص بأكثر من سبب، فمن ناحية تنوه إلى أن قرار تثبيت الأسعار اتُّخذ وقت انتشار كورونا، وأن الحياة عادة إلى طبيعتها، كما أن الطلب العالمي المتزايد على السلع الغذائية وبشكل غير مسبوق رفع أسعارها إلى معدلات أيضاً غير مسبوقة، علاوة على التعقيدات التي فرضتها حرب أوكرانيا والتي زادت مشاكل سلاسل الإمدادات العالمية.

ويأتي تحرك هذه الشركات بهذا الاتجاه في وقت سجل فيه مؤشر المنظمة العالمية لأسعار الأغذية والزراعة، زيادة بمتوسط مؤشر أسعار السلع الغذائية الأساسية الذي يقيس التغيّر الشهري في الأسعار الدولية ليبلغ 159.3 نقطة، بارتفاع 17.9 نقطة (12.6 في المئة) عن مستواه المسجّل في فبراير، محققاً بذلك قفزة نوعية ليسجّل أيضاً أعلى مستوى له منذ إرسائه في عام 1990.

صراع قائم

وتُظهر الزيادة الأخيرة ارتفاعاً جديداً في المؤشرات الفرعية لأسعار الزيوت النباتية، والحبوب واللحوم لتبلغ أعلى مستويات لها على الإطلاق، بينما سجّل المؤشران الفرعيان لأسعار السكر ومنتجات الألبان ارتفاعاً كبيراً أيضاً.

كما تعكس الزيادة خلال الشهر الحالي ارتفاعاً حاداً في الأسعار العالمية للقمح والحبوب الخشنة، مدفوعاً إلى حد كبير بالاختلالات الناجمة عن الصراع القائم والمترتبة على الصادرات من أوكرانيا، وإلى حدّ أقل من الاتحاد الروسي، وفي ظل الشواغل في شأن أوضاع المحاصيل في الولايات المتحدة الأميركية، ارتفعت الأسعار العالمية للقمح بشكل حاد في مارس، مسجلة زيادة حادة بنسبة 19.7 في المئة.

وارتفعت الأسعار الدولية للحبوب الخشنة 20.4 في المئة، مسجلة أرقاماً قياسية حيث بلغت أسعار الذرة والشعير والذرة الرفيعة كلها أعلى مستويات لها منذ 1990. وأدّى تراجع التوقعات بالنسبة إلى صادرات الذرة بشكل كبير من أوكرانيا، وهي مصدِّر رئيسي، إضافة إلى ارتفاع تكاليف الطاقة والمدخلات إلى زيادة 19.1 في المئة بالأسعار العالمية للذرة من شهر إلى آخر.

وبلغ متوسط مؤشر المنظمة لأسعار الزيوت النباتية 248.6 نقطة خلال مارس، أي بارتفاع 46.9 نقطة (23.2 في المئة) عن مستواه في فبراير، فسجّل بذلك مستوى قياسياً جديداً.

وكان الارتفاع الحاد في قيمة المؤشر مدفوعاً بارتفاع أسعار زيوت دوار الشمس والنخيل والصويا وبذور اللفت بشكل كبير في مارس.

قيمة المؤشر

وبلغ متوسط مؤشر منظمة الأغذية والزراعة لأسعار الألبان 145.2 نقطة في مارس، بزيادة 3.7 نقطة (2.6 في المئة) عن مستواه المسجّل في فبراير، ويرتفع المؤشر بما يتخطى مستواه المسجّل منذ عام بمقدار 27.7 نقطة (23.6 في المئة).

وارتفعت أسعار الزبدة والحليب المجفف بشكل حاد، مدفوعة بارتفاع الطلب على الواردات في عمليات التسليم في الأجلين القريب والبعيد، خاصة من الأسواق الآسيوية، والطلب الداخلي القوي في أوروبا الغربية.

وفي الوقت نفسه، واجهت أسواق الأجبان أيضاً انحساراً في الإمدادات بسبب الطلب الداخلي القوي في أوروبا الغربية، غير أن قيمة المؤشر لم تنخفض سوى بشكل طفيف، الأمر الذي يبيّن تأثيرات حركة العملات.

4.8 في المئة ارتفاعاً بأسعار اللحوم

حسب منظمة الأغذية والزراعة بلغ متوسط مؤشر أسعار اللحوم خلال مارس 120 نقطة، بارتفاع 5.5 نقطة (4.8 في المئة) عن مستواه المسجل خلال فبراير، ليسجّل مع ذلك أعلى مستوى له على الإطلاق. وفي مارس، سجّلت أسعار لحوم الخنزير أعلى زيادة شهرية مسجلة على الإطلاق منذ 1995، مدعومةً بتقلّص الإمدادات بالخنازير المخصصة للذبح في أوروبا الغربية، وارتفاع الطلب الداخلي في ضوء عطلة عيد الفصح المقبلة.

أما الأسعار الدولية للحوم الدواجن فراوحت مكانها، مدعومةً بتراجع الإمدادات من البلدان المصدّرة الرئيسية عقب تفشي إنفلونزا الطيور.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي