No Script

مصرفيّون اقترحوا على زملائهم أن تكون المنافسة نحو استقطاب المال الحكومي «ناعمة»

اتفاق «جنتلمان» بين البنوك: «هدّوا اللعب»... ارتفاع فائدة الودائع يزيد كلفتنا

No Image
تصغير
تكبير

- اتجاهات الفائدة عالمياً تحفّز البنوك على تخزين الأموال
- ضغوط ترتيب سلم السيولة يدفع مصارف إلى تحمل كلفة إضافية
- أسعار الفائدة مرشحة لموجة زيادة إضافية لا سيما الودائع المستقرة
- الفائدة المصرفية تسير في اتجاهين... كلفة إضافية وعوائد أكثر

بينما بدأت بعض البنوك في نقل المنافسة على الودائع الحكومية إلى مستويات فائدة غير معهودة أقله في السنوات الثلاث الماضية، بدأت أخرى تتردد في مجاراتها، باعتبار أن تمادي الحرب على استقطاب الودائع المستقرة بسلاح الفائدة سيزيد كلفة الأموال على الجميع.

وفي هذا الخصوص، علمت «الراي» من مصادر مصرفية أن مسؤولين في بنوك اقترحوا بشكل غير رسمي التوصل إلى اتفاق «جنتلمان» بين المصارف يضمن تهدئة «اللعب» على الودائع الحكومية، والمستقرة عامة، وضمان «منافسة ناعمة عليها مستقبلاً وليست شرسة»، وذلك بتقريب هامش الأسعار المقدمة من جميع البنوك على هذه النوعية من الأموال، باعتبار أن توسع المنافسة على هذه الأموال بالفائدة العالية سيلتهم الفائدة العكسية التي يمكن تحقيقها من الإقراض.

مرحلة جديدة

مناسبة هذا الحديث، الوديعة التي فاز بها أحد البنوك في مزايدة طرحتها مؤسسة الموانئ الكويتية أخيراً بـ80 مليون دينار، وبسعر فائدة يقارب 2.9 في المئة، وهو التسعير الذي اعتبرته بعض البنوك أنه يؤسس لمرحلة جديدة من الفائدة ستشهد خلالها المنافسة على المال الحكومي طلباً مصرفياً واسعاً مدفوعاً بزيادة متتالية في أسعار الفائدة، ما قد يضطر جميع المصارف إلى رفع الأسعار.

ولعل هذه الحالة ما حفّزت بعض المصرفيين إلى التنسيق شفاهة مع زملائهم، أملاً في أن يقنعوهم بالاتفاق على هامش فائدة محدد لا تخرج عنه جميع البنوك في أي مزايدة على الودائع المستقرة يمكن طرحها خلال الفترة المقبلة.

إلا أن المصرفيين أنفسهم الذين يقودون جهود التهدئة لا يثقون في نتائج خطواتهم كثيراً، بحكم المتغيرات التي طرأت أخيراً على مصادر التمويل، وزادت أهمية البحث عن أموال مستقرة إضافية، علاوة على اتجاهات الفائدة المرتقبة خلال العام الجاري والتي ترجح ارتفاعات متتالية، ما ينهي فترة الفائدة الرخيصة التي عاشها السوق المحلي لنحو 3 سنوات متتالية، سجلت فيها بعض الودائع خصوصاً الشخصية معدلات أسعار مقدمة من بعض البنوك وصلت 1 في المئة.

وفي التفاصيل، لفتت المصادر إلى أن البنوك تعي جيداً ما سيترتب على تنفيذ خطط الاحتياطي الفيديرالي (البنك المركزي الأميركي) المتعلقة بالاستمرار في زيادة الفائدة خلال 2022 نحو 6 مرات لتصل الفائدة إلى 3.5 في المئة، كما يدفع رئيس «الفيديرالي» جيروم باول، باعتبار أن ذلك التوجه يعكس استحقاقاً حسب مسؤوليه لمكافحة التضخم بعد عامين على خفضها إلى الصفر لمكافحة تبعات كوفيد-19، وذلك في وقت يلف الغموض مجدداً الآفاق الاقتصادية جراء الحرب في أوكرانيا.

ونتيجة لذلك يسعى صانعو السياسة الائتمانية إلى زيادة مخزونهم من الأموال المودعة لفترات لا تقل عن سنة، فكلما جمعوا ودائع أكثر قبل أن يتخذ «الفيديرالي» قراراً بالزيادة التالية، كلما ضمن لهم ذلك تفادي الاضطرار إلى الدخول في منافسة أكبر وأعلى كلفة على الودائع خلال الفترات اللاحقة، أخذاً بالاعتبار أن سعر الخصم محلياً 1.75 في المئة، وقياساً بتوقعات اتجاهات فائدة «الفيديرالي» يمثل هذا المعدل نصف المستهدف من «الاحتياطي الأميركي» لهذا العام.

ولاحتواء ضغوط الأسعار، تتحرك جميع البنوك إلى تأمين أرصدتها من الودائع المستقرة التي تعزز سلم استحقاقاتها، وهذا سبب ثان يغذي شهية المصارف لرفع أسعارها على الودائع الحكومية، إذ إن الهدف من هذا التحرك زيادة طبقات السيولة التي ترفع من قدرتها في ترتيب صافي نسب التمويل الثابتة (NSFR) والتي تتعلق بالودائع التي تزيد أعمارها عن سنة، حيث تسهم الودائع الحكومية بالدينار والمستقرة في تخفيف ضغوط ترتيب سلم الاستحقاقات.

مخالفة التعليمات

كما أن ارتفاع تكلفة ترتيب سلم استحقاقات البنوك يكون أكثر تفضيلاً عند بعض البنوك من إصدار صكوك أو زيادة رأسمالها من أجل تعديل أوضاع السيولة لديها، ولتعزيز مصادر التمويل.

ولتفادي أن تخالف البنوك تعليمات بنك الكويت المركزي فيما يتعلق بتنظيم استحقاقات السيولة لديها، تعرض بعضها مرغمة معدلات فائدة ودائع أعلى من المتداولة سوقياً، وذلك سعياً لتخفيف الضغط على قدرتها في تنظيم السيولة، لا سيما بظل توقعات بأن تستمر تبعات مشكلات الفائدة لفترات أطول.

ولعل ما يشجع صانعي السياسة الائتمانية أكثر على الانضمام إلى قوائم المنافسة والقبول بزيادة كلفتهم على الأموال، الترجيحات بخصوص تحسن المؤشرات التي تدل على إمكانية تحسن بيئة الأعمال المحلية خلال الفترة المقبلة، ما يقود إلى التوسع ائتمانياً، ومن ثم زيادة كفاءة مصادر التمويل بالقدر الذي يستقيم مع خطط كل بنك للتوسع في الإقراض خلال الفترة المقبلة.

تحسن الصافي

كما أنه مصرفياً سيؤثر رفع الفائدة على أداء البنوك عامة، فكما ستضطر المصارف إلى رفع الفائدة على الودائع، سيوازي ذلك تسجيل أثر إيجابي من تحسن صافي هامش الفائدة التي ستحققها من زيادة تسعير القروض الموازية، ويتوقف مقدار ذلك التحسن على قرارات رفع سعر الخصم من حيث عدد مرات الرفع وتوقيتاتها في 2022، إذ سيؤدي رفع سعر الفائدة إلى زيادة عائدات الإقراض.

يذكر أنه وفقاً لقرار مجلس إدارة بنك الكويت المركزي الأخير يبلغ سعر الخصم 1.75 في المئة، فيما توقعت «هيرميس» في تقرير صدر أخيراً أن تؤدي معدلات الاحتياطي الفيديرالي المرتفعة إلى ارتفاعات مساوية في سعر الفائدة في الإمارات والسعودية، في حين أن الكويت قد لا تحذو حذوها (كما كان الحال في دورة التشديد الأخيرة 2018) بسبب درجة المرونة العالية في سياستها النقدية نظراً لأن الدينار لا يرتبط 100 في المئة بالدولار.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي