No Script

مشاهدات

غبقة المحبة

تصغير
تكبير

ما زال للعادات والتقاليد على مر الأزمان في كل الأوطان والشعوب أهميتها لناحية رمزيتها بما تمثله كجزء من هوية هذه الشعوب، ما جعل الناس يمارسون هذه العادات والتقاليد بداعي الإنسانية والمحبة والاعتزاز، وبشيء من الرغبة التلقائية حتى غدت إرثاً للأجيال.

الغبقة الرمضانية تتميز بطابعها الخاص لارتباطها بشهر رمضان المبارك، وتلك الاحتفالية يحرص على إقامتها الكويتيون في كل عام، وتعتبر من التقاليد الكويتية العريقة منذ عقود من الزمان، وهي عبارة عن تجمع يُدعى إليه الأهل والجيران والاصدقاء في المنزل، يعد فيه الطعام ما بين فترتي الفطور والسحور.

ويتم اعدادها منذ بدء شهر رمضان، وحتى منتصفه قبل انشغال الناس بإحياء العشر الأواخر من الشهر الفضيل والاستعداد للعيد.

وبعد فترة انقطاع دامت عامين متتاليين بسبب الأوضاع الصحية (وباء كورونا)، عادت تلك السُنة الحسنة في هذا العام، وبالطبع فإن الهدف من إقامة تلك الشعيرة ليس تناول الطعام فقط، إنما الهدف تجمع الناس على الخير والمحبة وحسن النية والمشاعر الانسانية الطيبة في جو مميز تسوده المحبة بين المضيف والضيوف، فهو عبارة عن لقاء كبير يجمع الجميع للتهنئة بشهر رمضان المبارك.

ولم تعد تلك (الغبقة) والتي هي سمة مميزة للأسر الكويتية - حكراً على هذه الأسر - بل امتدت إلى المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص، حيث يتجمع الموظفون في تلك المنشآت ليتم التعارف والتعاون والتواصل في ما بينهم لكسر روتين العمل اليومي، ما بين الموظف والمسؤول، ورفع الحاجز الوظيفي ومن ثُمّ توثيق الصلة بينهما، ولتتعزز علاقة الود والانسجام ما ينعكس بالإيجاب على العمل.

والجميل في هذا الأمر، ان هذه العادة الرمضانية امتدت إلى خارج نطاق الأسرة الكويتية وعاداتها، حيث يحرص الأب بيجول، الأنبا بيشوي، راعي الكنيسة القبطية المصرية في الكويت، على إقامة هذا التجمع الجميل تحت مسمى (غبقة المحبة) في شهر رمضان من كل عام، يدعو إليها جميع أطياف المجتمع من كويتيين ووافدين وديبلوماسيين وشيوخ دين وقساوسة، حيث الكل يتجمع على المحبة والمشاعر الإنسانية، يحرص فيها (الأب بيجول) على استقبال جميع ضيوفه من بداية توافدهم وحتى ساعة مغادرتهم للمكان، يستقبل ضيوفه بالترحاب والمشاعر الدافئة والمحبة الصادقة، والهدف من هذا كله هو التواصل الأخوي بين أفراد المجتمع، فالتواصل الانساني حياة، وهذا نابع من محبته للكويت العزيزة وشعبها، فهو دائماً يتمنى للكويت العزيزة كل تقدم ورخاء، وأن يحفظ لها نعمة الأمن والاستقرار - ويديم عليها نعمة هذا الاستقرار في ظل حكمة قيادتها، ويوفّقها في قيادة سفينة الكويت إلى ساحل التقدم والرقي والنهضة بمختلف مسمياتها، ومتمنياً في الوقت نفسه لجميع شعوب العالم الخير وأن تنعم دوماً بالأمن والسلام.

وننوه في هذا المقام، بأن الكويت نموذج مضيء في مجال الحريات الدينية والتسامح الديني، وتعزيز قيم الإخاء والمحبة بين أفراد المجتمع، وتمثل النموذج الأمثل فى التآخي بين الأديان.

ختاماً،

الغبقة الرمضانية من العادات الإيجابية وفرصة لتعزيز الروابط الاجتماعية، فالغبقة في الأساس هي مائدة الترابط الاجتماعي والعائلي على المحبة لما فيه الخير للبشرية، والتعايش بسلام وألفة مع كل من نختلف معهم، وهي ضرورة لحماية مستقبل البشرية من أخطار دعوات الكراهية والعنف والإقصاء على أسس دينية أو مذهبية أو عرقية، ولتعزيز مسار التعايش كقيمة إنسانية جامعة تكفل حماية التنوع وتعزز التعاون، لذلك دور المنابر الدينية ووسائل الإعلام كبير لبث التوعية الإعلامية للمجتمع من خلال الحض على الرفق والتسامح والتركيز على درء الفتن والعنف، وبث روح التسامح في المجمتع، وبالمحبة والأخوة في ما بيننا يعم الخير والأمن والاستقرار لتستمر الحياة بسلام.

اللهم احفظ الكويت آمنة مطمئنة، والحمد لله رب العالمين.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي