المخرج القفاص قدّم رؤية مُعاصرة في مسلسله التراثي
في غابة البشر... الحمل الوديع لا يُرى بـ «عين الذيب»
- داود حسين… «ذيب لا يهرول عبثاً» وممثل بمواصفات عالمية
- إبراهيم الزدجالي كان نداً لا يُستهان به… في الصراع والتمثيل
- فاطمة عبدالرحيم… تتحرك بثقة عالية في البيئة القديمة
- محمد صفر… استكمل دور «فارس» بنجاح
«جميعنا نعيش في غابة، القوي فيها يأكل الضعيف» !
هذا ملخص شامل ومختصر لمضمون المسلسل التراثي «عين الذيب» للكاتب جمال الصقر والمخرج محمد القفاص.
فالعمل منذ بدايته كان لافتاً لأنظار المشاهدين، لناحية الحبكة القصصية، والرؤية الإخراجية السينمائية، والموسيقى التصويرية. فكل ما جرى تقديمه في «عين الذيب» كان مُستحدثاً، وكاسراً للرتابة في الدراما الخليجية.
في هذه القراءة الفنية للمسلسل، ترصد «الراي» أهم العوامل التي أسهمت بنجاحه، بدءاً من الأحداث التي دارت حول الصراع بين «ذيب بن ذياب» (داود حسين) و«صقر بن ضاوي» (إبراهيم الزدجالي) والسائرين حولهما من ناصح لدفع الشر، أو قادح لإشعال الحرب.
قلوب متجلّدة
جاءت أحداث العمل مترابطة حتى الثلث الأول من شهر رمضان، متسلحاً بعنصر التشويق، وصلابة الحوار المستمد من قسوة القلوب المتجلّدة في غابة البشر، حيث لا صوت يعلو على أزيز الرصاص، وفحيح الأفاعي التي تبث سمومها في بيئة يحكم فيها الشر قبضته الحديدية، فكيف يحيا الحمل الوديع في وكر الذئاب؟
في «عين الذيب» يثبت الفنان داود حسين غير ذي مرة أنه ممثل بمواصفات عالمية متفردة، ومتمكن من أداء كل الأدوار، تراجيدياً وكوميدياً، وتجلّى ذلك من خلال أدائه لشخصية «ذيب»، تلك الشخصية المتغطرسة، التي ترى الطيبين من البشر كما لو أنهم قطيع من الحملان.
أما الفنان إبراهيم الزدجالي الذي جسّد جانب الخير عبر أدائه لشخصية «صقر بن ضاوي»، فقد كان نداً لا يُستهان به لـ«ذيب»، سواء على صعيد التمثيل، أو في الصراع الدائر بينهما ضمن مجريات العمل.
احترافية وتألق
بدورها، لعبت الفنانة فاطمة عبدالرحيم دور «وضحى»، الذي قدمته باحترافية عالية، خصوصاً وأن التراث «ملعبها» ورأيناها في أعمال سابقة تقدم أفضل ما لديها، حيث نجحت بتجسيد أدوار مشابهة، وهي تتحرك بثقة عالية في البيئة القديمة والبيوت الطينية.
كذلك نجحت الفنانة شيماء سبت بأداء دور «خزنة» زوجة «ذيب»، عطفاً على ما قدمته الفنانة أمل محمد، حين لعبت دور «سما» التي تستسلم لقدرها بعد أن زوّجها والدها «صقر بن ضاوي» لابن عدوّه اللدود ظناً أنه بتزويجها إياه ستُحقن الدماء وتتصافى النفوس، غير أن «ذيب لا يهرول عبثاً».
كما أبدع موسى البقيشي بدور القاتل واليد الضاربة لـ«ذيب»، في حين تألقت الفنانة ريم ارحمة بشخصية «مها»، التي دأبت على تأنيب ضمير صقر ولومه باستمرار على بيعه لابنته بثمن بخس.
ولا نغفل الدور الفاعل والمؤثر للطفل الموهوب سيد محمود الموسوي من خلال تقديمه لشخصية «فارس». فبعد أن كبر، تولى الفنان محمد صفر مهمة أداء الدور بنجاح.
القفاص... القائد
تقنياً، يُحسب للمخرج القفاص أنه قدّم لنا عملاً مختلفاً تماماً عن كل ما شاهدناه في السابق من أعمال تولى إخراجها، مُفتتحاً من باب خبرته الطويلة مناطق جديدة، لم يسبقه أحد إليها، فشاهدنا مسلسلاً تراثياً بتقنية مُعاصرة، على جميع الصعد.
فإذا نظرنا إلى عناصر النجاح في المسلسل بنظرة تقنية لرأينا حزمة من الأدوات والمؤثرات التي نجح المخرج القفاص في توظيفها جيداً، أولها الموسيقى التصويرية، للموسيقار جمال القائد، فهي مزيج بين «الأبك» و«الأنستازيا» كما يقول مؤلفها.
ويضيف القائد لـ«الراي»: «لقد هاتفني المخرج القفاص، وطلب مني تلحين موسيقى غير تقليدية، فقلت إن الذي أعرفه هو أن العمل تراثي خليجي!... لكنه أوضح لي وجهة نظره وبأنه سيقدم (عين الذيب) برؤية سينمائية مختلفة عمّا شاهده المشاهد لهذه النوعية من المسلسلات. وبالفعل عندما شاهدت العمل انبهرت من طريقة الإخراج والحبكة القصصية».
وتابع: «كلفني التلحين للموسيقى التصويرية أكثر من شهر حتى استطعت تقديم مقطوعة وثيمة خاصة للمسلسل برؤية جديدة بالنسبة إليّ، ومُعاصرة لمسلسل تراثي، فأمضيت على خطى هذه الثيمة وعملت منها مجموعة ألحان تكميلية ومناسبة للأحداث».
وبالعودة إلى باقي المؤثرات، فقد استغل القفاص كل صغيرة وكبيرة، من تصاميم الأزياء التي جاءت مناسبة للبيئة الخليجية القديمة، مثل «العقال المُقصّب»، فضلاً عن الأزياء الشعبية للمرأة، وغيرها من الاكسسوارات، بالإضافة إلى المؤثرات الصوتية والمرئية، التي قدمت لنا متعة بصرية وسمعية، الأمر الذي أشعل جذوة الحماسة في نفوس المتابعين، وهم يترقبون بشغف ما ستؤول إليه الأحداث المقبلة.