No Script

من الخميس إلى الخميس

هلمّوا... هلمّوا

تصغير
تكبير

اقترب شهر رمضان، هلموّا معاً نستفيد منه.

هل لديك مشاكل صحية؟ تعاني من مشاكل نفسية؟ روحك قلقة، لم تتعرف على خالقها ولا تدري ما بعد الموت؟ كل الناس يعانون من شيء كثير أو قليل من ذلك، لهذا كان شهر رمضان، لقاءً سنوياً تتجدد فيه عناصر الإنسان الثلاثة، العنصر العضوي، العنصر النفسي والعنصر الروحي.

الصيام ضرورة لنا نحن البشر، والأدلة العلمية والعقلية بذلك أكثر من أن تُعد ولا يُنكرها إلا غافل، لهذا فرض الخالق سبحانه الصيام على كل البشر (كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون - البقرة 183).

الصيام فترات صيانة لنا من أجل المحافظة على عمل مكوناتنا بكفاءة، إذاً تعالوا نستفيد من شهر الصوم، إذا كنت تعاني من عِلّة صحية؛ أو ترغب في تقوية جسدك وتحسين وظائفه، وتقليل الشحوم عليه؛ فاستشر طبيبك لكي تجعل الصوم يعمل لصالحك وستنجح، لديك شهر كامل لإعادة صيانة أعضائك، فقط التزم بالصوم الصحيح الذي كتبه الله عليك؛ أوقف شهوة الأكل؛ ونظّم ما تأكله بعد مغيب الشمس، واجعل الحركة والنشاط صحبة مع الصيام وسترى كيف يتحسن أداء خلاياك.

إذا كنت تعاني من إحباطات نفسية أو قلق أو ملل فسترى في هذا الشهر، شهر الرحمة، كيف تَقوى نفسك بالصيام، وبالتواصل مع أقاربك وبرؤية أحبابك، ومع كل تقارب للأنفس تشعر أن ما تراكم عليك من تعب طوال العام يتلاشى، وأن نفسك تنجلي والثقة بها تزداد والأمل فيما هو قادم أصبح من جديد قريباً منك، فقط ﻻ تبتعد أو تنزوي بعيداً عن أنفس المسلمين، ففي هذا الشهر يشعر الصائمون ببعضهم ويتقوى كل واحد بالآخر؛ فالفقير تُسد حاجاته، والغني يُنفق مال الله فيرتاح، ويتواصل العالم الإسلامي كله ليطمئن بعضهم بعضا.

أما إذا كانت روحك تَعِبَة؛ وإيمانك يملؤه الشك بخالقك فلا تهرب بعيداً، استمع إلى آيات الله التي تُتلى عليك ليلاً ونهاراً، تمعّن في معانيها؛ وسيكون شهر القرآن هذا رحمة لروحك ومرشدا لها لتعرف أنك مخلوق في مخلوق في مخلوق، وأنك أنت والطبيعة من حولك والكون الذي فوقها على عظمته ليس إلا علامات دالة على خالق عظيم له الأسماء الحسنى، وأن عقلنا وعلمنا على ما وصل إليه ليس قادراً على بث الروح في خلية ﻻ تراها العين، وليس بقادر على استرجاع حبة سكر دخلت جوف ذبابة {يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئاً ﻻ يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب} (الحج 73)، ليس مثل رمضان شهراً ترى فيه الأرواح متفتحة للإيمان عطشى لكلمات الله العظيمة التي تلامس عقل العلماء، وأرواح العباد والنفوس المطمئنة، شهر رمضان فرصة للمتشككين والذين بعد لم يروا نور الله ليتعرفوا على خالقهم ولتسكن أرواحهم التي أتعبتهم طويلاً طويلاً.

بشهر رمضان نتقي عِلل الجسد، ونتقي انحرافات النفس، ونتقي شكوك الروح فسبحانه القائل (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان) إنه شهر الهداية؛ اقتربت أيامه فمن فرح به واستعد له نال منه الخير كله، وهل بعد راحة النفس واطمئنان الروح وصحة الجسد، هل بعد ذلك خير، إنه القريب القادم هلمّوا نستعد له.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي