ساهر... «يفوق الوصف»

No Image
تصغير
تكبير

المبدعون هم أشخاص يتميزون بأفكار جديدة ‏وغير مألوفة، ولهم القدرة والاستعداد والتفاعل المميز في مجالهم أو أكثر، ويُعتبرون هم الثروة الباقية ‏والحقيقية لأيّ مجتمع متطور.

حديثنا اليوم عن الأخ العزيز والشاعر الغنائي صالح عبدالله مدوه (ساهر) الذي قدّم الأوبريتات الوطنية والأغاني الرياضية ومقدمات المسلسلات التلفزيونية والبرنامج المنوعة، التي مازلنا نرددها ونحفظها، مع تميز بحرفيته العالية.

ساهر غرس نبتاته ببستان المجال الغنائي واهتم بها وحافظ عليها لتكبر كما كبر اسمه وأصبح يُشار إليه بالبنان.

‏بداية الثمانينات التقيت بالأخ العزيز صالح مدوه بمؤسسة السنام للإنتاج الفني (حولي).

وازدادت العلاقة يوماً بعد يوم، وجدت الهدوء والحكمة والذكاء الفطري بشخصيته.

طلب مني الذهاب معه للسوق لشراء بعض الاحتياجات، كنت سعيداً بهذه الدعوة، وركبنا سيارته (الكوبيه ذات اللون الأحمر) ولفت انتباهي (دفتر صغير) على التابلوه، قال لي افتح الدفتر وتصفحه... لحظة ثقة وشعور جميل أحسست به (استشراق للغد) وجدت خواطر وأبياتاً من الشعر ناقصة وكاملة، وشد انتباهي قصائد، وسألت: «بوفيصل، لمَنْ هذا الدفتر؟»... قال بعد تردد وابتسامة هادئة «إنه لي، أكتب بأوقات الفراغ كهواية! ولا أريد أحداً أن يعرف عنها شيئاً».

رجعنا بعد الانتهاء من السوق واستأذنت بوفيصل بأخذ «الدفتر الصغير» لأعرض ما فيه على الملحنين الأصدقاء. لكنه رفض الفكرة بالبداية. استغربت هذا الرفض، وبعد مرور الزمن عرفت لماذا كان رافضاً... لأنه شاعر مرهف الحسّ متخوّف من هذه التجربة بألا يتم قبولها ويُحبط، وذكّرني بعدم ذكر اسمي إلا إذا لاقت الاستحسان.

الكلمات مازالت بذاكرتي، وأخذت الدفتر الصغير مسرعاً للمكتب في العمارة نفسها، لأجد الملحنين الصديقين الأستاذ القدير الملحن سليمان الملا والمرحوم محمد الرويشد يتحدثان عن مشاريعهما الفنية المقبلة، والعود بجانبهما.

طرحت عليهما ما في داخل الدفتر الصغير، وقرأت عليهما ما أعجبني، فسألني الملحن سليمان الملا: «جمال... هذه الكلمات مُنْ قائلها؟» في البداية قلت له إنها لي. لكنه استغرب وقال لي «أرجوك مَنْ هو صاحبها؟»... فقلت له بعد إلحاح شديد، «لماذا؟»، فقال: «إنه كلام وخط شبابي جديد وممكن أن يُلحّن ويصبح أغنية ناجحة، جمل سهلة بها قوة المفردة».

أبلغته بعد إصرار، بناء على الاتفاق الذي تم مع بوفيصل، وقلت له: «إنها لصديقي صالح مدوه أبوفيصل، الذي يعمل في وزارة الداخلية»، وبالفعل أخذ العود وقام بتلحين مطلع الكلمات التي تبدأ بـ«يانبع الوفا».

أيضاً، الأستاذ الملحن محمد الرويشد اختار كلمات أخرى ويقول مطلعها: «من لي غيرك» وقدمها بعد ذلك الفنان محمد البلوشي، حيث إنها سجلت وطرحت بالأسواق قبل أغنية سليمان الملا «يا نبع الوفا» وبدأت العلاقة الفنية مع الفنانين والملحنين والمطربين، الكل يريد التعامل مع هذا الشاب الجميل، والأكيد أنه يمتلك مقومات الشاعر الناجح وصاحب المفردة السهلة - الصعبة في الوقت نفسه.

اقترح صالح مدوه أن يكون له اسم فني، وبعد تفكير واقتراحات، اقتنع باسم «ساهر»، وبرز الاسم وأصبح الآن أحد أعمدة الأغنية الكويتية.

* أمين صندوق «جمعية الفنانين الكويتيين»

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي