No Script

محادثات إسطنبول تحدث «خرقاً»... وروسيا تتعهد خفض عملياتها العسكرية

أوكرانيا تقترح «وضعاً محايداً» يصعب تحقيقه قانونياً والضمانات الأمنية لا تنطبق على القرم ودونباس

أردوغان يفتتح المحادثات الأوكرانية - الروسية في إسطنبول أمس 	(أ ف ب)
أردوغان يفتتح المحادثات الأوكرانية - الروسية في إسطنبول أمس (أ ف ب)
تصغير
تكبير

حققت محادثات السلام في إسطنبول، أمس، «خرقاً مهماً» على الطريق الطويل لوقف الحرب في أوكرانيا، حيت اقترحت كييف، تبنّي وضع محايد مقابل ضمانات دولية، في حين تعهدت روسيا، تقليص عملياتها العسكرية بشكل «جذري» في الشمال، بما يشمل المناطق القريبة من العاصمة كييف.

لكن مسألتي حياد أوكرانيا وعدم انضمامها إلى حلف شمال الأطلسي، تتطلب تعديلات على الدستور أو استفتاء، وكلاهما محظور في زمن الحرب.

وقال المفاوض الأوكراني ديفيد أراخميا للصحافيين عقب المحادثات، «نريد آلية دولية من الضمانات الأمنية تعمل من خلالها دول ضامنة بطريقة شبيهة للفصل الخامس من ميثاق حلف شمال الأطلسي، بل حتى بشكل أكثر صرامة».

وأشار إلى أن من بين الدول التي تود أوكرانيا أن تكون ضامنة، الولايات المتحدة والصين وفرنسا والمملكة المتحدة، بالإضافة إلى تركيا وألمانيا وبولندا وإسرائيل. وأضاف «إذا أمكننا تثبيت هذه البنود الرئيسية، وبالنسبة لنا هذا أهم شيء، فإن أوكرانيا ستكون عندئذ في وضع يوطد فعلياً وضعها الحالي كدولة غير عضو في أي تكتل وغير نووية في صيغة الحياد الدائم».

وأكد أن الظروف «كافية» لعقد اجتماع قمة بين الرئيسين الأوكراني فولوديمير زيلينسكي والروسي فلاديمير بوتين، الذي تلقى اتصالاً هاتفياً من نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، أمس.

ومع هذه الضمانات، فإن كييف «لن تنشر على أراضيها أي قاعدة عسكرية أجنبية» ولن تنضم إلى «أي تحالف عسكري سياسي»، كما أكد أوليكساندر تشالي، وهو مفاوض أوكراني آخر. وأوضح أنه يمكن مع ذلك إجراء تدريبات عسكرية في أوكرانيا بموافقة الدول الضامنة.

كما تطالب كييف بألا تحظر هذه الاتفاقية الدولية بأي حال انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي وأن تتعهد الدول الضامنة بالمساهمة في العملية.

وأشار أراخميا إلى أنه لدخول هذه الضمانات حيز التنفيذ في أقرب وقت ممكن، فإن أراضي القرم ودونباس الواقعة تحت سيطرة الانفصاليين «ستستبعد موقتاً» من الاتفاقية.

وتقترح كييف لحل القضية المتعلقة بشبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا في عام 2014، إجراء محادثات منفصلة تمتد لـ«15 عاماً».

في المقابل، قال كبير المفاوضين الروس فلاديمير ميدينسكي، إن موسكو خطت خطوتين باتجاه التقارب مع أوكرانيا، سياسياً وعسكرياً.

سياسياً، أكد ميدينسكي إمكانية عقد لقاء بين بوتين وزيلينسكي، «تزامناً مع توقيع وزيري الخارجية المعاهدة بالأحرف الأولى».

وعسكرياً، قال نائب وزير الدفاع الكسندر فومين، إنه «نظراً إلى أن المحادثات حول إعداد اتفاق في شأن وضع أوكرانيا المحايد وخلوها من الأسلحة النووية انتقلت إلى مرحلة عملية... تم اتخاذ قرار بتقليص النشاط العسكري في منطقتي كييف وشرنيهيف بشكل جذري».

وأوضحت موسكو لاحقاً، أن التعهد بخفض التصعيد حول كييف ليس وقفاً لإطلاق النار.

من جانبه، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو عقب ثلاث ساعات من المحادثات «إنه التقدم الأهم منذ بدء المفاوضات».

وبحسب وسائل الإعلام، التقى رئيسا الوفدين على انفراد على هامش المباحثات.

وكان في استقبال الوفدين، في قصر دولما بهجة على مضيق البوسفور، الرئيس رجب طيب أردوغان، الذي قال إن لدى روسيا وأوكرانيا «مخاوف مشروعة»، داعياً الجانبين إلى «وضع حد لهذه المأساة».

وذكر التلفزيون الأوكراني أن المحادثات بدأت «باستقبال فاتر (من الجانبين)» ومن دون مصافحة.

وأعلن الكرملين أن الملياردير رومان أبراموفيتش يقوم بدور وساطة في المحادثات، نافياً ما تردد عن احتمال تعرضه لتسميم.

ومحادثات إسطنبول، هي أول لقاء مباشر بين الجانبين منذ 10 مارس.

مقترحات خطية أوكرانية

كشف كبير المفاوضين الروس في المفاوضات مع كييف فلاديمير ميدينسكي عن الحصول على حزمة من المقترحات الخطية من الوفد الأوكراني خلال المفاوضات تتضمن:

1 - إعلان أوكرانيا دولة حيادية وغير نووية وقائمة خارج أي تحالفات على أساس دائم بموجب الضمانات القانونية الدولية، ويتم تقديم قائمة بالدول الضامنة.

2 - لا تنطبق الضمانات الأمنية على أراضي شبه جزيرة القرم ودونباس، أي أن أوكرانيا تتخلى عن محاولة استعادتها بالوسائل العسكرية.

وأشار ميدينسكي إلى أن هذا الطرح يعكس موقف كييف ولا يتوافق مع موقف موسكو، التي لا تعتبر القرم ودونباس جزءاً من الأراضي الأوكرانية.

3 - أوكرانيا ترفض الانضمام إلى التحالفات العسكرية، ونشر قواعد ووحدات عسكرية أجنبية واستضافة تدريبات عسكرية من دون موافقة الدول الضامنة، بما في ذلك روسيا.

4 - روسيا لا تعارض انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي.

5 - أوكرانيا تطلب صياغة القرار نهائياً في اجتماع بين الرئيسين.

ووصف ميدينسكي، المقترحات بأنها «خطوة بناءة نحو حل وسط»، مضيفاً أن روسيا ستدرسها، ومعتبراً أن «الطريق طويل لإعداد اتفاق بشروط مقبولة للطرفين».

حياد أوكرانيا... وضع يصعب تحقيقه قانونياً

باريس - أ ف ب - اعترف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، بأن مطالب روسيا بحياد أوكرانيا وعدم انضمامها إلى حلف شمال الأطلسي تُدرس بجدية، ولكنها تتطلب تعديلات على الدستور أو استفتاء، وكلاهما محظور في زمن الحرب.

- طموح «أوروبي - أطلسي» في الدستور

أعلن زيلينسكي في 15 مارس أنه «يجب الاعتراف» بأن أوكرانيا لن تكون قادرة على الانضمام إلى الناتو.

وفي إعلان فُسّر على أنه تنازل عن خطة الانضمام إلى الحلف، واعتبره جزء من الشعب الأوكراني غير مقبول، قال زيلينسكي «سمعنا لسنوات أن الأبواب مفتوحة، لكننا سمعنا أيضاً أنه لا يمكننا الانضمام. هذه هي الحقيقة ويجب أن نعترف بها».

ولكن ينص الدستور على تطلع أوكرانيا للانضمام إلى «الناتو»، وهو ما لا يجوز تعديله في ظل القانون العسكري الساري حالياً أو حتى أثناء حال الطوارئ.

ويجب الموافقة على التنازل عن هذا التطلع في جلستين برلمانيتين بغالبية 300 صوت من أصل 450 وأن تصادق عليه المحكمة الدستورية.

واعتبرت أولغا أفازوفسكا، مديرة منظمة «أوبورا» الأوكرانية غير الحكومية والمتخصصة بالانتخابات والاستفتاءات، أنّ التصريحات حول الناتو «نظرية».

وأضافت «أوكرانيا ليست مرشحة للانضمام إلى الناتو، وليس لديها خطة عمل للعضوية. ليس لتصريحات الرئيس قيمة قانونية، بعكس الدستور». وأكدت أن «الرئيس يتحدث عن محتوى المحادثات الجارية ومطالب الدولة المعتدية».

- «تنازل أقل إيلاماً»

يشير الباحث السياسي الأوكراني فولوديمير فيسينكو إلى أنّ «حالياً، لن يُجمع 300 صوت، ولكن إذا استمر الصراع وبدا واضحاً أنّ الناتو لا يساعد، فقد يتغيّر الرأي السائد».

وأضاف أن «خيبة أمل زيلينسكي من مساعدات الناتو غير الكافية تتجلى في الرأي العام... من جانبنا، يشكل الناتو التنازل الأبسط والأقل إيلاماً».

أكد آخر استطلاع أجرته مجموعة «رايتينغ» في بداية مارس، أنّ 44 في المئة من الأوكرانيين يعتقدون أن بلادهم يجب أن تنضم إلى الناتو، مقابل 46 في المئة قبل شهر، أي قبل الحرب.

وأكد المحلل السياسي ميكولا دافيديوك، المقيم في كييف، أنّ «الأوكرانيين يريدون الانضمام إلى الناتو، لكن إذا ضمنت أوروبا عضوية أوكرانيا في الاتحاد الأوروبي وعرضت خطة مالية لإعادة إعمارها، قد يُنسى النقاش في شأن الناتو لبعض الوقت».

وأضاف «إذا ضمنت بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة الأمن، وهي ثلاث قوى نووية، فإن مثل هذا التحالف سيكون أقوى من الانضمام إلى الناتو».

- استفتاء على «الحياد»

وأكد زيلينسكي الأحد في مقابلة مع وسائل إعلام روسية، أن قضية «حياد» أوكرانيا التي تشكل أحد البنود المركزية في المفاوضات مع روسيا لإنهاء النزاع، «تُدرَس بعمق».

وأضاف «نحن مستعدون لقبول»، أحد بنود المفاوضات الذي يتناول «الضمانات الأمنية والحياد، وأن تكون دولتنا خالية من الأسلحة النووية»، وهو أحد مطالب موسكو.

وتابع أن الاتفاق بين الجانبين «يجب أن تصادق عليه برلمانات الدول الضامنة»، مكرراً أنه سيتم عرضه على استفتاء.

وأكدت أولغا أفازوفسكا أن «الاستفتاءات مثل الانتخابات لا يمكن تنظيمها أثناء الحرب».

وأضافت «يمكن إجراؤها بعد انتهاء المرحلة المحتدمة. لكن يُرجح ألّا يؤيد المواطنون السؤال المطروح في الاستفتاء، وستكون السلطة مُلزَمة بأخذ النتيجة في الاعتبار».

وشدّدت «على أنه بعكس بلدان أخرى، فإن الاستفتاء في أوكرانيا ليس استشارياً، بل إنه ملزم ويجب أن تنفّذه مؤسسات السلطة».

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي