No Script

من الخميس إلى الخميس

الحكومة الرشيدة والحلم الذي تحقّق

تصغير
تكبير

الحكومة الرشيدة، أدام الله ظلّها مشهورةٌ جداً، فهي موجودة على كل لسان وبين صفحات التاريخ، وقد تتبّعنا أثرها بين أطياف الزمن فوجدناها مؤثرة على كثير من قياديي العالم، تأثيراً جعلهم يخرجون عن صمتهم ويجتهدون في وصفها، وبالطبع مثل تلك الأوصاف ومن أولئك المميزين يجب ألا تبقى طي الكتمان وعلينا نشرها حتى يعرف أولئك الواصفون أننا اليوم فهمنا ما وصفوه ولم تذهب جهودهم هباء؛ شكراً لكِ أيتها الرشيدة.

يقول برناردشو (الحكومة التي تنهب بيتر لتدفع لباول، يمكنها دائماً الاعتماد على دعم باول)، وبيتر هذا هو الشعب الذي يملك الأرض بخيراتها، وحتى يرتاح باول علينا أن نفهم ما قاله جلال عامر (إن منهج الحكومة أن تُهمل حلاًّ يحتاج إلى ملايين وتنتظر حتى يحتاج إلى مليارات)، وطبعاً نحن نعرف الآن هذه المليارات أين تذهب.

ويقول جون مارشال (الحكومة المُثلى هي حكومة القانون والمؤسسات، لا حكومة الرجال والأشخاص)؛ طبعاً أكيد يا مارشال أنت تقصدنا، أما هتلر فسبق أن قال (من حسن حظ هذه الحكومة أن شعبها لا يفكر)، ولكن من يُصدّق هتلر، وإن لم نُصدقه فليس أقل من أن تُصدّق الثائر العربي أحمد فؤاد نجم حين قال: (النخبة أصبحوا موظفين في الحكومة) النخبة موظفين لدى الحكومة! من هنا إذاً أتى مصطلح الرشيدة.

ويُشاركنا الأدب في وصف الحكومة الرشيدة؛ فسبق أن تكلم نجيب محفوظ قائلاً: (هناك نوعان من الحكومة، حكومة الشعب التي تُعطي الفرد حقه ولو على حساب الحكومة، وحكومة الدولة التي تُقدم حقّها على حق الشعب)، ابرهام لينكولن أيضاً كان متضامنا مع نجيب محفوظ بقوله: (إن الحكومة التي تُمثّل الشعب، وتُعيَّن من الشعب وتعمل لصالح الشعب لن تَفنى أبداً)؛ مصطلح لن تَفنى أبداً يعني تغيير الحكومة كل سنتين أو ثلاثة؛ وأحياناً بضع شهور... هذا هو الفهم الصح للذين لا يفهمون.

وطبعاً هناك من كان أكثر قسوة في اختيار ألفاظه، ونحن في الكويت لا نحب هؤلاء بل نحب (الرخيص والكويس) فنحن على (طمام المرحوم ) اللي ما يحب التطاول على أحد فما بالك بالحكومات!، يقول الكاتب باولو كويلو: (لا تسرق فالحكومة تكره من ينافسها)، ويقول بيل موري: (كذبُنا على الحكومة تلك جناية، وإن كَذَبَت الحكومة علينا فهي سياسة)، أما مدام بيرن فتقول: (الحكومة الصالحة يتكلم فيها القانون لا رجال القانون)، وطبعاً التعليق هنا ممنوع بحكم القانون.

ويشارك تشرشل كعادته في التلخيص بقوله: (كل شعب في العالم ينال الحكومة التي يَستحقُها) يعني وكالعادة الشعب هو السبب، هذا ما يحاول أن يزرعه المستعمر فينا، هكذا هم الإنكليز حتى لو انتهى زمنهم، أما المُفيد فهو ما قاله محمد بن راشد: (الحكومة ليست سُلطة على الناس، ولكنها سُلطة لخدمة الناس، لذلك فإن مقياس نجاح الحكومة هو رضا المتعاملين معها)، كلام محرج جداً يا شيخ، لأن نتيجة القياس للحكومة الرشيدة عندنا هو (لم يرضَ أحد)، ولكن بحمد الله ما زال لدينا دور ثانٍ لأننا جميعاً سنرضى في النهاية سواء بالجد أو بالتزوير.

يقول الكاتب خالد الخميسي: (إحنا عايشين في كذبة ومصدّقينها والحكومة دورها الوحيد تراقب ان كنا نحن مصدّقين الكذبة ولا لأ). فعلاً سؤال منطقي، هل نحن مصدّقون الكذبة؟ الجواب النهائي لدى قلة من المثقفين، لأن أكثرهم اليوم مع الحكومة، فقد نبَّهنا هيرتا مولر بقوله: (في كل ديكتاتورية يشارك عدد كبير من المثقفين في جرائم الحكومة)، ومن هؤلاء المثقفين، الذين يتبعون الحكومة، تأتي المعارضة وهي أيضاً رشيدة، يقول محمد الوشيحي: (المعارضة الجديدة، مصطلح اخترعه أنصار الحكومة المتنكرون )، يعني أخيراً (دهنّا في مكبتنا)، وتحقق الحلم.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي