No Script

مشاهدات

ماذا بعد؟

تصغير
تكبير

في هذا المقال سنتطرق لموضوع الجريمة، وهو عمل غير مشروع ويعتبر تجاوزاً وانحرافاً وخروجاً عن المبادئ الأخلاقية والدينية من أجل تحقيق مكتسب غير شرعي.

ما الذي يحصل في وطننا؟

لم نعد نقرأ صحيفة خالية من أخبار حول أبشع الجرائم التي ترتكب بحق آباء وأمهات وأبناء وأصدقاء... جرائم لا يمكن أن يتخيلها عاقل أو يصدقها إنسان، ببساطة نسمع ونشاهد ولا تعليق!

فخلال الشهر الجاري تناقلت الأخبار عن وقوع جريمتين مروّعتين هزتا وجدان كل إنسان يخاف الله، ففي الجريمة الأولى ارتكب أحد المجرمين من ذوي القلوب التي نزعت منه الرحمة وحلت محلها القسوة، وبغرض سرقة حفنة من المال والقليل من المجوهرات، تمكن من إزهاق 3 أرواح بريئة آمنة في منزلهم الخاص.

-الجريمة الثانية، قيام شقيقتين بقتل أمهما بطريقة وحشية تقشعر لها الأبدان، لم تراعيا صلة الرحم ولا كبر السن ولا الخوف من الله.

قال الله تعالى:«مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا».

حرّم الله سبحانه وتعالى سفك الدماء وإزهاق الأرواح تحريماً شديداً، ويدعونا إلى عدم التعرّض لحياة الإنسان بشمولية تامة بغض النظر عن الدين أو العِرق أو اللون، فالقتل من المحرّمات في الدين وعقوبته وخيمة في الدنيا وفي الآخرة، ففي الدنيا عقوبة القاتل القتل وفي الآخرة عذاب النار، كما أنه مذموم عند جميع المجتمعات والأديان، ولذلك عقوبة مرتكبه إعدام القاتل تطهيراً للمجتمع من الجرائم، التي يختلّ معها الأمن وتطهير الأرض من المفسدين.

وتنفيذ عقوبة الإعدام بحق هؤلاء المجرمين، من أجل الردع العام هو المطلوب خصوصاً في جرائم القتل العمد.

- القصاص ثابت في الدين «وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنفَ بِالْأَنفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ».

ففي القصاص حكمة كبيرة منها ردع الناس من سفك الدماء التي حرّمها الله حتى لا يطول النزاع، وينزع فتيل الفتنة والانتقام والثأر.

كما يجب عدم تأخير جلسات التقاضي، خصوصاً في هذه النوعية من الجرائم البشعة، وليتم إصدار الأحكام بوقت قصير، وتنفيذها بشكل فوري ليكون ذلك عبرة ورادعاً لمن تسوّل له نفسه بارتكاب مثل هذه الجرائم، التي تعرّض أمن وسلامة المجتمع للخطر.

الجريمة بين الأسباب والحلول

- أليس من الممكن أن يقوم أي انسان قريباً كان أو غريباً بجريمة نتيجة الضغط الكبير الذي يتعرّض له ولم يتمكن من التحمل؟

- أو نتيجة الإحباط والفراغ الكبير وعدم الإحساس بالوجود بالحياة يدفعهم لارتكاب الجريمة؟

- أليس من الممكن أن يقوم بالجريمة إنسان سويّ عندما يفقد التوازن ويغيب العقل والبصيرة في لحظة غضب؟

- أليس المشكلة الأكبر في جيل الشباب حيث تضاعفت وزادت الجرائم سواء المشاجرات والتحرش واستخدام الأسلحة البيضاء والدهس والسلب بالقوة وتناول الملوثات العقلية والمخدرات؟

- قد لا نحتاج إلى الكثير من التأمل والنباهة ونحن نعرّف أسباب الجريمة، والدوافع من ورائها، وقد كتب عنها الكثير من الكتّاب، لكننا من المؤكّد لن نقف مكتوفي الأيدي أمام هذه المعضلة الشائكة التي تهدّد حياة الإنسان.

وإذا كنّا جادين في ذلك فعلينا أن نبدأ من الأسباب الجذرية التي تقف وراء انتشار الجريمة، وعندها سنحتاج إلى الكثير من الدقة والتمعّن في التغيرات في الأفكار والقيم، أو التأثيرات السلبية الدخيلة على مجتمعنا، خصوصاً أننا أصبحنا نعيش في قرية كونية صغيرة جمعت بينها قنوات من التواصل الاجتماعي دون حسيب أو رقيب، ومن ناحية ثانية سنحتاج إلى دراسة الظروف النفسية التي تقف وراء الانحدار بالشخص وصولاً إلى تمكنه من ارتكاب الجريمة.

وتلك الجرائم تتطلب انتفاضة من المختصين والأكاديميين في الخدمة المجتمعية وعلم النفس لبحث ودراسة أسباب تزايد الجرائم ووضع خارطة الطريق لتلافي تفاقم تلك المشكلة الكبرى.

من هنا فقد تكون السبل الأكثر فائدة هي:

- زرع القيم النبيلة مثل التسامح، التعاون، الإخاء، حب الوطن في الأفراد.

- تعزيز الرادع الديني من خلال دور رجال الدين، والتربويين في المدارس للحث على القيم الرسالية والإنسانية والتركيز عليها، إذ ان العلاقة القوية مع الخالق تجعل من الإنسان أكثر تقبلاً وصلابة وتوازناً في حياته.

- إعادة تأهيل الآباء وتوعيتهم حول دورهم في التنشئة الصالحة للأبناء، وتعزيز الارتباط الأسري لأن التفكك الأسري هو من أحد أسباب انهيار الوضع النفسي عند الأشخاص، وبالتالي نشوء عقدة النقص التي تؤدي إلى الاضطرابات العديدة.

- تركيز المناهج التربوية في المدارس لحصص الإرشاد والتوجيه من خلال إدخال برامج الدعم العاطفي النفسي، وبرامج تقدير الذات، بما يساعد الأطفال والطلبة على امتلاك مهارات ذاتية والتعبير عن حاجاتهم ومشاكلهم دون عقد وفي الوقت المناسب.

- التشجيع على عملية التأهيل النفسي وزيارة الاختصاصيين النفسيين، وتأمين مراكز خاصة بهذا الهدف، تماماً كما يزور المريض أي طبيب حينما يشعر بأعراض جسدية. بما يتيح للمهتمين التعبير عن مشكلاتهم النفسية وتعلم طرق المعالجة.

- إعادة إحياء الندوات الثقافية والأنشطة الكشفية، والتشجيع على الألعاب الرياضية، فتح مجالات التطوع في الخدمة المجتمعية الهادفة إلى انخراط الشباب بشكل أفضل مع مجتمعهم، والتخفيف من الفراغ والانعزال الذي يعيشه الأبناء خصوصاً الشباب اليوم.

ختاماً،

تمثل الجريمة ظاهرة اجتماعية قبل أن تكون حالة قانونية، وتعتبر من أكبر المشاكل التي تواجه المجتمع فهي خطر يهدد الأمن الاجتماعي، يعود الإجرام لأسباب عديدة منها: غياب الوازع الديني وانعدام الرقابة، وسائل تكنولوجيا المعلومات والاتصال التي تعد سلاحاً ذا حدين، انعدام الحوار، البطالة، الفقر، الحرمان العاطفي وغيرها من الأسباب.

- تحية شكر وعرفان لكل منتسبي وزارة الداخلية، خصوصاً إدارة المباحث الجنائية على سرعة مسح مسرح الجريمة وكشف الجناة في وقت قياسي، وكذلك المطلوب في جرائم القتل عدم التهاون وفتح جميع الملفات العالقة والمقيدة ضد مجهول، والتحري من جديد لفك ألغاز الجرائم العالقة، كي يتم إلقاء القبض على المجرمين لينالوا عقابهم في الدنيا قبل الآخرة، وتعود الطمأنينة لقلوب أسرهم الكريمة وترقد بسلام أرواح الضحايا.

فلن تلتئم الجراح ولن تطمئن الأنفس إلّا بإحقاق الحق وكشف الحقيقة كاملة دون زيادة أو نقصان.

اللهمّ احفظ الكويت آمنة مطمئنة، والحمدلله رب العالمين.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي