No Script

القامة الوطنية سطّرت سجلاً حافلاً وصفحة مشرقة من صفحات الكويت

أحمد الخطيب... جرّاح السياسة

تصغير
تكبير

- الشيخ عبدالله السالم محتفلاً بتخرّج الراحل: وينك تشوف اعيالك يا الخطيب… واحد مُعلّم والثاني طبيب
- أستاذ الرياضيات «المُخيف»: أقِم الصلاة يا خطيب
- إبرة الخطيب كانت بشارة الشفاء للباحثين عن هزيمة الألم
- أسّس أول مجلة أسبوعية في الكويت حملت اسم «صدى الإيمان»

تسعة عقود ونصف العقد شكّلت سجلاً وطنياً وصفحة مشرقة من صفحات الكويت التي أحبّت الراحل الدكتور أحمد الخطيب، فبادلها حباً بحب وعطاءً بعطاء ولسان حاله يقول «وهل جزاء الإحسان إلّا الإحسان؟».

الطبيب الكويتي الأول والجراح الماهر المولود في العام 1927، الذي درس الطب في بلاد الأرز يحكي عن نشأته في مذكراته التي سطرها بيده وحملت عنوان (الكويت من الإمارة إلى الدولة - ذكريات العمل الوطني والقومي)، قائلاً: «في المدرسة المباركية أيضاً تبلور تديني، صلاة العصر تقام في المدرسة وكان الأستاذ جابر حديد أستاذ الرياضيات المخيف يناديني (أقِم الصلاة يا خطيب) لآخذ دور أخي عقاب بعدما سافر إلى البحرين للدراسة العام 1940».

وعن شرارة الاتصال بين الخطيب والفكر القومي، يقول الراحل: «في هذه الفترة تم الاتصال بي من قبل أحد الأساتذة بالجامعة لحضور حلقات ثقافية يديرها د. قسطنطين زريق عن القومية.

وقد علمت أن خليفة الغنيم، وكان قد تخرّج لتوه في الجامعة وكان يشارك في هذه الحلقات، ربما هو الذي رشّحني للحضور، فاستهوتني الفكرة، وكذلك وديع حداد، أما آمال قريان فلم تكن له اهتمامات سياسية ولذا لم يشارك في هذه الحلقات. وقد اتضح لنا في ما بعد أن هاجس د. زريق كان نشر الوعي القومي والتبشير به».

الخطيب الذي رافقه مصطلح «إبرة الخطيب» كون الإبرة التي كان يعطيها لمرضاه من عيادته فائقة التأثير في التعجيل بالشفاء، فضّل دراسة طب المناطق الحارة ليتمكن من الاستقلال بعمله الطبي عن الوظيفة الحكومية.

كان الراحل الكبير واضع اللبنة الأولى في الحركة القومية التي آمنت بالأفكار العروبية، ويحكي عن ذلك بقوله: «باشرت بتشكيل تنظيم الحركة القومية، وكانت الخلايا الأولى تتشكل من الذين عملت معهم في السابق ومن الناشطين الجدد، وتركز العمل على الخريجين والمعلمين وطلبة الثانوية وعمال النفط وصغار التجار».

ولإيمان الراحل بأهمية منظمات المجتمع المدني، قام مع آخرين بتأسيس النادي الأهلي، وهو نادٍ رياضي سرعان ما تشكّلت فيه لجنة ثقافية، ثم شارك في تأسيس النادي الثقافي القومي ليكون امتداده في الستينات نادي الاستقلال، كما أصدر مجلة شهرية هي «الإيمان» مع مجلة أسبوعية سماها «صدى الإيمان»، وتعتبر أول مجلة أسبوعية تصدر في الكويت.

وأفرد الراحل، مما خطه في أكثر من مكان، صفحات كثيرة للحديث عن علاقته بالشيخ عبد الله السالم،رحمه الله، لافتاً إلى أن الشيخ عبدالله السالم هو الذي نقل نفقات بعثته من المعارف إلى الصحة، يوم كان الخطيب طالباً.

وأشار إلى أن الشيخ عبدالله السالم استقبله حينما أتى بالشهادة خير استقبال، وارتجل له بيتاً قال فيه:

وينك تشوف اعيالك يا الخطيب... واحد معلم والثاني طبيب

وعن رؤيته لغزو العراق الغاشم بحق الكويت، يقول الراحل: «الحقيقة أن غزو العراق للكويت كان صدمة موجعة لأكثر الكويتيين الذين لم يبق شيء في مقدورهم لم يفعلوه لدعم العراق في حربه مع إيران.

فقد كان الدعم المالي والأدبي والإعلامي سواء من الناس أو الحكومة قد فاق كل التصورات. كانت الكويت حذرة في التعامل مع القضايا الصدامية بين الأطراف في المنطقة وتتحسب للنتائج بحيث لا تُحسب على طرف ضد آخر. ولكنها في الحرب بين إيران والعراق كانت مندفعة خلف صدام حسين.

ولنفترض أن الكويت أخطأت بحق العراق، أياً كان هذا الخطأ، فهذا ليس مبرراً لاحتلال البلاد.

فلو أن أي بلدين يحدث بينهما خلاف يقوم أحدهما باحتلال الآخر فإن هذا يصبح كارثة، ويعني هذا أن أي دولة صغيرة تختلف مع أي دولة أقوى أو أكبر منها معرضة للاحتلال، وهذا لا يجوز في أي عرف ولا أي قانون.

هذا المبدأ خطير. وكان بإمكان العراق أن يشتكي الكويت إلى جامعة الدول العربية أو الأمم المتحدة أو محكمة لاهاي الدولية أو تكليف وسطاء لحل الإشكال. كان يمكن حل أي إشكال بين الكويت والعراق بالطرق السلمية، ولم يكن هناك مبرر للحرب أبداً».

آخر ما سطّره الراحل

كان آخر ما كتبه الخطيب بمناسبة العيد الوطني وعيد التحرير، الشهر الماضي، «لنستذكر دور الشعب الكويتي وشهداء الكويت في الحفاظ والتمسك بهذا الوطن والدستور، الذي التفّ عليه كل الشعب لعودة الشرعية للكويت. كل عام والكويت بخير».

الجامعة الأميركية

يقول الراحل في مذكراته: «كان للجامعة الأميركية تأثير كبير في حياتي ومنهجية تفكيري، ولعل أبرز ما يميز الجامعة الأميركية ببيروت كون جسمها الطلابي حاضناً لخليط لا ينتهي، وتنوع لا حد له من الطلبة العرب وغيرهم من الأجانب، مسلمين ومسيحيين ويهوداً وربما ديانات أخرى».

مسيرة العطاء

• ولد الراحل في مدينة الكويت العام 1927.

• الشقيق الأصغر لرائد الحركة المسرحية عقاب الخطيب.

• بدأ حياته الدراسية في مدرسة المباركية ثم انتقل إلى مدرسة العنجري، حيث تعلّم فيها القرآن الكريم ومبادئ القراءة والحساب.

• التحق بالمدرسة الأحمدية في العام 1936 ثم بالمدرسة القبلية، إلى أن عاد مرة أخرى إلى المدرسة المباركية العام 1938، حيث تركها قبل أن ينهي السنة الأولى من الثانوية وذلك للسفر إلى بيروت في العام 1942 لدراسة الطب في الجامعة الأميركية هناك.

• تخرّج الفقيد في العام 1952 بتخصص طب عام وجراحة، وعمل مباشرة في المستشفى الأميري لمدة عام ونصف العام، ثم ذهب في دورة إلى لندن لمدة ستة أشهر لدراسة أمراض المناطق الحارة.

• عاد إلى الكويت العام 1954 وعمل بالمستشفى الأميري حتى العام 1957، حيث قدم استقالته وبدأ العمل في عيادته الخاصة.

• أول دكتور حاصل على شهادة الطب البشري في تاريخ الكويت.

• رئيس لجنة أطباء أمير الكويت الراحل الشيخ عبدالله السالم.

• أحد مؤسسي حركة القوميين العرب.

• خاض الراحل أول انتخابات للمجلس التأسيسي عن الدائرة الثالثة، وحاز المركز الأول بحصوله على 360 صوتاً، ثم ترشح لمنصب نائب رئيس المجلس التأسيسي العام 1963، وشارك في كتابة الدستور الكويتي.

• نجح في انتخابات نيابية عدة، ومثل الشعب في مجلس الأمة، حيث شارك بانتخابات مجلس الأمة في الأعوام 1965 و1967 و1971 و1975 و1981 و1985 و1992.

وقرّر بعدها اعتزال العمل البرلماني في العام 1996 لإعطاء فرصة للشباب في إكمال مسيرة البناء والإصلاح.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي