اكتشاف منشأة للصيد الجماعي في بادية الأردن ترجع إلى العصر الحجري الحديث

تصغير
تكبير

اكتشف فريق علميّ أردنيّ فرنسيّ مشترك من علماء الآثار في منطقة نائية في البادية الأردنية جنوب شرق، منشأة طقسيّة فريدة مخصصة للصيد الجماعيّ للغزلان، تعود للعصر الحجري الحديث، تستخدمُ المصائد الحجرية العملاقة (مصائد الطائرات الورقيّة الصحراوية)، وتعدّ هذه المصائد أقدم المباني الضخمة في جميع أنحاء العالم.

تتكون المنشأة من حجرين منصوبين يحويان تمثيلات مجسّمة بشرية، أطولها (بارتفاع 1،12 مترًا) ويحمل رسما لمصيدة حجرية ممزوجة بوجه بشري، ويعرض الحجر الثاني (ارتفاعه 70 سم) شكل رأس إنسان بتفاصيل منحوتة بدقة، وخلف هذين الحجرين تمّ اكتشاف الكثير من اللُقى الأثريّة، وهذه اللقى تتألف من 149 متحجرة بحريّة، تمّ ترتيب العديد منها بعناية ووضعها عمودياً واتباع اتجاه معين، إلى جانب مجموعة متنوعة من الأحجار ذات الأشكال الطبيعيّة غير العاديّة، بالإضافة إلى عدد من الأدوات المصنّعة غير الإشاعة، بما في ذلك الدمى الحيوانيّة والأدوات الصوانيّة الاستثنائيّة، وتمّ ترتيب جميع هذه اللُقى الأثريّة بالإضافة إلى مذبح طقسيّ حجريّ مع موقد مرافق له داخل نموذج معماريّ مصغّر لمصيدة «طائرة ورقية» بُني وسط موقع المخيم، وهذا هو النموذج المعماريّ الوحيد من نوعه المعروف حتى الآن في جميع أنحاء العالم في سياق العصر الحجريّ الحديث، هذا الاكتشاف غير مسبوق؛ لأنّه يشكل شهادة فريدة على ترتيب طقسيّ معقّد يعود تأريخه إلى العصر الحجريّ الحديث.

ويشكّل كل عنصر داخل هذه المنشأة مثالاً فريداً لهذه الممارسات الطقسيّة، ويعدّ التمثال واللوحة الحجريّة التي تحمل الشكل البشريّ والمصيدة من الأمثلة النادرة في سياق العصر الحجري الحديث في الشرق الأدنى من ناحية الحجم والمحتوى المميزين، كما وتقدم هذه الاكتشافات الحديثة مثالًا نادراً لبعض أقدم التعبيرات الفنيّة في الشرق الأوسط، وتشكّل هذه اللقى الأثرية مثالاً مقنعا للطبيعة الطقسيّة للمنشأة بما في ذلك الاستخدام غير المتوقع للمتحجرات البحريّة الطبيعيّة في العالم الرمزيّ والروحيّ خلال العصر الحجريّ الحديث، ويشير المذبح والموقد المرتبطان به إلى أنّ نوعاً من القرابين يجب أن يقدّم في عملية الطقوس، ويظهر من دلالات المصائد الحجرية كما يتضح من الرسم على أحد اللوحات وحتى في النموذج المعماريّ ثلاثيّ الأبعاد في المنشأة الطقسيّة إلى أنّ الصيد الجماعيّ باستخدام المصائد الحجرية كان في عمق الأنشطة الطقسيّة المعنيّة.

ومن المرجح أن تكون الرمزيّة المقدسة وأداء الطقوس مكرّسة لاستدعاء قوى خارقة للطبيعة من أجل عمليات صيد ناجحة ووفرة من الطرائد المراد صيدها، وفي هذا الصدد، فإنّ التركيب المكتشف ليس فريداً فقط بسبب حالة حفظه الاستثنائية، ولكن أيضاً بسبب حقيقة أنّه يلقي ضوءاً جديداً بالكامل على الرمزية والتعبير الفنيّ، وكذلك الثقافة الروحيّة لهؤلاء الصيادين المتخصصين في الصيد الجماعيّ للغزلان باستخدام المصائد الحجرية في العصر الحجريّ الحديث وغير المعروفين لغاية الآن.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي