No Script

فلسفة قلم

ألمانيا وروسيا... والأميركان

تصغير
تكبير

على ما يبدو أن الموضوع في المياه الدافئة كل يوم يتعمق أكثر، وكلما ازداد عمق الخلافات يتكشف لنا ترابط عميق في خيوط الأزمة، حقاً هذا الصراع عميق جداً وما يطفو على الساحة من تراشق كلامي وعناد وكبرياء ونشاهده بالعين المجردة بسيط مقارنة بتقارب قد يغيّر مجرى التاريخ.

هكذا بدأت أفكر... وسأترك الكلام المصفوف وأدخل في صلب الموضوع.

مع بداية الأزمة بدأنا نتحدث عن أسباب الخلاف بين حلف الناتو وموسكو، وطبيعة الصراع وسيناريوهات الاجتياح الروسي الذي

ما زال قد يحدث في أي لحظة، وأن تمدد الغرب ومحاولة تطويق روسيا والتضييق عليها اقتصادياً وتزويد الجيش الأوكراني بالسلاح المتطور لضرب الانفصاليين في إقليم (دونباس) هو ما استفز الدب الروسي ودفعه لهكذا ردة فعل، وهذا كله صحيح ولا خلاف عليه.

ولا أشك أيضاً شعور بوتين بالخطر الذي بدأ يقترب من شبه جزيرة القرم ومينائها (سيباستيبول) أحد الأسباب الرئيسية للحشد العسكري والأسلحة الهجومية الروسية التي وجهت بوصلتها نحو كييف للمرة الثانية، لقناعتي التامة بأن سبب اجتياحه شبه جزيرة القرم عام 2014 كان فقط لحماية ميناء سيباستيبول الأوكراني والذي كانت موسكو تملكه بصفة الإيجار وبأدب لعقود من الزمن قبل أن تتمرد عليها كييف في ذلك العام وتدفع الأخيرة لفسخ عقد الإيجار وتناله وضع يد.

وهذا كله مفهوم على اعتبار أن الموانئ الروسية أغلبها تعاني من التجمد لشهور في كل عام بسبب الصقيع ولا تنفع حينها كاسحات الثلوج غير أن المياه الدافئة في البحر الأسود هي الملاذ الوحيد والمنفذ من تجمد حركة الاقتصاد والتجارة والحركة العسكرية الروسية، ولعلي أستطيع ذكر مبررات أخرى لولا ضوابط المساحة وطبيعة المقال التي تحتم علينا الاختصار المفيد حتى لا يتململ عزيزي القارئ، ولذلك سأدخل في العمق وأختم.

مثلما ذكرت، كل ما سبق مفهوم عدا حالة الهيستيريا التي تداهم الرئيس الأميركي جو بايدن كل ليلة فيخرج في الصباح بتصريحات نارية يستفز بها الدب الروسي ويتخبط ولسان حاله يقول «أرجوك لا تتردد حطم هذا التمرد...» ثم يعلن أن أميركا لن تطلق طلقة واحده ضد روسيا إذا حدث الاجتياح! حتى بدت ملامح التعجب والنكبة على وجه الرئيس الأوكراني ورؤساء الغرب واضحة ولا تخفى على أحد.

وأنا كذلك كنت أتعجب من هيستيريا بايدن المريبة وتصفيقه الحار مشجعاً لاندلاع الحرب، حتى بدد تعجبي صديق ثاقب النظرة وقال لي «بعيداً عن أنابيب الغاز و(النوردستريمات)، فان رحيل حكيمة ألمانيا المستشارة ميركل وصعود حزب جديد ووجه ألماني جديد والتقارب اللطيف والود في العلاقة بين الألمان والروس في السنوات القليلة الماضية هو أكبر قلق يدك مضاجع الأميركان المتحكمين في القارة العجوز وفي ألمانيا الأسد النائم الذي قد يستيقظ في أي لحظة».

وهذه حقيقة تقارب الألمان والروس قد تغيّر مجرى التاريخ بطريقة ما ليست بالضرورة أن تكون عسكرية.

... لن أكمل لأن التاريخ يتحدّث.

HAMADALJEDEI@

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي