No Script

من الخميس إلى الخميس

العمّ بو محمد والوصيّة الباقية

تصغير
تكبير

لا أظن أنّ مواطناً كويتياً قرأ ما هو مكتوب في رزنامة العجيري يوم وفاة عمنا صالح العجيري إلا ورطّبت الدموع عينيه.

كتب رحمه الله (اغتنم خمساً قبل خمس، شبابك قبل هِرمك وصحتك قبل سقمك وغناك قبل فقرك وفراغك قبل شغلك وحياتك قبل مماتك).

إنه حديث نبوي عظيم، شاء الله أن يكون في رزنامة العجيري يوم وفاته وكأنها وصيته للجميع.

بهذه الوصية أغلقَ العم صالح العجيري كل ما يمكن للبشر اغتنامه، ففي حياته الطويلة رأى باباً يُغلق أمامه ولكنه كان يملك مفاتيح أبوابٍ أخرى، استمر في العمل بها، وحين ودّع الدنيا توقف ما يمكن اغتنامه وبقي له ما أوقفه من علم أو صدقة أو ولد صالح.

العم صالح العجيري، مثلٌ يُحتذى لحب العلم والتفاني فيه، وهو خير من يُقَدّم للشباب كمثال يُحتذى من أجل إحياء صورة العلماء والمفكرين في نفوس شبابنا ليتخذوهم مثلاً يَقتدون بهم.

الشباب لدينا يتعرفون على رموز صنعتها لهم السياسة أو التجارة أو الطرب والتمثيل، ولكنهم يُحرمون من أمثلةٍ حية للعلم والفكر والثقافة، أمثلة نحن بالفعل محتاجون إليها، بل نحن عطشى لها.

أي بلد يبحث عن التقدم والرقي لا بد له من جيش من العلماء والمفكرين، جيش يتقدم الصفوف ويَبقى علماً يعرفُهُ الجميع، وتُلامس صورته وأعماله مخيلة الأجيال الصاعدة، بهذا نصنع أحلام الشباب لتكون تلك الأسماء أمام أعينهم يسعون جاهدين لتقليدها.

انظروا اليوم إلى رموز المجتمع الذين يصنعهم الإعلام، كم واحد منهم تتمنى أن يكون ابنك مثله!

رحل العم صالح العجيري بعد أن ملأ لنا صفحات من العلم النافع والجهد المستمر، ولكنه لم يُغفل حق الذين ما زالوا يتنفسون فأهداهم ذاك الحديث النبوي ليرشدهم إلى المعنى الحقيقي للعطاء، وأدواته الناجحة.

فكل واحد منا صغيراً كان أم كبيراً يستطيع أن يُقدم شيئاً لأمته، ما عليه إلا أن يغتنم ما بين يديه... شباب، صحة، مال، فراغ؛ فإذا لم تكن تملك كل ذلك فما زلت تملك الحياة وهي نعمة عظيمة تستطيع بكلمة فيها أن تنقذ أرواحاً.

رحم الله العم صالح محمد العييري وأسكنه فسيح جناته، وعوّضنا بمن يحافظ على شُعلة العِلم مضيئةً بيننا.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي