بالهمس

على ضفاف النيل

تصغير
تكبير

كانت الخطة التوجه إلى مصر في زياره خاطفة لحضور مؤتمر في 6 أكتوبر.

لكن القدر رسم لي زياره أفضل وأجمل مما توقعت، خاصة أنني التقيت بأصحاب توقعت أني لن أراهم مرة أخرى، أحسست بالانتعاش كمن نفض عنه التعب... أبهروني بكرمهم و باحتفائهم بي.

وسعادتي كانت مضاعفة لأنهم كانوا قادرين على تذكيري بما كنت عليه.

لا سيما أن سنتين من كورونا كانتا قادرتين على تغيير الكثير من شخصيتي. َ

حالي كحال الكثيرين ممن شعر أن الزمن قد توقف به.

الرحلة على النيل كانت ساحرة وخيالية.

وكم تمنيت لو استطعت تكرارها، إلا أن ضيق الوقت منعني من ذلك.

أغاني عبدالحليم وأم كلثوم تصدح بصوت مغنٍ في خان الخليلي، والشاي بالنعناع يدفئ الجو.

ولعل الأجمل، وما زادني حيرة و استفهاماً زيارتي لميدان التحرير،

فبدأت الأسئلة تنهال مني سؤالاً بعد آخر، عن الربيع العربي ورياح التغيير التي ما لبثت حتى خمدت.

كانت الرحلة آسرة بكل ما تعنيه الكلمة.

وعلى الرغم من كوني محبة للكتب، إلا أن هذه الرحلة أثبتت لي أن الكتب وحدها ليست كافية، ولا تغني أبداً عما يمكن أن تراه عيناك وينطبع بذهنك.

فمشاهد القنوات التلفزيونية كانت حاضرة في ذهني... مصر أثناء الثورة وما بعدها.

والممتع أن يشاطرك التفكير صديق يفكر بعمق و بجرأة. أليست هي جزءاً من طباع المحامين.

العاصمة الإدارية الجديدة وقطارات وأنفاق تحت الأرض جزء من مصر بعد الثورة.

ولكي تنجح تحتاج للاستثمار في البشر وقد عرفت أنه قد تم توكيل مهمة تدريب الشباب على يد شركات أجنبية لمدد محددة، فواقعياً لا يمكن أن تنجح الدول وهي لا تستثمر في أبنائها، فهم اللبنة الأولى في تطور الدول، وجل ما يحتاجونه إعطاؤهم الفرصه لإبراز مواهبهم إضافة للعدالة الاجتماعية وستنبهر بكفاءتهم، ولعل هذا ما نفتقده في العالم الثالث.

حديثي مع نجلاء أيضاً كان ممتعاً للغاية، نجلاء التي حدثتني عن تجربتها كأم وزوجة بعفوية لا تضاهى، ولأن لا شيء من الممكن أن يكون كاملاً.

ولأننا نمر بالأسوأ لندرك قيمة الأفضل، فقد مررت بالنقيضين في 48 ساعة.

فندق لا يكترث بنزلائه أبداً، وفندق قسم العلاقات يتصل ليتأكد أن كل شيء على ما يرام.

ويمر مسؤول صباحاً ليتأكد أن نزيل الفندق لا ينقصه شيء.

وفاطمة من قسم التنظيف تتصل لأني لم أرد على طرق الباب، بل والموظف يضع الطعام والشراب على البوفيه لنزيل مصاب في ظهره.

وهنا أيضاً أيقنت ضرورة أن يكون الموظف مرتاحاً في عمله.

صاحب العمل يقدر موظفيه ولا «يغلبهم»، فيعملون بإخلاص وبشغف ولا يكون جل همهم قبض مرتب آخر الشهر.

فالتقدير في أي علاقة كان من شأنه أن يرفع من قيمة تلك العلاقة، ويجعلنا كأشخاص أفضل، لا سيما ونحن نعلم يقيناً بأن جهودنا لا تضيع عند رب العمل، و يكفل ديمومة العلاقة.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي