No Script

«غلوبل فاينانس»: الكويت استجابت بسرعة لـ الجائحة.. والخلافات السياسية تبطئ أجندة الإصلاح وتزيد ضعف الاقتصاد الكلي

الكويت استجابت بسرعة لـ الجائحة..والخلافات السياسية تبطئ أجندة الإصلاح لاقتصادي الكلي
الكويت استجابت بسرعة لـ الجائحة..والخلافات السياسية تبطئ أجندة الإصلاح لاقتصادي الكلي
تصغير
تكبير

قالت مجلة غلوبل فاينانس إن الكويت استجابت بسرعة للجائحة، لكن الخلافات السياسية تبطئ أجندة الإصلاح وتزيد من ضعف الاقتصاد الكلي.

وأشارت إلى أن عبدالوهاب الرشيد كتب تغريدة في نوفمبر 2021: «الإصلاح الاقتصادي حاجة ملحة، وليس ترفاً». بعد بضعة أسابيع، تلقى مكالمة هاتفية من مكتب رئيس الوزراء لتولي منصب وزير المالية الجديد، لتتساءل المجلة هل هي فرصة ذهبية أم هدية مسمومة؟.

منذ 2012، أصبحت وزارة المالية باباً دواراً، والرشيد 37 عاماً ثامن وزير يتولى هذا المنصب خلال 10 سنوات فقط. ولإحداث فرق، ترى «غلوبل فاينانس» أنه يتعين على الرشيد أن يسير على خط رفيع بين تطلعه للإصلاح وواقع السياسة الكويتية.

ولفت التقرير إلى أن الكويت دولة صغيرة، تتمتع بثروة هائلة تستحوذ على 8.5 في المئة من احتياطيات النفط العالمية، وتحتل المرتبة الأولى بين الدول الخمس الأكثر ثراءً من حيث نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، موضحا أنه في ظل وفرة الاحتياطيات المالية، دخلت البلاد الجائحة من موقع قوة، وتعافى النمو ببطء في 2021 ومتوقعة ارتفاعه إلى 4.3 في المئة هذا العام.

وعلى عكس غيرها من منتجي الطاقة، لم تفعل الكويت الكثير لتنويع اقتصادها، وهذا هو الموطن الذي تكمن فيه أكبر نقاط ضعفها، إذ لا تزال صادرات النفط تشكل أكثر من 90 في المئة من الإيرادات و90 في المئة من الصادرات و50 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، ما يجعل البلاد شديدة التأثر بتقلبات الأسعار.

وفي أعقاب انخفاض أسعار الطاقة 2020، سجلت الكويت عجزاً تاريخياً في الميزانية قدره 36 مليار دولار، بزيادة 175 في المئة عن 2019.

حرية نادرة

من ناحيته قال، أستاذ الاقتصاد المساعد في جامعة الخليج للعلوم والتكنولوجيا عبد العزيز العصيمي «مشكلة الاقتصاد الكويتي لا علاقة لها بصدمة الجائحة، بل ناتجة عن أسباب هيكلية».

وبحسب المجلة، من أهم الأولويات على جدول الأعمال إقرار قانون الدين العام. فعلى عكس معظم الدول، لا تستطيع الكويت اقتراض الأموال من الأسواق الدولية، لعدم وجود تشريعات، حيث تتمتع الكويت بحرية تعبير نادرة وحياة سياسية حية، ولكن عملية صنع القرار معقدة. لافتة إلى أن معظم الإصلاحات كانت في طريق مسدود منذ سنوات، حيث تطغى فضائح الفساد والاحتيال على المفاوضات باستمرار، وبالنسبة للعصيمي رأى أنها «مسألة ثقة، والناس لا يثقون في إدارة الحكومة للديون بحكمة».

ولفتت المجلة إلى أنه في غياب الإصلاح، يجب على الدولة أن تسحب من مدخراتها لتمويل الإنفاق الضخم. رغم أن صندوق الثروة السيادية ثالث أكبر صندوق في العالم بحجم أصول يزيد عن 700 مليار دولار، إلا أن الهدف من تأسيسه دعم الأجيال القادمة عند نفاد النفط، وليس النفقات اليومية.

من جهته أشار الرئيس التنفيذي لشركة المركز المالي الكويتي «المركز»علي خليل إلى أن عدم وجود قانون للدين العام يعني إدارة أي عجز مالي من خلال السحب من الاحتياطي. وقال «لا يمكن السماح باستمرار مثل الفجوات في التمويل- وبوجود قانون للدين أو بدونه، يجب على الحكومة تنفيذ إصلاحات في جانب الإيرادات والإنفاق».

تشجيع النمو

ولفتت المجلة إلى أن المبادرات لفرض ضرائب جديدة، مثل ضريبة الدخل على الأفراد أو ضريبة القيمة المضافة على المشتريات، وصلت إلى طريق مسدود في مجلس الأمة.

وفي هذا الخصوص قال الرئيس التنفيذي السابق لـشركة «المركز» مناف الهاجري، «نمط الحياة الكويتي موضوع حساس ولن يكون من السهل تغييره بين عشية وضحاها. ولكن هناك قدراً كبيراً من عدم الكفاءة في النظام لدرجة أن الإنتاجية يمكن أن تشهد مكاسب هائلة، حتى بينما يستمر الناس في التمتع بامتيازاتهم»

علاوة على ذلك، تعيق صعوبة تطبيق الإصلاح قدرة الكويت على التوسع في الأنشطة الاقتصادية غير النفطية، سيما وأن استراتيجية الدولة للتنويع من خلال رؤية 2035، تتضمن خطط بنية تحتية كبيرة - مثل الجزر والموانئ والمدن الجديدة تماما - لتحويل الكويت إلى مركز إقليمي وخلق ما يصل إلى 400 ألف فرصة عمل.

صعوبات التنويع

ولتمويل هذه الأحلام الهائلة، تراهن السلطات على ازدهار الشراكات بين القطاعين العام والخاص وزيادة الاستثمار الأجنبي المباشر 300 في المئة. لكن حتى الآن، لم ينفذ سوى القليل من الخطط، فيما تعاني معظم المشاريع من التأخير.

ورغم الجهود المبذولة لتحسين بيئة الأعمال من خلال قانون الإفلاس الجديد، والإعفاءات الضريبية والسماح بالتملك الأجنبي 100 في المئة للشركات، فإن عملية ترسية العطاءات للمشاريع الكبرى لا تزال قيد التدقيق من قبل مجلس الأمة - ما يوسع المفاوضات ويعقدها.

وبشكل عام، لا يزال الاستثمار الأجنبي المباشر الوافد دون الهدف المأمول، وتستثمر الكويت أموالاً في الخارج أكثر مما تستقطبها. ففي العام الماضي، استثمرت البلاد 32 مليار دولار في الخارج بينما جذبت 14 ملياراً، وفقاً لصندوق النقد الدولي.

وكانت شركات تكنولوجيا المعلومات والشركات اللوجستيكية الراغبة في تعزيز وجودها في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من أحدث المستثمرين. فقد افتتحت عملاق الطيران والفضاء الأميركية بوينغ مكتبا جديداً لها، ومن المقرر أن تلحق بها عما قريب شركة أمازون لخدمات الانترنت بافتتاح مركز للبيانات. وحسب تقارير إعلامية محلية فان غوغل وقعت أيضا اتفاقية لانشاء عمليات بيانات وسحاب في المنطقة.

ويبقى القطاع المصرفي الكويتي بين الأقوى في المنطقة وركيزة للنمو. فالبنوك تتمتع بمستويات رسملة عالية وسيولة وافرة. وفي النصف الأول من 2021 بلغ معدل تغطية السيولة 174 في المئة بينما بلغ معدل كفاية رأس المال 18.7 في المئة متجاوزاً بكثير المستويات المطلوبة.

ويقول الرئيس التنفيذي لمجموعة «بيتك» بالتكليف عبد الوهاب الرشود «القطاع المصرفي يبقى مرنا مع ربحية مستقرة وجودة أصول سليمة».

وفي حين واجه معظم اللاعبين الاقتصاديين بعض التداعيات من الانخفاض في إيرادات الدولة بتأثير من انخفاض أسعار النفط فان البنوك عبرت الجائحة بيسر نسبي بفضل المصدات القوية والسياسات الحصيفة من الإدارات.

ويقول الرئيس التنفيذي لمجموعة البنك الأهلي الكويتي جورج ريشاني «لقد اتخذ بنك الكويت المركزي خطوات لاصلاح القطاع المالي قبل سنوات من الجائحة. وكان صارماً فيما يتعلق بالسيولة ورأس المال ولذلك كنا مستعدين عندما جاءت الجائحة».

أما الهاجري، الذي يرى مجالا للنمو من خلال التصدي لجوانب عدم الكفاءة في الاقتصاد، فانه يعتقد أن التمويل يمكن ان يقدم خريطة طريق لصانعي السياسة ولصانعي القرار في الشركات على السواء. ويضيف:«قطاع التمويل الأفضل تنظيما في الكويت بفضل هيئة أسواق المال والبنك المركزي. وهذا يشكل نموذجاً يجب على القطاعات الأخرى أن تقتدي به».

وقالت المجلة إن القطاع المالي في الكويت لم يتضرر من الأحداث الأخيرة وأنه مستعد لمواجهة تحديات جديدة، مثل تطوير الموارد البشرية والابتكار.

وأضاف الرئيس التنفيذي لبنك بوبيان عبد الله التويجري «مع انتقال الصناعة المصرفية إلى ما وراء نموذج الأعمال المصرفية، ستحتاج البنوك المحلية إلى توسيع قاعدة الموظفين لديها وجذب أنواع جديدة من المواهب. وستحتاج البنوك إلى مجموعة مهارات جديدة تتماشى مع نماذج أعمالها المتغيرة وفهم عملائها بشكل أفضل، وإلى علماء بيانات وباحثين ومتخصصين في الذكاء الاصطناعي ومصممي مرئي وتسويق رقمي وخبراء إعلام ومطورين ومتخصصين في تجربة العملاء، فضلاً عن تعيين علماء نفس وخريجي تخصصات فلسفة ومهارات متنوعة أخرى يمكن أن تجلب وجهات نظر جديدة».

من جانبه، قال الرشود: «لقد علمنا العامان الماضيان العديد من الدروس حول التكيف مع التغيير، والتعامل مع الأزمات، وجود مراكز مختلفة تجاه المخاطر وإعادة تشكيل الأولويات. والأهم من ذلك، تعلمنا أن التحول الرقمي ليس خيارا بل ضرورة، وأن الأهم هو تقديم خدمات دون انقطاع للعملاء».


وبحسب المجلة لا تزال الآفاق الاقتصادية على المدى الطويل غير مؤكدة للكويت إذا استمر اعتمادها على أسعار النفط. ولكن إذا تمكنت من التغلب على العوائق السياسية، فإن الدولة لديها كل ما يلزم لتغيير حظها واللحاق بجاراتها خليجياً.

استعادة عافية المبادرين بطيئة

لفتت المجلة إلى أن هنالك بطء في استعادة شركات المشاريع الصغيرة والمتوسطة لعافيتها رغم الصندوق الخاص الذي أنشىء لها 2013 بحجم بملياري دينار. موضحة أن هناك قصص النجاح وبشكل خاص في تكنولوجيا الغذاء وإن كانت البيئة العامة للمشاريع الناشئة في الكويت لا تزال تفتقر الى المحفزات والرعاية ورأس المال الاستثماري وشبكات المستثمرين الجماعيين.

وذكرت المجلة أن ريادين كثيرين يشتكون من أن الافتقار إلى الدعم الحكومي يدفع بالأعمال إلى الخروج من البلاد عندما تسعى الى الحجم، مبينة أن هذه ليست نهاية الطريق، فعندما يحين الوقت المناسب ستتيح الاحتياطيات المالية الضخمة والقطاع المصرفي المتين للكويت إمكان تنفيذ إصلاحات من موقع القوة، كما يشير صندوق النقد الدولي في أحدث تقييماته.

استعادة مركز الكويت المالي بخفض الإنفاق العام

بين التقرير إنه لاستعادة المركز المالي للكويت، تحتاج البلاد إلى خفض الإنفاق العام، وخاصة على الأجور، إذ توظف الدولة حاليا أكثر من 80 في المئة من الكويتيين. وتمثل رواتبهم، إلى جانب الدعوم والبدلات الخاصة، 70 في المئة من الميزانية وتستمر في الزيادة كل عام، رغم الضغوط الدولية للحد من خلق المزيد من فرص العمل في القطاع العام وتشجيع نمو القطاع الخاص.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي