مظاهر بهجة وفرح وتقاليد تقترب من الخرافات

ليلة رأس السنة حول العالم

تصغير
تكبير
|إعداد- علاء محمود|

ثماني وأربعون ساعة من الوقت، تفصلنا عن العام الجديد2010، وبدأ عام 2009 بحزم امتعته استعداداً للرحيل، ليسلم عهدة القدر للعام الجديد البشرية أجمع عاشت العام الراحل بحلوه ومره، بأحزانه وأفراحه كما عاشت أيامه التي حفرت ذكرياته السعيدة والحزينة في القلوب والعقول.**

في هذه اللحظات الباقية، العالم بأكمله يتأهب لاستقبال ضيفه المقبل، عام 2010، كل حسب عاداته وتقاليده، العام الذي لا أحد يعلم ماذا يخبئ في طياته وصفحاته، فمن المحتمل ان تكون كلها أوراقاً بيضاء مليئة بالحب والسلام، وربما تكون سوداء تطغي عليها الأحزان، ولا أحد يعلم، لربما تكون خليطاً ما بين الحزن والفرح.

وفيما يلي بعضاً من طرق الاحتفال بالعام الجديد في بعض دول العالم الغربي والعربي:

بداية سنحط في أوروبا، حيث يحتفل الشعب الألماني عشية يوم الـ 31 من ديسمبر عادة بانتهاء عام، وبداية عام جديد. ويُطلقون على هذا الاحتفال اسم «سيلفستر». ففي هذا اليوم تفتح المحلات التجارية في ألمانيا وتحديداً العاصمة برلين أبوابها حتى منتصف النهار. اما في فترة ما بعد الظهر فيبدأ الناس بتحضير الطعام والشراب للاحتفالات المقامة في المساء، والتي يغلب عليها المرح والسرور. ويبلغ الاحتفال ذروته عند منتصف الليل، عندما تشير عقارب الساعة نحو الثانية عشرة معلنة بداية السنة الجديدة. فترى الملايين عند بوابة «براندنبيرج» يهنئون بعضهم البعض بالقبلات والعناق وتتقارع الكؤوس في نخب العام الجديد. وبعد ذلك ببضعة دقائق يرى المرء أشكالاً بديعة من الألعاب النارية تملأ سماء برلين، وتسمع أصوات أجراس الكنائس التي تدق ابتهاجاً بالعام الميلادي الجديد.

أما في العاصمة اليونانية أثينا فيكتظ معبد «أكروبوليس» بالسكان للاستمتاع بأضواء الألعاب النارية وتوديع العام الحالي واستقبال العام الجديد.

وننتقل الى القارة الأفريقية السوداء، اذ يحتفل غالبية دول القارة برأس السنة الميلادية، رغم ان معظم هذه الدول لا تعتبره عيداً رسمياً. وتأخذ مظاهر الاحتفال هناك أشكالاً مصغرة لمظاهر الاحتفال في الدول الأوروبية، وتتمثل في الحفلات الغنائية واطلاق الألعاب النارية لحظة دخول السنة الجديدة، بالاضافة الى التجمع في الشوارع والأماكن العامة. ففي القاهرة، يتجمع الناس عند «كورنيش» النيل وبرج القاهرة والجسور الرئيسية ليطلقوا الألعاب النارية. وتُستغل الأهرامات ويُقام تحتها حفلات غنائية ضخمة، ويحضر الى هذا النوع من الاحتفالات كبار الشخصيات السياسية والفنية. والاحتفالات في القاهرة بوجه عام لها طابعها المميز مقارنة ببقية البلدان العربية. أما في السودان، فهناك طقوس أخرى، حيث يخرج الناس الى الشوارع الرئيسية لاطلاق الألعاب النارية، وبدأت هذه الظاهرة في السودان خلال السنوات العشر الأخيرة. ويقوم الشباب بالتجمع في الشوارع العامة ورش السيارات والمارة بالماء تعبيراً عن فرحتهم. كما تقام حفلات شعبية في أغلب الأحيان وتتجمع غالبية الناس في البيوت لمتابعة أحداث الاحتفالات في البلدان الأخرى عبر التلفاز، والاهتمام أكثر بالسهرات التلفزيونية الخاصة في هذا اليوم.

ولو حلقنا بعيداً نحو اليابان، حيث يطلق الشعب الياباني على احتفالية ليلة رأس السنة اسم «الشوجاتو». ويرافق هذا الاحتفال العديد من الألعاب والتقاليد اليابانية القديمة المأخوذة من التراث، كذلك يتفنن الشعب بأجمعه في عمل الديكورات الخاصة بهم، أكثر من أي احتفالية أخرى من المناسبات، حيث يتم تزيين الابواب بحبال خاصة تسمى «الشيميناوا» اذ يعتقدون بانها تجلب الحظ الجيد لهم وتطرد الأرواح الشريرة.

الأطفال في هذا اليوم يلعبون بعدة ألعاب يابانية قديمة مثل «التاكو آجي»، وهي لعبة الطائرات الورقية، وكذلك لعبة «هانيتسوكي» وهي لعبة يلعبها الفتيان والفتيات معاً، والخاسر يخضب وجهه بالحبر الهندي. اما الكبار قيقومون بممارسة بعض الطقوس لطرد الأرواح الشريرة مثل طقس «الشيشيميامي»، وفيه يقوم أحد الاشخاص بارتداء فروة ورأس أسد، ثم يقوم بالرقص بين المنازل لطرد الأرواح الشريرة.

وبالنسبة للطعام ففي هذا اليوم، تقدم وجبات خاصة مثل «الأوسيتشي»، وهي وجبة شعبية عبارة عن أربع علب من الطعام توضع فوق بعضها البعض.

أما في الفيليبين فيتجمع المحتفلون عند تمثال «جابريلا سيلانج» في مدينة مكاتي بانتظار قدوم العام الجديد، لتضاء بعد ذلك السماء بالألعاب النارية.

ونحو الثلوج البيضاء في روسيا، وتحديداً موسكو حيث يتجمع السكان في «الساحة الحمراء» عند بناية الكرملين، لمتابعة العد التنازلي للدقائق الأخيرة من العام لتوديعه واستقبال الجديد بالألعاب النارية وتبادل التحايا والانخاب.

وختاماً نحط جولتنا لنسلط الضوء على مظاهر الاحتفال في القارة البيضاء، أستراليا، حيث يتجمع الناس في مدينة سيدني فوق «مرفأ سيدني» لمشاهدة الألعاب النارية في ليلة رأس السنة.



مأكولات ليلة رأس السنة

لكل شعب مراسيمه الخاصة في اعداد الطعام الخاص بليلة رأس السنة، وتختلف هذه الوجبات باختلاف العادات الثقافية والاعتقادات الدينية وغيرها في بلدان العالم. الامر الذي جعل هذه الوجبة تأخذ أشكالاً عديدة وانواعاً مختلفة، وسنذكر على سبيل المثال بعضاً من عادات تلك البلدان في الطعام:

* الفرنسيون يستقبلون العام الجديد بشرب الخمور القديمة المخزونة في بيوتهم، اعتقاداً منهم بان هذه الخمور قد تسبب الشر والضرر اذا بقيت مخزونة حتى مطلع السنة الجديدة. لذلك يفضلون شربها كلها بدلاً من تركها مخزونة في بيوتهم.

* وفي بولندا تقوم الفتيات البولنديات في ليلة رأس السنة بتزيين انفسهن على شكل الأرنب، ويأكلن الخضروات فقط، معتقدات بان ذلك يجلب التوفيق والسلامة والخير الدائم في السنة الجديدة.

* أما شعب الباراغواي فيمتنع عن تناول الاطعمة الساخنة لمدة خمسة أيام قبل حلول عيد رأس السنة الجديدة، سواء كانوا من قادة الدولة والحكومة أو المواطنين العاديين، ويتناولون فقط المأكولات الباردة. ومع الساعات الأولى من السنة الجديدة يبدأون باعداد الاطعمة المختلفة على مواقد النار.

* وفي مدغشقر تمتنع الناس عن أكل اللحوم لمدة سبعة أيام قبل حلول عيد رأس السنة الجديدة، وفي الليلة الاخيرة يتناولون فقط بعض لحوم الدجاج. وفي اليوم التالي يقدم الزوج والزوجة لوالديهما «ذيل الديك» تعبيراً عن احترامهما لهم، ثم يقدمان «مخالب الديك» لاخونهم وأخواتهم تعبيراً عن العناية والحب لهم.

* النمساويون يمتنعون عن أكل سرطان البحر في عيد رأس السنة الجديدة معتقدين بان السرطان في هذه الليلة بالذات يسبب الأضرار للعائلة والعمل.

* في شمال الفيتنام يشعل أبناء الأقليات القومية البخور بجانب البئر أو ضفة النهر التي يجلبون منها الماء. ثم يبدأون في منتصف الليل باعداد عشاء فاخر لأفراد العائلة جميعا. وخلال تناول الوجبة يمتنعون عن شرب الحساء معتقدين ان ذلك يسبب أضرارا لمزروعاتهم في الحقول.

* وفي المجر يمتنعون عن تناول لحوم الدواجن في ليلة رأس السنة الجديدة، معتقدين بان أجنحة الدواجن تحمل الحظ السعيد وتطير بها بعيداً في السنة الجديدة. وفي اليوم الاول من السنة يقدمون لأقربائهم وأصدقائهم هدايا عليها رسوماً تمثل عاملاً يقوم بتنظيف المدخنة، وهي اشارة الى ازالة الاشياء القديمة والترحيب بقدوم السنة الجديدة.

* وفي ليلة رأس السنة يتناول الاسبانيون العنب بعد الاستماع الى دقات أجراس الكنائس. ولكنهم يتناولون اثنتي عشرة حبة من العنب فقط، معتقدين بان لكل حبة معنى معين، كالسلام والانسجام والسرور والثراء والوئام ومنع وقوع الكوارث والصحة والازدهار التجاري والتوفيق في العمل. وتحقيق الآمال والرغبات والحب والسعادة.

* اذا كنت مدعواً لتناول العشاء عند احدى العائلات البلغارية في ليلة رأس السنة، فعليك ان تعطس عدة مرات وبذلك ستحصل على هدية قيمة من المضيف قد تكون خروفا أو عجلاً صغيراً أو مهراً. وسبب ذلك يعود الى ان البلغاريين يعتقدون انه اذا عطس أول ضيف أمام جميع أفراد العائلة المضيفة فذلك يجلب السعادة والسلامة طوال السنة الجديدة.



خرافات

وفي ظل احتفالات رأس السنة هناك شعوب ما زالت حتى الآن تتبع بعض الخرافات والمعتقدات الغريبة والمضحكة أحياناً. ونستعرض في مايلي طائفة من تلك الخرافات المرتبطة باحتفالات رأس السنة الميلادية:

• ثمة اعتقاد سائد لدى البعض بان اتجاه الرياح خلال شروق شمس يوم رأس السنة الجديدة يحدد اتجاه الحظ للسنة المقبلة. فاذا هبت الرياح من اتجاه الشرق فان ذلك ينذر بالكوارث الطبيعية أما هبوبها من الغرب فانه يعني الثراء ولكنه يعني أيضا وفاة شخصية ذات أهمية وطنية كبيرة. واذا هبت الرياح من الجنوب فان ذلك يبشر بالرخاء والازدهار بينما الرياح الشمالية تنذر بسوء الاحوال الجوية. أما في حال عدم هبوب رياح في أي اتجاه فان ذلك يبشر بان هنال الكثير من الازدهار والفرح على مدار السنة.

• هناك من يؤمنون بان جميع ابواب ونوافذ المنزل ينبغي ان تبقى مفتوحة في منتصف ليلة رأس السنة للسماح للسنة المنتهية بان تنصرف من دون عوائق.

• كثير من الناس يعتقدون بان غسل الصحون وغسل الملابس في يوم رأس السنة قد يؤدي الى حدوث حالات وفيات في العائلة. بل ان بعض المؤمنين بتلك الخرافة يتفادون غسل شعرهم في ذلك اليوم خشية ان يلاحقهم الحظ السيئ.

• بينما تعتقد بعض الشعوب بان خروج أي أشياء ثمينة مثل «المال والمجوهرات» من المنزل في هذا اليوم يجعل السعادة تختفي من المنزل طوال السنة الجديدة. ولذلك فان بعض من يعتقدون في تلك الخرافة في بعض البلدان يمتنعون حتى عن اخراج القمامة من منازلهم أو حتى نفض الغبار عن مفروشات المنزل في هذا اليوم.

• تعتقد بعض الشعوب بان تبادل القبلات في الظلام عند منتصف ليلة رأس السنة يسهم في تأجيج وزيادة مشاعر المحبة طوال العام الجديد.

• شعوب أخرى تعتقد بان الأطفال الذين يولدون في يوم رأس السنة الميلادية يكونون الأكثر حظا في جميع مراحل حياتهم.

• كثير من الناس يعتقدون بان البكاء والعويل في أول يوم في السنة الجديدة هو أمر ينذر بالشؤم ويجلب النحس طوال السنة.

• ومن بين الاعتقادات السائدة لدى بعض الشعوب هو ان الرقص في الهواء الطلق، لاسيما حول شجرة في يوم السنة الجديدة، هو أمر يجلب الحظ في الحب كما يضمن الرخاء طوال العام المقبل.

• بعض الناس يعتقدون ان احداث ضجيج عال في ليلة رأس السنة يخيف الشياطين، ولهذا السبب فان الاحتفال بتلك المناسبة ارتبط تقليديا باصدار الضجيج. في كثير من البلدان. ولهذا السبب فان أجراس الكنائس تقرع بصوت عال في منتصف ليلة رأس السنة.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي