No Script

الزاوية الخضراء

كاسحات الجليد [ 2 من 2 ]

تصغير
تكبير

احتدم التنافس بين دول القطب الشمالي سالفة الذكر، بسبب الرغبة في اغتنام موارده الغنية، فيكفي أن تعرف أن في باطنه نحو 13 في المئة من احتياطي العالم النفطي غير المكتشف و30 في المئة من الغاز الطبيعي، عدا مصائد الأسماك وثروات أخرى عديدة، ولتعلم أن التنافس لم يكن من أجل سواد عيون الدب القطبي ولا خفة دم فقمته السمينة.

وبسبب هذا التحدي فإن أميركا وكندا وبريطانيا كجبهة واحدة، تنافس روسيا والصين في هذا الصراع، و كندا وحدها لديها ما لا يقل عن عشرين كاسحة جليد، في الوقت الذي تتعاون فيه مع بريطانيا التي تملك غواصات نووية لا تملكها كندا، وهذا التبادل بينهما كفيل باقتسام الغنيمة تحت الجليد وتحت رعاية ماما أميركا!

إلا أن روسيا هي التي اشتهرت بالكاسحات النووية، وأول كاسحة نووية صنعتها كانت في عام 1959م، وأسمتها «لينين»، وظهر حينذاك ما يسمى باصطلاح «الذرة السلمية»، وهي تعني أنها مسخرة لخدمة الإنسان بدلاً من تدمير عالمه كما فعلت القنبلة الذرية، و بحمدالله لم يقع منذ ذلك التاريخ حادث واحد مرتبط بالمفاعلات النووية لتلك الكاسحات التي لا تحتاج إلى التوقف مراراً في الموانئ كما تفعل السفن للتزود بالوقود، لاسيما وأن الوقود النووي يتم تغييره مرة واحدة كل خمس سنوات.

و إذا كنت في الشتاء تضطر عند تشغيل سيارتك في الصباح الباكر بضع دقائق لتسخين المحرك، فإن المفاعل النووي في الكاسحات ينتظر أسبوعاً كاملاً حتى تتجهز كل آلة فيه، كما أن عنبر الآلات والمحركات فيها هو بسعة مبنى متعدد الأدوار، و يبدو أن هذا هو السبب الذي منع من وجود طائرات نووية!

وإذا كنت في هذا العنبر بعد حصولك على تصريح ولباس خاص تتجول في مقصوراته، فإنك حتماً ستضل الطريق، إلا إذا رافقك أحد من طاقم العنبر النووي (!) كما أن هذه الكاسحات الروسية قد أصبحت ذائعة الشهرة والصيت إلى الحد الذي تنظم فيه بالصيف رحلات سياحية، وهي بالمناسبة قادرة على كسح كتل جليدية سيبيرية يبلغ سمك طبقتها أحياناً ثلاثة أمتار، كيف لا وهي تتحرك بقوة المفاعلات الذرية، إلا أن هذا لا يمنع من أن كل شيء في الداخل يهتز ويرتجف جراء تكسير وارتطام الكاسحة بالجليد، وفي الخارج سرعان ما يلتئم الجليد المتكسر خلف الكاسحة بعد ساعات قليلة، وكأن الكاسحة لم تمر من ذاك الطريق.

وإنه وإن كانت السفن تطلق ثلاث صفارات إذا بدأت الإبحار، فإننا في الختام نرفع لكم القبعة الخضراء... ونقول يا أجمل القراء، إلى اللقاء.

Twitter: @HamadBouresly

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي