أرجو ألا تأتي تعديلات المرئي والمسموع التي تعتزم الحكومة تقديمها كردة فعل على قناة السور وما فعلته من تمزيق للوحدة الوطنية، ونحن مع وضع ضوابط واضحة للمرئي والمسموع وعدم التساهل مع التجاوزات، ولكننا لا نرى ان تكون تلك الضوابط سيفا مصلتا على رقاب الاعلاميين بحجة التقنين، ولنتذكر امورا عدة خلال وضعنا لتلك الضوابط:
اولا: ان الاعلام قد كسر جميع الحواجز اليوم ولم يعد شيئا محليا تستطيع اي دولة الهيمنة عليه كما كان في السابق، وما اسهل ان يلجأ من يشعر بالتضييق عليه من دولته إلى الخارج ليبث ما يشاء دون رقيب.
ثانيا: ان التضييق الشديد على الاعلام عن طريق القوانين العامة قد يؤدي إلى قتل طاقات اعلامية مبدعة تستطيع ان تفيد دولتها ببرامج وقنوات ونشاطات اعلامية مثمرة، فالقوانين يجب ألا تصمم لمعالجة الحالات الشاذة في المجتمع.
ثالثا: ما حدث في قضية قناة السور لم يكن بسبب التقصير في التشريع ولكنه كان بسبب تخاذل الحكومة عن مراقبة الصحف والقنوات التي تسيء إلى الشعب، بل وتشجيع بعض الاطراف في الحكومة لتلك الصحف والقنوات.
رابعا: ان مدونات الانترنت لا شك انها اشد تأثيرا من كثير من القنوات الفضائية ومجال الحرية فيها شبه مفتوح، وقد لا تستطيع الدولة وضع يدها عليها اذا ما اساءت فهي لا تتبع لبلد ما، وها نحن نرى المدونات تحاصر النظام الايراني وتفضح ممارساته بالرغم من التعتيم الشديد والبطش الذي تمارسه السلطة على المعارضة.
خامسا: لا بد لنا من ضوابط اجتماعية متفق عليها بين الشعب، وضوابط سياسية للممارسات البرلمانية وسيادة روح القانون لكي لا يشعر البعض بأن البلد رهينة في ايدي قلة من الناس يسيرون الامور كما يشاءون ولا ينطبق عليهم القانون، فيلجأون إلى الطرق المنحرفة للتعبير عن معارضتهم، ومن يتنقل بين دواوين الكويت يشعر بأن هنالك اصواتا مبحوحة تحاول التعبير عن معارضتها لكثير مما يجري في المجتمع دون ان تستطيع التعبير.
سادسا: لسنا الدولة الوحيدة التي لديها قوانين للمرئي والمسموع، فلماذا لا ننظر إلى الدول المتقدمة وكيف استطاعت وضع ضوابط لهذا المجال المهم دون ان تشعر شعوبها بتقييد حرياتها، فهولندا، على سبيل المثال استطاعت محاصرة منتج «فيلم الفتنة» الذي يسيء إلى رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم وتمنعه من بث الفيلم في اي قناة هولندية من باب المصلحة العليا للبلد دون ان تضطر لتغيير قوانينها.
المهم هو ان يكون تعديلنا لقوانين المرئي والمسموع ضمن اطر الحريات العامة وبما لا يسيء إلى سمعة دولة الكويت التي اشتهرت بالحرية والانفتاح.
د. وائل الحساوي
[email protected]