No Script

الأبعاد الثلاثة

محشوم يا فلان

تصغير
تكبير

كتبت مقالاً سابقاً عن مفردة (كفو) التي زاد استخدامها (سياسياً) في المجتمع بشكل أفقدها قيمتها الحقيقية.

وفي هذا المقال أتناول مفردة أخرى شاع استخدامها (سياسياً) أيضاً في المجتمع، فكيف يتم استخدامها؟

ينقسم مستخدمو هذه المفردة إلى قسمين رئيسيين. الأول، ذلك الذي يستخدم (محشوم يا فلان) مؤمناً بها وبانطباقها على الحالة والموضوع دون النظر إلى من صدرت منه الإساءة، أو من صدرت بحقه الإساءة، أو موضوع الإساءة أو توقيت الإساءة. وهذا القسم له كامل التقدير والاحترام، وله كامل الصلاحية لاستخدام (محشوم يا فلان) لأن الموضوع بالنسبة له أخلاق ومبادئ.

أمّا القسم الآخر، من مستخدمي (محشوم يا فلان)، فهم مجموعة من المتسلقين أو مزدوجي المعايير ممن لا تعد هذه المفردة سوى لعق على ألسنتهم يحيطونها ما درت معائشهم فإذا مُحصوا بالبلاء قل الديانون.

فموقف هؤلاء من الإساءات والتي تستوجب وقفة و(محشوم يا فلان) تعتمد على ممن تصدر منه تلك الإساءة، فإن كان من (عيالنا و ربعنا) تمر تلك الإساءة مر السحاب، ويكونون في موقف الغفور الرحيم و الغاض بصره!، أما إن صدرت هذه الإساءة ممن يحسب على فريق الخصوم، فهذا الفريق يكون شديد العقاب رافعاً رايات الدفاع عن القيم والمبادئ والأخلاق والدستور والقانون!

وهذا الفريق يتصرف بالطريقة نفسها إذا كانت الإساءة صدرت اتجاه طرف يحسب من الأصدقاء أو الأعداء.

والمضحك عندما يواجه هذا الفريق حالة يكون فيها المسيء من الأصدقاء والمساء له أيضاً من الأصدقاء، فتجده حينها يلتزم الصمت وكأن شيئاً لم يكن، لأن الموضوع بالنسبة له مرتبط بالأشخاص وليس مبدأ مواجهة الإساءات.

جزء آخر من هذا الفريق مزدوج المعايير والذي لا تتعدى (محشوم يا فلان)، كونها لعقاً على اللسان، ذلك الفريق الذي ما انفك هو نفسه يسيء للغير، مستبيحاً نفسه أو سمعته أو شرفه أو مروءته، غير أنه ينتفض ويدعو للويل والثبور إن داس أحد على طرف ثوبه، أو ثوب من هو محسوب عليه، أو يقف في صفه! وهؤلاء هم مصداقا لقول (لا تنه عن منكر وتأتي بمثله) فيحلل لنفسه ما يحرم لغيره، ويجد لنفسه أعذاراً لم ينزل الله بها من سلطان.

وهناك فريق تعتمد ردة فعله على التوقيت، وما يريده الجمهور بما يزيد من شعبيته أو يضرب بشعبية خصومه، لأنه طرف انتهازي يحاول تحقيق مكاسب سياسية فقط لا غير.

أما الفريق الأخير فهو فريق (راكبي الأمواج) والذي يعمل وفق مفهوم (مع الخيل يا شقرا)، لا يعرف خلفيات الموضوع ولا تفاصيله ولا عواقبه.

وكل ذلك، هو نتيجة حتمية عندما تكون السياسة هي المحرك الأساسي وليس المبادئ والأخلاق والقيم والدستور والقانون.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي