No Script

جودة الحياة

الأخلاق كالأرزاق

تصغير
تكبير

الأخلاق كالأرزاق، الناس فيها بين غني وفقير، جذبتني هذه العبارة وأنا أتصفح بعجالة بعض محتويات شبكة الانترنت ذات مساء، فقد تذكرت ما شهدته أمامي قبل أيام في مكان ما - شخص يطلب ويستعطف من أجل انجاز معاملته والتي لا تستغرق وقتاً ولا جهداً كبيراً، كُنت أراقب الموقف عن كثب وأثار استغرابي طريقة مقابلة ومعاملة من يُفترض أنه مُقدم الخدمة، فقد قابله بتعالٍ وبرود لافت، منشغلاً عنه بهاتفه، والذي أنا شخصياً اعتبرت تصرفه في قمة الوقاحة وقلة الذوق والأدب.

فلما رأى زميله رداءة المشهد وسخف التصرف من زميله الذي استمر لبرهة من الوقت في التحديق بهاتفه دون الاستجابة، فقد أخذته مروءته وأخلاقه الى المبادرة في انجاز معاملة المُراجع على الرغم بأنه ليس المعني بها.

كثيرة مثل هذه المواقف التي تصادفنا من وقت لآخر، وتعلمنا أن الأخلاق الطيبة أساس التعامل بين الناس، فالأخلاق هي التعامل باحترام، بشهامة ومروءة، وهي فوق هذا وذاك نتاج بيئة الفرد وعنوان تحضره ورقيه.

ولما كنتُ بصدد الكتابة ضمن برنامجي المعتاد، فقد وجدت من المناسب أن أبدأ بالتأمل والكتابة عن الأخلاق كأساس للتمدن والتحضر في مجتمعاتنا المعاصرة وعبر التاريخ، باستلهام بعض المعاني في العبارة أعلاه، ويقيني أن وجود ونشأة الحضارة هي إحدى ثمرات الأخلاق التي يتمتع بها الإنسان ككائن اجتماعي لا يعيش إلا في جماعة.

وغني عن التأكيد أن الأخلاق ليست فقط نظاماً للتعامل بين الناس فحسب، ولكن هي التي تنظم المجتمع وتحميه من الفوضى والانهيار.

فالأخلاق مكون جوهري في شخصية الفرد يخضع لها، يمارسها ويدير بها حياته، ويتطلع بأخلاقه نحو النموذج والمثالية، وفي الواقع يتخذ موضوع الأخلاق أهمية قصوى كونه أساس التعامل اليومي بين الأفراد، حيث يميل الإنسان إلى من يتشابه معه في المبادئ والقيم الأخلاقية، كحب الخير والتعاون ونصرة الضعفاء ومساعدتهم، فرصيدك عند الناس بلا جدال هو أخلاقياتك وحسن معاملتك وتفاعلك الإيجابي مع بيئة العائلة، العمل، السكن، أو الدراسة وغيرها، وبمقدار ما تكون على درجة كبيرة من الإنسانية في أخلاقك وأعمالك، وبتقديرك لذاتك والآخرين تكن أغنى الناس.

ثمة مواقف في الحياة اليومية تكشف لنا معادن الناس، تربيتهم وحسن أخلاقهم، فالأخلاق في الواقع أبرز ما يراه الناس واضحاً أمامهم، فهم لا يرون عقيدة الإنسان لأن محلها القلب، ولا يرون عباداته بالتأكيد فهي بينه وبين ربه، لكنهم يرون أخلاقه التي يتحرك بها بين الناس ويتعاملون معه من خلالها، يرون مصداقيته وحسن تربيته من واقع تعامله وسلوكه وليست من أي شيء آخر.

أوجه الخير والافعال الحسنة التي تتجلى فيها الأخلاق أكثر من أن تُحصى، بعضها لا يتطلب أكثر من كلمة طيبة أو ابتسامة صادقة في وجه الآخرين، المودة والرحمة بالأهل والعائلة، وأعظمها بر الوالدين، ومد يد المساعدة والعون للضعفاء وذوي الحاجات وقضاء حوائجهم بقدر الاستطاعة.

أخلاقك عنوان تربيتك وبيئتك وإنسانيتك، فكن طليق الوجه، طيب المعشر، تكسب ود الجميع، سترحل يوماً ما ويبقى أثرك إما دعوات لك أو عليك.

فالأخلاق كالأرزاق، وتحية لمن أغناه الله بالأخلاق النبيلة فاستثمرها خير استثمار ليزداد رصيدك من محبة الله وخلقه.

Twitter: t_almutairi

Instagram: t_almutairii

Email: talmutairi@hotmail.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي