No Script

دار الفتوى في لبنان طلبت ملاحقة «مدّعي النبوة»

من طبّال الى «مرسَل ليخلص البشرية»... هذه حقيقة نشأت منذر

تصغير
تكبير

انشغل المجتمع اللبناني أخيراً بظاهرة غريبة عجيبة أضحكته بقدر ما أثارت استياءه واستغرابه ودعت مرجعياته الدينية والقضائية الى التحرك.

إنها ظاهرة نشأت منذر أو «الحكيم» نشأت مجد النور الذي أطل مع عالمة الفلك كارمن شماس في إعلان أذهل الناس بغرابته وخفّة مضمونه وفجّر مواقع التواصل نكاتاً وسخريةً واستهجاناً: هو «مرسل حكيم اتى ليخلص البشرية».

"هنيئاً لنا وللعرب والعالم أجمع برسول مرسل بعد أكثر من 1500 عام، هنيئاً للأرض بابنها البار منقذها من جحيم البشر والأشرار. لو كنتم ترون لرأيتم وهج النور فوق لبنان منذ أسبوعين، ولشعرتم بقوة النور الإلهية ولتأملتم ولعرفتم أنكم أكثر أماناً تحت جناح النور الساطع«. بهذه العبارات عرّفت شماس بشخص غريب المظهر يقف الى جانبها راسماً على جبينه رسوماً غريبة وممسكاً بيده بعصا اشبه بصولجان بدائي. إنه» منقذ الأرض والبشر والمرسل الآتي ليخلصهما من براثن الشر و الشيطان.

وبدت شماس مقتنعة بكل كلمة تقولها كما بدا منذر الى جانبها واثقاً ومدعياً واعظاً ومؤنّباً.

وما ان انتشر هذا الفيديو حتى بدأ السعي عند كل مَن سمعه الى معرفة المزيد عن هذه الشخصية الغريبة التي تتطاول على الرموز الدينية وتلامس إطلالاتها حد الفكاهة.

وسرعان ما أظهرت «التحريات» عن هذه الشخصية المثيرة للجدل والسخرية ان صاحبها لبناني الأصل لكنه كان يعيش في مصر وحاول هناك أن يسوّق لشخصية المرسل ويروّج لأفكار ما ورائية غريبة حتى أنه أطلق على نفسه اسم «الرسول» ما أثار موجة غضب عند الشعب المصري الذي شنّ الحملات ضده وأطلق موجات السخرية ما دفعه الى معاداة الشعب المصري وإجراء «بلوك» لكل من ينتقده حتى أنه تمنى او تنبأ بأن يصيب مصر زلزال مدمر وبأن يرى كل من يكرهه الكوابيس وتصيبه الحوادث...

ونشأت مجد النور استضافته شماس في برنامج يحمل عنوان «مفتاح الاستنارة» مرات كثيرة، وأطل ليعلن عبر هذه الحلقات عن آرائه «الغريبة العجيبة» وما اختبره في حياته. فمرة تحدث عن زيارته الى كوكب المريخ وكيف انه حين يزور الكواكب يتصرف كأهلها، وأخرى عن الشياطين التي تتخذ صورة بشر حتى أنها قد تتخذ صورة الزوجة في البيت. ولم يتوان عن إبداء آرائه في تربية الأطفال السيئة في العالم العربي ووجوب الامتناع عن قتل الحيوانات وعن تناول البيض الذي يسكنه الشيطان.

في كل شيء لـ «الحكيم مجد النور» رأي يعبّر عنه بشكل فظ يستخف فيه بأراء الناس من حوله كما يسعى دائماً الى شمل كل الأديان بآرائه وانتقاد المؤمنين بها وأتباعها، وكأنه يسعى بذلك الى الادعاء بأنه يتوجه الى الجميع بشكل عام ولا يستهدف فئة دون سواها.

حتى هنا كان الأمر مقبولاً لا بل مثار سخرية أكثر منه غضباً، لكن الأمور خرجت عن حدها مع ادعاء نشأت منذر النبوة وتسويق كارمن شماس لهذه الفكرة واقتناعها بها. وهذا ما دفع دار الفتوى في لبنان الى التحرك لمنع استمرار هذه الظاهرة التي أقل ما يقال فيها أنها كاذبة ومستغِلّة.

فالرجل عرف كيف يجتذب سيدة لها من المتابعين أعداداً كبيرة لينتشر عبرهم في لبنان ويسوّق لنفسه، وحاول استغلال خوف الناس من جائحة كورونا ليقدم لهم حلولاً لهاً تتلخص في التحول الى الأكل النباتي... وجاء تحرك دار الفتوى قضائياً بعدما تقدم أمين دار الفتوى الشيخ أمين بكري بإخبار للنيابة التميزية ضد المدعو نشأت منذر «الذي يدعي زوراً وبهتاناً أنه رسول مرسل من السماء وصاحب رسالة سموية»، وطلب من النيابة العامة التميزية اتخاذ الإجراء القانوني اللازم بحقه وكل من يظهره التحقيق، وذلك بهدف وضع حد لهذه الظاهرة المسيئة لكافة الأديان ومنع تكرارها من آخرين.

وفي حين يشاع ان منذر انتقل الى دبي (ربما بعد افتضاح امره في لبنان و عدم تجاوب الناس معه) يؤكد البعض الآخر أنه لا يزال في لبنان لكن في محل إقامة مجهول وهو حتماً لم يعد الى مصر التي بات مكروهاً ومنبوذاً فيها وفق ما تشير إليه التعليقات الكثيرة على مواقع التواصل المصرية واللبنانية. وفي إطار سعيهم لكشف الحقيقة حول مدّعي النبوءة تبين لبعض الناشطين أن من يسمي نفسه مجد النور ويَظهر حليق الرأس كان في الماضي يعمل كطبّال في إحدى الفرق الموسيقية في أحد الكازينوهات وقد فضحتُه صورة قديمة له. وإذا ما كان التأكد من الصورة غير ممكن بشكل قاطع إلا أنه يمكن القول إن الموسيقى جزء من حياة هذا الرجل حيث برز في فيديوات قديمة وهو يضع ما يشبه الشعر المستعار ويعزف على آلة موسيقية وينشد بعض الأغنيات التي تعبرعن أفكاره. ولكن مهما يكن من أمر فقد باتت «الديانة النشأتية» التي يسوّق لها والأفكار التي يروجها مادة دسمة للبرماج الفكاهية وصفحات التواصل الانتقادية فيما كانت شماس الخاسرة الأكبر في هذه المعمعة.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي