No Script

من الخميس إلى الخميس

بريطانيا... كم أنتِ محظوظةٌ

تصغير
تكبير

أستغرب من بريطانيا كم هي محظوظة!

فإذا تخلّفت عن العالم؛ جنّدَ اللهُ لها أقواماً يمدحونها ويثنون عليها فتبقى في مضمار الحضارة؛ رغم أنها فقدت معظم عناصرها، وقد بينّت المتابعات أن ما تنشرهُ الصحف لدينا من إنجازات طبية وعلمية بريطانية معظمها غير صحيحة، فمنذ جائحة كورونا، على سبيل المثال، نُشرت في صحف العالم لا سيما دولنا أخبارٌ كثيرةٌ عن علماءٍ وأطباءٍ بريطانيين إما اكتشفوا لقاحاً وإما علاجاً للجائحة؛ رغم أن المساهمة الحقيقية لبريطانيا في هذا المضمار تكاد تكون معدومةً، وبدلاً من السخرية من تلك الإنجازات الوهمية... نُصّدق تلك الأخبار.

أما في زمن تنوع الإعلام وتجدده، فإن بلادنا تتمسك بالمحطة البريطانية (بي بي سي) وتذيعها على الموجة القصيرة، رغم أن الجميع يعلم أنها محطة موجهة تنشر أخباراً وفق مصالحها التي هي عادة تخالف قيمنا.

وإذا دار عليها حكم التاريخ، وأصبحت مجرد مملكة تابعة لدولة عظمى كالولايات المتحدة، التي لولاها لخسرت جزيرة فوكلاند لصالح الأرجنتين بمنتهى السهولة، إذا حدث ذلك كما هو حاصل اليوم؛ فإن هناك أصواتاً ترتفع لتقنع الناس لا سيما في عالمنا أنها هي المفكر والعقل وراء عظمة أميركا! أي دولة محظوظة لها مثل أولئك المخلصين الذين يجتهدون بالتزوير لصالحها أكثر من اجتهادهم بالحق لصالح بلدهم!

وإذا اتبّع قادتها سبُلَ الظالمين يرى الناسُ في ظلمها منتهى العدل والحكمة! فهذه مَلِكتُهُم سبقت القضاء بتنفيذ حكم لم يصدر بعد؛ ونفذت بنفسها حكماً على المتهم، وهو ابنها الأمير أندرو، المتهم بالاعتداء الجنسي على امرأة تذكرت الاعتداء بعد نحو عشرين عاماً، وأنها كانت قاصراً آنذاك، فرفعت دعوى عليه، وقبل صدور الحكم قامت الملكة بتنفيذ احتياطي للحكم، وجردّت الأمير من مزاياه دون أن تسمع رأي القضاء، فقد يكون مُفترىً عليه وهو بريء يستحق المساندة والدعم بدل الإهانة والتجريد، ومع هذا الظلم البيّن إلا أن ما فعلته ملكة بريطانيا تم تصويره وفلسفته على أنه منتهى العدالة؛ وأحد قواعد الحكم الرشيد! عجباً كيف أن هناك جنوداً مخلصين لهذه الدولة يقلِبون الباطِلَ حقّاً ويصّدقَهم الناس وهناك دول تَحكُمُ بالعدل فيسخر منها الناس ويعتبرون عدلها ظُلماً وهمجيّة! فكيف اختّلت المقاييس، وما هو سبب غياب العقل والإنصاف؟!

مملكة بريطانيا لها جنود يغنون لها كل يوم، فهي التي تقود أميركا، وهي التي تعرف عنا أكثر مما نعرفه عن أنفسنا، وهي أكثر دول العالم تقدماً بالطب ونرسل لها طلبتنا رغم الأذى والتمييز الذي يعاني منه الكثيرون هناك، ونطلق عليها لقب (معزبة) وهي تعني قائدة لنا في القرن الواحد والعشرين، رغم ان بريطانيا أوشكت على أن يحتلها الألمان قبل سبعين عاماً، ولكننا ما زلنا مخلصين لها، ألا يحق لي بعد ذلك أن أقول كم هي محظوظة بنا بريطانيا؟

أتمنى أن يكون جزءٌ من هذا الإخلاص والعِشق لتاريخنا وحضارتنا ودولنا نحن.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي