عبر سمو الرئيس من جلسة طرح الثقة بغالبية واحترمنا رأي الغالبية، وجاء رأي الغالبية في جلسة إسقاط فوائد القروض، ولم تجد من يلتفت إليها بحجة التكلفة المالية، وتبرير حكومي جاء متأخراً بشكل متعسر، والآن نجد أنفسنا نسير في نفق وقعه أكبر مما سلف كله... إنه نفق إعلامي كان نجم الشباك فيه أحد الأشخاص وبدأت القافلة تسير ولا نعلم الوجهة التي ستأخذ البلد نحوها، وهو وضع قد تنبأنا به من قبل في مداخلة مع تلفزيون «الراي»، إذ ذكرنا أن العلة في النفوس وأن التأزيم آتٍ لا محالة!
بعد هذه التطورات السريعة على الوضع السياسي نطرح التساؤل الآتي: أما آن لنا أن نستريح!
ماذا يريد أحد الأشخاص من حديثه الذي انتقده العقلاء - أكرر العقلاء - ذلك أن الوقت الحالي في غاية الحرج ولا مجال لأي فرد لا يتصف بالعقلانية والحكمة أن يدخل طرفاً في معالجة الحالة التي تمر فيها البلاد؟
نحن في بلد مسلم ونسمع الخطباء في صلاة الجمعة يدعون المولى بأن يديم الأمن والآمان على هذا المجتمع، وأن يقينا شر الفتن ما ظهر منها وما بطن، ونقول بعدهم آمين!
إننا يا سادة وسيدات المجتمع الكويتي في بلد مساحته الجغرافية صغيرة وفيه الكلمة تنتقل وتضاف لها «البهارات»، حسب نفس المتلقي لها، وعادة يتم تسييسها على ذوق الأهواء السياسية التي تحبكها نفس لا تعرف عاقبة ما قد يتم نقله بشكل خاطئ.... حتى وصل الأمر إلى حقل في غاية الحساسية وهو الإعلام.
إن الإعلام سلاح في غاية الخطورة، فمنه يتم نقل الخبر وتثقيف أفراد المجتمع، وإن تم استغلاله بشكل غير سليم فإنه يوقع الضرر على المتلقي، وقد تتأثر قناعات وتصورات البعض في شأن قضايا معينة، لأن الإعلام هو المرآة التي يتم عبرها رسم الصورة المراد عرضها، فإن كان الرسام «يشخبط» في اللوحة ويمزج الألوان ويضخ إيحاءات فاضحة فإن ساحة المعرض لا تنتج سوى الغث الذي لا يسمن ولا يغني من جوع؟
ونذكر هنا قول النائب الدكتور وليد الطبطبائي في جانب من حديثه لتلفزيون «الراي» من أن المسألة ليست في ذلك الشخص، «إنما هي في من يحركه»؟ وهو تساؤل مشروع والإجابة عنه في غاية الصعوبة وستكشف الأيام سر صعوبة الإجابة، لأن الكتاب معروف من عنوانه!
نحن عندما ذكرنا في مقال سابق «المكاشفة مخرج للاستجوابات» فإننا نعني المكاشفة بما تعني هذه الكلمة من معنى... فالأزمة التي ألقت بظلالها على المجتمع الكويتي، والتي حالت الظروف الشخصية القاهرة، التي لازمتنا طيلة الأيام التي أبقتنا خارج البلاد، لم تسمح لنا بمتابعة الحدث عن قرب. وبعد الوصول قرأت عن تجمع العقيلة الكبير والنية في توجيه ثلاثة استجوابات، بسبب ما ذكره أحد الأشخاص، والآثار المترتبة عليه، كتبنا ما لمسناه من جرح، والطبيب حينما يعاين الجرح يسأل عن أسبابه وحال المريض، وعن السبب في تدهور حال الجرح: فلماذا لم يأتِ القرار بوقف ذلك الشخص من البداية؟ وما هي الآثار التي جناها النسيج الاجتماعي من ذلك الحديث وتبعاته، خصوصاً أن لكل فعل ردة فعل؟
لهذا السبب ركزنا على العقلاء الحكماء... فهم مطالبون بدراسة الوضع وعدم السماح لأي مؤثرات جانبية أن تدخل مع ضعاف النفوس في رسم اللوحة الإعلامية، كي تعود الصورة التي رسمها الآباء والأجداد عن الكويت وشعبه المدرك لأهمية اللحمة الوطنية ووحدة الصف بين أفراد المجتمع الكويتي بفئاته كلها... ففي وقت المحن تظهر معادن الرجال وينقلب السحر على الساحر، كما يقولون!
وعليه، فإن الحديث يطول ولكن نظراً إلى حساسية الوضع نختصره بالدعاء: اللهم احفظ هذا البلد من كل مكروه... والله المستعان!
تركي العازمي
كاتب ومهندس كويتي
[email protected]