No Script

خبراء يتنبؤون بمستقبلها في ظل استمرار ظهور متحورات جديدة

جائحة كوفيد- 19... متى ستكون «نهاية اللعبة»؟

No Image
تصغير
تكبير

من الناحية التفاؤلية، تشير السوابق التاريخية إلى أن الأوبئة والجوائح الفيروسية تنتهي بشكل أو بآخر في نهاية المطاف، وهذا سينطبق على جائحة «كوفيد- 19» الراهنة على الرغم من استمرار ظهور متحورات جديدة.

لكن من ناحية ثانية، ينبه خبراء ومختصون بارزون في هذا المجال إلى أن تلك النهاية المتوقعة لن تتحقق بين عشية وضحاها، بل سيتعين على العالم أن يتعلم كيفية احتواء والتعايش مع ذلك الفيروس الذي بات من شبه المؤكد أنه «جاء ليبقى معنا».

وسعياً إلى رسم صورة واضحة، نضع بين أيديكم في التقرير التالي تقييمات وتنبؤات عدد من أبرز الخبراء والاختصاصيين الطبيين في الولايات المتحدة حول «نهاية اللعبة» المتوقعة لجائحة «كوفيد- 19».

منذ ظهوره، يواصل المتحور الكوروني «أوميكرون»الصعود بأعداد الإصابات إلى مستويات قياسية وبسرعة كبيرة أعادت العالم إلى أجواء الارتباك التي عاشها في العام 2020 بشكل خاص.

لكن الخبر السار يكمن في أن العالم لم يبدأ من الصفر في مواجهة أوميكرون وما قد يظهر بعده من متحورات سريعة العدوى.

فاللقاحات المتاحة حالياً توفر قدراً لا بأس به من الوقاية (على الأقل ضد الأعراض المهددة للحياة)، حتى إذا لم تمنع العدوى والإصابة بأعراض خفيفة إلى متوسطة.

كما أن أوميكرون لا يبدو شرساً وفتاكاً مثل بعض المتحورات التي سبقته، وأولئك الذين يصابون به ويتعافون منه يحصلون على حماية محدثة ضد الأشكال الأخرى للفيروس التي مازالت منتشرة - وربما أيضاً ضد الطفرات التي قد تظهر مستقبلاً.

وعن ذلك قال الدكتور ألبرت كو، اختصاصي الأمراض المعدية في كلية ييل الأميركية للصحة العامة: «المتحور أوميكرون يعتبر بمثابة إشارة بشأن ما سيستمر في الحدوث تكراراً إذا لم نتصرف بجدية سعياً إلى إنهاء هذه الجائحة».

وأضاف: «أرى أن فيروس كوفيد سيبقى معنا إلى الأبد. لن نتمكن أبداً من القضاء عليه بشكل كامل ونهائي. لذا، علينا تحديد أهدافنا في ضوء هذا التصور».

وتابع: «في مرحلة ما مستقبلاً، ستحدد منظمة الصحة العالمية متى بات عدد كافٍ من الدول قد خفف حالات الإصابة بفيروس كوفيد - أو على الأقل حالات دخول المستشفيات والوفيات – بدرجة مناسبة، وعند تلك النقطة ستعلن المنظمة رسمياً عن انتهاء الجائحة وتراجعها إلى مستوى قابل للاحتواء».

لكن هناك إجماع بين الخبراء على أن لا أحد يمكنه الآن أن يحدد طبيعة تلك النقطة، ومتى سيصل العالم إليها.

وحتى عندما يحدث ذلك، فإن بعض مناطق العالم ستبقى في مواجهة ويلات كوفيد - خصوصاً الدول منخفضة الدخل التي تفتقر إلى لقاحات أو علاجات كافية - بينما ستنتقل مناطق أخرى بسهولة إلى ما يسميه العلماء حالة «الوباء المتوطن».

وعن ذلك، قال الدكتور ستيفن كيسلر، اختصاصي الأمراض المعدية بكلية هارفارد تي إتش تشان للصحة العامة في الولايات المتحدة، إنه «لا توجد حدود انتقالية واضحة بين مرحلة الجائحة ومرحلة الوباء المتوطن التي هي حالة استقرار مقبولة تستطيع عندها كل دولة أو منطقة التعامل مع فيروس كوفيد- 19 واحتوائه في إطار محلي».

وأضاف: «لكن أزمة المتحور أوميكرون الراهنة تُظهر أننا لم نصل إلى تلك النقطة بعد، إلا أنني أعتقد أننا سنصل يوماً ما إلى نقطة يكون فيها فيروس كورونا المستجد متوطناً مثل الفيروسات المسببة للإنفلونزا الموسمية».

ومن جانبه، قال الدكتور أميش أدالجا، الباحث البارز في مركز جونز هوبكنز للأمن الصحي: «لا أتوقع أن نعود إلى نقطة ما قبل الجائحة حيث. ينبغي أن نجعل الناس مستعدين لمواجهة المخاطر المقبلة»، معرباً «عن تأييده لموقف الدكتور أنتوني فاوتشي، كبير خبراء الأمراض المعدية في الولايات المتحدة، الذي دعا إلى السيطرة على الفيروس بطريقة لا تخنق المجتمع ولا تعرقل حركة الاقتصاد».

وصحيح أن المتحور أوميكرون جامح بشكل كبير إلى درجة أنه ينجح أحياناً في اختراق دفاعات اللقاحات، لكن الدكتور ويليام موس من كلية جونز هوبكنز بلومبيرغ الأميركية للصحة العامة يرى أن«هذا الفيروس سوف يتصاعد إلى أن يفقد قدرته على تحقيق مزيد من الطفرات الكبيرة. لا أتوقع أن يستمر ظهور متحورات كورونية جديدة في دائرة لا نهاية لها».

ويتفق عدد غير قليل من الخبراء على المستقبل المحتمل التالي لفيروس كوفيد: في فترة ما قبل انحسار الجائحة إلى مستوى الوباء المتوطن، سيقتصر تأثير فيروس كوفيد ومتحوراته على التسبب في أعراض نزلات برد لدى البعض وأعراض أكثر خطورة لدى آخرين، وهذا سيتوقف على حالة صحتهم العامة وحالة اللقاح الذي تلقوه وما إذا كان قد سبق لهم أن أصيبوا بالعدوى وتعافوا منها. ستستمر الطفرات وقد تتطلب في النهاية معززات في كثير من الأحيان يتم تحديثها لتتناسب بشكل أفضل مع المتحورات الجديدة.

وإلى أن يحصل ذلك، فإن الخبر السار الذي يزفه العلماء يقول إن أجهزة المناعة البشرية ستستمر في تحسين قدرتها على رصد الفيروس ومتحوراته والتصدي له ذاتياً مثلما تتصدى لكثير من الفيروسات الأخرى.

في هذا الإطار، يرى البروفيسور علي اللبيدي، عالم المناعة في جامعة واشنطن الأميركية في سانت لويس، أن«هناك أملاً كبيراً في قدرة مناعة الجسم المذهلة على أن تبني ذاكرة تحليلية تصنف الفيروسات التي هاجمته في السابق وإنشاء دفاعات متعددة الطبقات للتصدي لتلك الفيروسات دون الحاج حتى إلى لقاحات».

وأضاف اللبيدي موضحاً: «خلايا الذاكرة المناعية من الفئة B هي واحدة من تلك الطبقات الدفاعية، وهي خلايا تعيش لسنوات في نخاع العظام، وتبقى على استعداد لبدء العمل وإنتاج المزيد من الأجسام المضادة عند الحاجة. ولكن في البداية يتعين تدريب خلايا الذاكرة هذه في معسكرات تدريب للجهاز المناعي تسمى المراكز الجرثومية، حيث تتعلم تلك الخلايا القيام بأكثر من مجرد عمل نسخ من أجسامها المضادة الأصلية».

ومن خلال نتائج دراسة حديثة أشرف البروفيسور اللبيدي على إجرائها، اتضح أن لقاحات فايزر تحديداً تحفز الخلايا التائية المناعية المساعدة التي تقوم بدور المرشد التعليمي في تلك«المعسكرات التدريبية»، بما يؤدي إلى إنتاج أجسام مضادة أكثر تنوعاً وأقوى قد تعمل حتى لو تحور الفيروس مرة أخرى.

وأضاف اللبيدي: «نتائج دراستنا أسفرت عن أن مستوى المناعة الذاتية الأساسية تحسن كثيراً. وحتى إذا استمرت حالات العدوى فسيكون هناك انخفاض في الأعراض الحادة وفي حالات الاستشفاء والوفيات - بغض النظر عن مدى شراسة أي متحورات قد تظهر مستقبلاً».

وأردف بنبرة باعثة على التفاؤل والاطمئنان:«لسنا في نفس النقطة التي كنا عندها في ديسمبر 2019 (أي قبل بدء الجائحة). إننا نقف الآن على أرضية مختلفة. ولتقريب الصورة أكثر، يمكننا أن نقول إننا في العام 2020 واجهنا حريقاً هائلاً في غابة مليئة بالأعشاب الجافة، فكان الأمر أشبه بانتشار النار في الهشيم. أما الآن، وحتى مع وجود أوميكرون أو غيره من المتحورات، فإننا على أرضية أعشابها مبللة بدرجة كافية لجعل انتشار النار أكثر صعوبة».

واختتم البروفيسور اللبيدي متوقعا: «سيأتي اليوم الذي سيصاب فيه المرء بفيروس كورونا فيكتفي بالراحة في منزله لمدة يومين أو 3 أيام ثم يستأنف حياته بشكل طبيعي. يراودني الأمل بأن تلك ستكون هي نهاية اللعبة بالنسبة لهذه الجائحة».

جرعة التطعيم التنشيطية... لماذا هي ضرورية؟

في يوم الأربعاء الفائت، أقرَّت هيئة مراكز السيطرة على الأمراض (CDC) الأميركية توسيع نطاق إعطاء جرعات تنشيطية من لقاحات «كوفيد- 19» ليشمل الأطفال والمراهقين. وبهذا، باتت التوصية بتلقي تلك الجرعات تشمل جميع الأميركيين ممن يبلغون من العمر 12عاماً فما فوق.

فلماذا - وإلى أي مدى - تعتبر الجرعة التنشيطية مهمة؟ الدكتورة كريستينا براون، اختصاصية المناعة وطب الأطفال في ولاية ميريلاند الأميركية، أجابت عن ذلك السؤال، مؤكدة على الدور الذي تقوم به الجرعة التنشيطية في تنشيط الدفاعات المناعية ضد فيروس كورونا المستجد وضد متحوراته.

وقالت الدكتورة براون: «في ظل التزايد الذي نشهده في أعداد الإصابات بالفيروس التاجي سواء في داخل الولايات المتحدة أو حول العالم، فإن أفضل خيار وقائي يتمثل ببساطة في المسارعة إلى الحصول على الجرعة التنشيطية»، مستشهدة بأن النتائج التي تم رصدها حتى الآن بين الذين حصلوا على الجرعة التنشيطية تشير بوضوح إلى أن الجرعة التنشيطية تسهم في تحسين الحماية بشكل كبير.

وبلغة الأرقام، أوضحت براون: «إذا كنت قد تلقيت جرعتين ولم تحصل بعد على جرعة تنشيطية، فإن فعالية اللقاح لديك يكون فعالاً بنسبة 33 في المئة فقط ضد المتحور أوميكرون الجديد. ولكن إذا تلقيت الجرعة المُعززة، فإن نسبة الفعالية ترتفع إلى 75 في المئة ضده».

ولكن ماذا عن التأثيرات أو المضاعفات الجانبية المحتملة؟أجابت براون قائلة: «حتى الآن، لم يتم الإبلاغ عن حدوث أي تأثيرات جانبية تدعو إلى القلق. انحصرت الأعراض الجانبية في الشعور بألم في موضع الحقن أو في الذراع ككل؛ ولم يعانِ إلا قليلون من ارتفاع درجة حرارة الجسم، وهو الارتفاع الذي لا يشكل خطورة كبيرة. وبالنسبة للأطفال والمراهقين، تكتسب الجرعة التنشيطية أهمية إضافية لكونها توفر لهم ولغيرهم حماية في حال العودة إلى المدارس».

وإذ دعت براون الجميع إلى إدراك مدى أهمية تلقي الجرعة التنشيطية، فإنها اختتمت بالقول: «نحن جميعاً في قارب واحد معاً، وما زال الأمر يتطلب من كل واحد منا القيام بدوره بما في ذلك المواظبة على تعقيم اليدين وارتداء الكمامات والاستمرار في مراعاة التباعد الاجتماعي».

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي