الرأي اليوم

الرئيس الخالد صباح الخالد

تصغير
تكبير

أما وقد تشكّلت الحكومة الجديدة برئاسة الشيخ صباح الخالد وظهر الدّخان الأبيض من غرفة الاختيار، فيبقى أن يُواكب اللون الأبيض مسيرة الأداء لأن الكويت لم تعد تحتمل التخبّط ولأنّ صبر الكويتيين في الرمق الأخير.

بعيداً من الشخصانية. لنضع الأمور في نصابها الصحيح مدخلاً إلى فهم أفضل لطبيعة المرحلة.

كنّا، مع غالبيّة الكويتيّين، وما زلنا حتى اللحظة يا سموّ الرئيس الشيخ صباح الخالد نُعارض الأداء والأسلوب في إدارة العمل واتّخاذ القرارات والعلاقة مع السلطة التّشريعيّة والتّعاطي مع الأزمات الكبرى التي واجهتها البلاد.

ولو سُئلت يا «أبا خالد» شخصيّاً عن نتائج مسيرتك على رأس 3 حكومات سابقة لما كان رأيك كمواطن كويتي مُختلفاً عن رأي غالبيّة الناس.

الأمثلة كثيرة ولا داعي لتكرارها بالتفصيل، إنما يكفي القول إن حكوماتك حوّلت الجائحة الصّحيّة إلى جائحة اقتصاديّة واجتماعيّة بينما الدول القريبة والبعيدة دعمت بقوة القطاعات الاقتصاديّة والاجتماعيّة لتمكينها من الصّمود وعدم الانهيار، كما تكفي النظرة إلى مستوى الخدمات في البلد وتخلّف الإدارة وانعدام ثقة الناس بالتّغيير والإصلاح.

لن نعيد التوسّع في الإضاءة على الإخفاقات.

اليوم، جدّدت القيادة السياسيّة ثقتها بشخصكم ونحن تعلّمنا احترام قرارات القيادة وصلاحيّاتها التي لا تنازع.

إنما الجميع يعرف وأنت قبل غيرك أن هذه هي حكومتك الأخيرة أو الفرصة الأخيرة لإثبات التالي: جدارة السلطة التنفيذيّة لنقل الكويت من ساحة تخبّط سياسي اقتصادي إداري إلى منطقة مُستقرّة أكثر، مُتقدّمة أكثر، مُتوازنة أكثر، حاضنة لمواطنيها أكثر وغير طاردة لهم ولأعمالهم، جاذبة للاستثمارات أكثر.

هنا العمل المُنتظر ضخم جداً لمعالجة مشاكل الاقتصاد وترشيقه بدل تركه يغرق بثقل البيروقراطيّة والرّوتين والقيود.

وهنا الطريق الذي يجب أن يُفتح أمام شباب الكويت ومشاريعهم بدل تركهم بين حدّي اليأس أو الهجرة.

الكويتيّون ينتظرون اليوم ثورة حقيقيّة في إدارات الدولة وليس الوقوف على أبواب «التّطوير» و«التّحسين» فقط، فسوء الإدارة منبع الفساد.

ينتظرون تعزيز الخدمات في كلّ القطاعات ومنها التعليم والصحة والإسكان والأشغال وغيرها الكثير.

ينتظرون إطلاق يد الوزراء باعتبارهم مُؤتمنين على التغيير لا تقييدهم باعتبارهم مُوظّفين وظيفتهم حجز المناصب المُهمّة في وزاراتهم للواسطات و«اللا مانع» على حساب الكفاءات وأصحاب التّخصّصات والخبرات.

ينتظرون إشعار كلّ وزير أنّه سيّد قراراته لمصلحة الأمة جمعاء التي يُمثّلها، لا أن يُترك وحيداً في وجه ضغوط طائفيّة وقبليّة تُمارس عليه وتهديدات نيابيّة تُوجّه إليه، أو تحت شعور أن رأسه قابل للمُساومة في صفقة مع نائب أو مجموعة نُوّاب.

ينتظرون تعاوناً مع نواب الأمة على قاعدة الإنجاز... بلا تنازلات ولا تحدّيات ولا تجاوزات.

تعاون يُطلق عجلة القوانين والمشاريع التي تهمّ النّاس، فالكويت قد تكون البلد الوحيد في العالم الذي تنحبس فيه مصالح الناس رهينة العلاقة بين المجلسين.

هذه الأمور وغيرها تتطلّب شجاعة منك وإقداماً لأنّها كلّها لمصلحة الكويت والكويتيّين، وتتطلّب جُرأة في وصل ما انقطع مع الجميع خُصوصاً الحريصين من النواب على ترك بصمة إنجاز في مسيرتهم كمُمثّلين للأمة، وتتطلّب مُصارحة دائمة للكويتيّين بالعوائق التي تحول دون التقدّم سواء كانت طبيعيّة أو مُفتعلة، وتتطلّب وضع برنامج عمل للالتزام، وخريطة طريق لا حيادة عنها، وأداة تنفيذيّة لا تخضع لأحد سوى مرضاة الله والضّمير ومصالح الكويت وشعبها.

سموّ الرئيس، هذا ما بين الكويتيّين وبينك.

لم يكن هنالك أيّ موضوع شخصي ولن يكون.

الموضوع أوّلاً وأخيراً اسمه الكويت وهي أهمّ منّا جميعاً، فإن أنجزت فستجد الالتفاف والدّعم من الجميع مع أن إرضاء الناس غاية لا تدرك، وإن أخفقت فمُهمّة السلطة الرابعة ورسالتها أن تضيء دائماً على الأخطاء وتُطالب بمعالجتها.

مع ثقة القيادة، والتغيّر النّسبي في المناخ السياسي العام، والحاجة الوطنيّة لمواجهة التّحدّيات سريعاً، ينتظر الكويتيّون أداءً مُختلفاً... لأنّ الخسارة لن تنحصر بفرصة الحكومة الأخيرة بل ستنعكس بالمزيد من السوء على البلاد والعباد.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي