لقاؤه في سن العاشرة برجل الأعمال الهولندي آت مول غيّر حياته
بافيت... «عرّاف أوماها» عاشر أغنى شخص في العالم
- بدايته لم تكن متواضعة فوالده كان سمساراً بالبورصة وعضو كونغرس
- تعهّد بالتبرع بأكثر من 99 في المئة من ثروته للأعمال الخيرية
يُنقل عن الملياردير الأميركي وارن بافيت –91 عاماً- قوله إن المخاطرة تأتي من عدم معرفتك لما تفعله. هذا القول يصحّ شعاراً لمسيرة بافيت في ميدان الأعمال، التي بدأها منذ نعومة أظفاره وجعلته واحداً من أكثر المستثمرين نجاحاً في التاريخ. يمتلك بافيت شركة «بيركشاير هاثاواي» التي تضم تحت مظلتها 60 شركة، ويرأسها براتب سنوي متواضع يبلغ نحو 50 ألف دولار، فيما يحمل لقب «عرّاف أوماها»، البلدة التي كانت مسقط رأسه في ولاية نبراسكا الأميركية.
لم تكن بداية الملياردير الأميركي متواضعة تماماً، فوالده كان سمسار بورصة وعضواً في الكونغرس لأربع ولايات، بكل ما يعنيه ذلك من علاقات ومعارف واسعة في عالم الأعمال، ومنها علاقته برجل الأعمال الهولندي آت مول، الذي كان عضواً في بورصة نيويورك.
وكان بافيت الابن طفلاً في العاشرة عندما زار نيويورك مع والده والتقيا بمول على الغداء، حيث شكل ذلك اللقاء بداية تفتّح عيني وارن على دنيا الأعمال، وهذا ما تحدث عنه بإسهاب لاحقاً قائلاً: «بعد الغداء جاء رجل يحمل صينية عليها مجموعة من أوراق التبغ المختلفة.
وبعد أن اختار السيد مول الأوراق التي يريدها، قام الرجل بصنع سيجار له من تلك الأوراق. وفكّرت بأن الأمور لا يمكن أن تصل إلى أفضل من صنع سيجار بالأوراق والمواصفات التي يختارها العميل».
تجسيد مبكر
بالطبع، لم يعمل الطفل في مجال صنع السيجار ولكنه خلال عام واحد اشترى 3 أسهم مقابل 38 دولاراً للسهم، وسرعان ما هوى سعر السهم إلى 27 دولاراً، الأمر الذي كان يفترض أن يدفعه إلى بيع أسهمه الثلاثة، ومع ذلك تمسك بافيت باستثماره الصغير وانتظر ارتفاع سعر السهم إلى 40 دولاراً قبل أن يقرر البيع.
وبذلك تجنب الخسارة مع ربح ضئيل، في حين أنه كان سيحقق ربحاً كبيراً لو أنه انتظر بعض الوقت، إذ إن السهم واصل صعوده إلى أن بلغ 200 دولار.
كان ذلك تجسيداً مبكراً لمبدأ بافيت بالشراء وعدم البيع بخسارة، وهو المبدأ الذي وجّه كل قراراته الاستثمارية اللاحقة.
نزعة للاستقلالية
وفي سن مبكرة أيضاً تجلت نزعة بافيت الاستقلالية عندما تولى وهو في المدرسة الثانوية أعمالاً جانبية مثل توصيل الصحف وبيع المرطبات والعلكة وغسيل السيارات، قبل أن يقوم بمغامرته الأولى بشراء آلة ألعاب «بينبول» متهالكة، حيث أقنع زميل له بإصلاحها قبل أن يُقنع حلاق الحي بوضعها خلف محله لكي يتسلى الزبائن بها خلال الانتظار على أن يتقاسما معه الحصيلة.
وحقق المشروع نجاحاً كبيراً دفع الشريكين إلى شراء مزيد من آلات الألعاب هذه لاستثمارها في محلات الحلاقة.
ويبدو أن بافيت رضخ على مضض لإرادة والده، وقرر أن ينخرط في الدراسة الجامعية التي انتهت به إلى نيويورك وجامعة كولومبيا للأعمال، حيث تعرّف على أستاذه ومرشده اللاحق، بنجامين غراهام، مؤلف الكتاب المشهور «المستثمر الذكي»، والذي شكل نقطة انعطاف أخرى في مسيرته المهنية.
أعمال خيرية
بعد حصوله على شهادة الماجستير عام 1951 انتقل بافيت إلى العمل في شركة السمسرة التي يملكها والده، وفي عام 1986 أصبح بافيت مليارديراً، لكنه تعهد بالتبرع بأكثر من 99 في المئة من ثروته للأعمال الخيرية.
وبالفعل بلغ حجم تبرعاته عن طريق مؤسسة بيل غيتس ومؤسسات أبنائه للأعمال الخيرية أكثر من 45 مليار دولار.
وفي عام 2010 أطلق مع بيل غيتس ما عُرف باسم «تعهد العطاء» الذي يدعو المليارديرات إلى التبرع بنصف ثرواتهم على الأقل للجمعيات الخيرية.
وصنفت مجلة «سي إي أو» الأميركية بافيت أخيراً كأغنى مستثمر في العالم بصافي ثروة 105.5 مليار دولار حتى 14 ديسمبر الجاري، ما جعله عاشر أغنى شخص على هذا الكوكب.
حياة متواضعة
ولا يزال بافيت يعيش في المنزل ذاته الذي اشتراه عام 1985، مقابل 31500 دولار، ويعتبر شراءه هذا المنزل «ثالث أفضل استثمار قام به على الإطلاق». وصرح لشبكة «CNBC» في وقت سابق من هذا العام قائلاً: «لن أُبادله بأي شيء».
كان بافيت قد دفع نحو 43 دولاراً للقدم المربع للمنزل الذي تبلغ مساحته 6570 قدماً مربعاً، لكن في هذه الأيام، تبلغ قيمة المنزل نحو 161 دولاراً للقدم المربع، وفقاً للقيمة الحالية للمنزل المدرجة من قبل مكتب مقدّر الضرائب في مقاطعة دوغلاس بنبراسكا، حيث يعيش بافيت.
أقوال استثمارية شهيرة
شخصية معروفة مثل وارن بافيت لابد أن يكون لها مجموعة معينة من القواعد والقيم لاتخاذ القرارات في الحياة والاستثمار. وغالباً ما يتم تحديد نهجه في الأسهم من خلال أقواله الاستثمارية الشهيرة، ومن أشهرها:
- «القاعدة رقم واحد: لا تخسر المال أبداً.
القاعدة رقم 2: لا تنس أبداً القاعدة رقم واحد».
- «أهم شيء تفعله إذا وجدت نفسك في حفرة هو التوقف عن الحفر».
- «السعر هو ما تدفعه. القيمة هي ما تحصل عليه».
- «من الأفضل بكثير أن تشتري شركة رائعة بسعر جيد من أن تشتري شركة عادية بسعر رائع».