اعتبر أن مستقبلها على المحك ما لم تعِ خطورة بقائها بصدارة مدمني النفط عالمياً
«الشال»: ثراء الكويت موقت واصطناعي
- معظم دول العالم تتحوط لمرحلة تحول كبرى لم تحدث منذ الثورة الصناعية الثانية... باستثناء الكويت
- الطريق إلى مستقبل آمن بتغيير وظيفة «احتياطي الأجيال» ليُستخدم دخله في تمويل الموازنة دون مساس بأصله
لفت مركز الشال للاستشارات الاقتصادية إلى أن العالم يمر حالياً بمرحلة تحول كبرى لم تحدث منذ ثورته الصناعية الثانية في الربع الأخير من القرن الثامن عشر، مشيراً إلى أنه باستثناء الكويت، فإن معظم دول العالم باتت تتحوط لها.
وأوضح «الشال» في تقريره الأسبوعي أن من أمثلة هذه المرحلة كل تحولات الثورة الرقمية، وانتقال الثقل الاقتصادي إلى آسيا بينما كان قد انتقل منها إلى الغرب إبان الثورة الصناعية في القرن الثامن عشر، كما أن من أمثلتها المهمة والمؤثرة، هو ذلك التحول في سوق الطاقة والضعف التدريجي للطلب على الوقود الأحفوري، في حين أن الكويت أعلى دول العالم إدماناً على النفط ما يجعل ثراءها ورخاءها موقتاً واصطناعياً، ومستقبلها على المحك ما لم تعِ خطورته.
وأضاف التقرير «نعتقد اجتهاداً أن طريق الكويت إلى مستقبل آمن يكمن في اتجاهين، الأول قصير إلى متوسط الأجل والثاني طويل الأمد، الأول هو بدء سريع وحصيف باستبدال اعتمادها الطاغي على النفط، والأصل الوحيد المستدام حالياً والمتبقي لها هو مدخرات عصر النفط قبل اقتسامها، أما الثاني فهو بدء مشروع تنموي لتنويع مصادر الدخل».
وأشار إلى أنه على المدى القصير إلى المتوسط، لا بد من تغيير وظيفة احتياطي الأجيال القادمة ليتقدم دخله على ما عداه في تمويل الموازنة العامة، وذلك مشروط بضمان عدم المساس بأصله وزيادته تدريجياً لمواجهة متطلبات الضرورة لأكثر من نصف المواطنين ممن لم يدخلوا سوق العمل بعد، كما لا بد أن يتزامن ذلك الفعل مع حرب شرسة على الفساد والهدر حتى تصبح بيئة البلد نظيفة ومهيأة لقبول سياسة ضريبية تتناسب طردياً مع مستويات الدخل ولا تصبح طاردة أو محبطة لتدفقات الاستثمار المباشر، المحلي أو الأجنبي، حتى يتوازن هدف زيادة الإيرادات مع هدف خلق فرص عمل مواطنة مستدامة خارج القطاع العام.
ثورة تعليمية
وأكد التقرير أن ذلك لن يتحقق ما لم تتبنَّ البلد ثورة في قطاع التعليم، ولا يكفي هنا ردم الفجوة الحالية في التعليم العام البالغة 4.8 سنة، وإنما ثورة في مناهج التعليم وأساليبه، فمعظم التخصصات القديمة باتت تاريخاً، ووظائف المستقبل لا تحتاجها، مبيناً أنه لضمان الحد من انحراف طغيان الشعبوية لدى جناحي الإدارة العامة، حكومة ومجلس الأمة، لا بد من تحصين المالية العامة ببرنامج مالي يشمل موازنات 3 إلى 4 سنوات، ولا يطوله تغيير، لا ضمنه ولا صرف من خارجه سوى في أحوال الحروب والكوارث.
وأفاد «الشال» بأنه على المدى الطويل، لا بد من ربط كل ما تقدم بمشروع تنموي، لسنا بصدد اختيار العناوين له، سواء كانت مركزاً تجارياً أو مركزاً مالياً أو نفطياً أو خدمياً، فالصين استدارت من العدم، ومثلها كثير من النماذج، وهناك أمثلة من الإقليم، ووضع الكويت أسهل بكثير، فلها تاريخ قريب من التفوق والإبداع، ومعظم نماذج العالم الأخرى بدأت بموارد شحيحة، وفي الكويت ما يكفي ويزيد لتمويل استدارتها، وعدد سكانها قليل، بمجمله يبلغ 4.63 مليون نسمة، وبعدد مواطنين لا يتعدى 1.5 مليون نسمة.
وأكد التقرير أن مشكلة الكويت لم تكن في يوم من الأيام قصوراً في الرؤى أو ندرة في الموارد، وهي رغم كل ما حدث لها من تخلف لا تزال تملك كليهما، لكن المشكلة دائماً كانت في فهم تلك الرؤى وإدارة ما لديها من موارد، لافتاً إلى أنه ما لم نعِ مكمن المشكلة وأن الكويت على مفترق طرق، قد يأتي الزمن الذي لا تنفع معه رؤية أو موارد، فالضرر الناتج عن النهج الحالي لا يقتصر على تآكل الموارد والمالية، وإنما ذلك الحال البائس لرأس المال البشري، المتأخر تعليماً وانتاجاً.
رقم العجز يعتمد على أسعار النفط ووعود الحكومة بخفض عُشر المصروفات
بيّن «الشال» أنه رغم أن نشرة وزارة المالية تذهب إلى خلاصة مؤداها أن الموازنة في نهاية الشهر الثامن من السنة المالية الحالية قد سجلت عجزاً بلغ 775.4 مليون دينار، إلا أننا ننشره من دون النصح باعتماده، علماً بأن معدل الإنفاق الشهري سيرتفع كثيراً مع نهاية السنة المالية، ورقم العجز في الحساب الختامي للسنة المالية والمتبقي منها 4 أشهر سيعتمد بشكل جوهري على معدل أسعار النفط لما تبقى من السنة المالية الحالية، وجزئياً على وعود الحكومة بتحقيق وفر في المصروفات بحدود 10 في المئة.
وأوضح التقرير أنه وفقاً لتقرير المتابعة الشهري للإدارة المالية للدولة لغاية نهاية شهر نوفمبر الماضي، والمنشور على موقع وزارة المالية الإلكتروني، بلغت جملة الإيرادات المحصلة حتى نهاية الشهر الثامن من السنة المالية الحالية 2021/ 2022 نحو 11.325 مليار دينار، أي أعلى بما نسبته 3.6 في المئة عن جملة الإيرادات المقدرة للسنة المالية الحالية بكاملها، والبالغة 10.929 مليار دينار.
وأضاف «في التفاصيل، بلغت الإيرادات النفطية الفعلية حتى 30/11/2021 نحو 10.116 مليار دينار، أي أعلى بـ10.8 في المئة عن الإيرادات النفطية المقدرة للسنة المالية الحالية بكاملها والبالغة 9.127 مليار، وبما نسبته نحو 89.3 في المئة من جملة الإيرادات المحصلة.
وبلغ معدل سعر برميل النفط الكويتي نحو 73.7 دولار للشهور الثمانية الأولى من 2021/ 2022، وتم تحصيل ما قيمته 1.209 مليار دينار إيرادات غير نفطية خلال الفترة نفسها وبمعدل شهري 151.16 مليون، بينما كان المقدر في الموازنة للسنة المالية الحالية بكاملها نحو 1.802 مليار».
ولفت التقرير إلى أن البنوك الكويتية حققت أرباحاً بنحو 239 مليون دينار خلال الربع الثالث من العام الجاري، مقارنة بـ199.4 مليون للربع الثاني من العام ذاته، أي بارتفاع 39.6 مليون دينار وبنسبة 19.8 في المئة، كما ارتفعت بـ53 مليوناً أو بنسبة 28.5 في المئة عن أرباح الربع الأول البالغة 186 مليوناً.
وبيّن أن البنوك الكويتية استمرت في تطبيق سياسة حجز المخصصات مقابل القروض غير المنتظمة، فبلغ إجمالي المخصصات التي احتجزتها في الأشهر التسعة الأولى من 2021 نحو 478.4 مليون دينار مقارنة بـ785 مليوناً، أي انخفضت بنحو 279.6 مليون أو بنسبة 36.9 في المئة، ما يعني أن جانباً كبيراً من ارتفاع الأرباح الصافية يعود إلى انخفاض جملة المخصصات، مشيراً إلى أن المخصصات في القطاع المصرفي الكويتي مخصصات تحوطية في الغالب لمواجهة أسوأ سيناريو، لذلك قد تنعكس أرباحاً في ظروف اقتصادية أفضل كما حدث بعد أزمة عام 2008.
ونوّه التقرير إلى أن أرباح البنوك التقليدية وعددها 5 بنوك، بلغت نحو 384.4 مليون دينار مثّلت 61.6 في المئة من إجمالي صافي أرباح البنوك العشرة، مرتفعة بنحو 68.1 في المئة مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، بينما كان نصيب البنوك الإسلامية نحو 240 مليوناً مثّلت 38.4 في المئة من صافي أرباح البنوك العشرة ومرتفعة بنحو 75.6 في المئة عن مستواها في الفترة نفسها من العام الماضي، أي أن أداء الشق الإسلامي من البنوك خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري نما بمعدلات أعلى بعد التعافي من آثار الجائحة.
وبلغ مضاعف السعر إلى الربحية (P/E) لقطاع البنوك العشرة محسوباً على أساس سنوي نحو 24.5 ضعف، مقارنة بـ33.5 ضعف (أي تحسّن) عن الفترة نفسها من العام الفائت.
واستمر بنك الكويت الوطني في تحقيق أعلى قيمة في الأرباح بين البنوك العشرة ببلوغها 254.8 مليون دينار (ربحية السهم 33 فلساً) أو نحو 40.8 في المئة من صافي أرباح القطاع المصرفي، وبارتفاع 50.3 في المئة مقارنة مع الفترة ذاتها من 2020. وحقق «بيت التمويل الكويتي» (بيتك) ثاني أعلى أرباح بـ168.1 مليون دينار (ربحية السهم 20.08 فلس) أو نحو 26.9 في المئة من صافي أرباح البنوك العشرة، وبارتفاع 61.5 في المئة مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق.
وحقق بنك الكويت الدولي «KIB» أعلى نمو نسبي في الأرباح وبنحو 567.3 في المئة، إذ بلغت أرباحه نحو 4 ملايين دينار مقارنة بـ677 ألفاً.
وسجل البنك الأهلي الكويتي ثاني أعلى نمو نسبي وبنحو 365 في المئة، بأرباح بلغت 21.2 مليون دينار مقارنة بخسائر بنحو 7.8 مليون، نتيجة ارتفاع الربح التشغيلي وانخفاض المخصصات.