يُناقش مجموعة من القضايا الاجتماعية مثل الفروقات الطبقية والفكرية
«دار غريب»... فتح بوابة الماضي
- العمل يستند إلى بعض أفكار الروائي الروسي الشهير فيودور دوستويفسكي
- المخرج الحليبي نجح في تطويع نص المهدي
بين الواقع والخيال، تدور أحداث مسلسل «دار غريب»، الذي يُعرض على منصة «شاهد VIP» وقناة «mbc1».
حين تم الترويج للعمل، على أنه حكاية طموح وكفاح لرجل عاش غريباً، فقرّر أن يكرّس حياته لخدمة مجتمعه الجديد، لم يكن العقل ليتخيّل مدى العمق الذي يطرحه هذا العمل، وليس غريباً أيضاً أن يتصدّر قائمة الأكثر مشاهدة على المنصة في الكويت.
فقد استحضر الكاتب البحريني حسين المهدي الخيال، ليمزجه مع بعض القصص الواقعية، مستنداً أيضاً إلى بعض أفكار الروائي الروسي الشهير فيودور دوستويفسكي.
المسلسل، الذي ينتمي إلى الأعمال الحقبوية التي تعود بنا إلى حقبتي الستينات والسبعينات، يُناقش مجموعة من القضايا الاجتماعية، مثل الفروقات الطبقية والفكرية، وهو ما برع في صياغته المهدي، ونجح في تطويع نصه مواطنه المخرج حسين الحليبي، الذي قاد دفة العمل بنجاح ومعه كوكبة كبيرة من نجوم دول مجلس التعاون الخليجي والعراق منهم: عبدالمحسن النمر، عبدالله بوشهري، سارة العنزي، شيماء رحيمي، جمعان الرويعي، محمد عاشور، محمد الصفار، عليا البهدهي، إبراهيم البيراوي، عبدالمحسن القفاص، ابتسام عبدالله، سلوى الجراش وعلياء الشمري.
المسلسل في أحداثه، ينقل المشاهدين إلى الماضي بعض الشيء، كما يسلط الضوء على الصراع الذي يدور داخل جدران وحياة الأسرة الواحدة من مفارقات ومفاجآت تخص العائلة، مستعرضاً أهمية التسامح الذي يجعل المرء يحيا حياة طيبة، والانتقام والنقمة التي تؤدي به إلى الجحيم.
على الصعيد التمثيلي، برع الفنان النمر في تجسيد دور«غريب»، الذي يحاول بشتى الطرق أن يُساهم في تحسين حياة أولئك الذين يحيطون به وتغيير طريقة تفكيرهم، ويواجه في مهمته الشاقة المواقف والعقبات التي لا تُحصى. وكالعادة، أبدع في أدائه وكأنما الدور فُصّل له شخصياً.
فأظهر كم هو غريب، غريباً بالفعل عن مجتمعه المتواضع البسيط في تركيبته الاجتماعية والثقافية والمنشغل برزقه اليومي، حتى إنه كان متقدماً عن محيطه في فهمه ومعرفته، وتربطه علاقات وثيقة بمحيطه الخارجي... فهو الناشط فكرياً الذي يعبّر عن آرائه الاشتراكية بكتابة المقالات للصحف والمجلات المحلية والخارجية.
أما عبدالله بوشهري، فتألق في دوره وأتقنه، وربما ساعدته وسامته على هذا التميز. فهو يظهر في سياق الأحداث بدور «ناصر»، وهو ابن أحد التجار القدامى، العائد من إيطاليا بهندام راقٍ وشكل وأسلوب مختلفين، فيصبح محط أنظار وإعجاب فتيات القرية، ومن بينهن ندى ابنة غريب، والتي تهرب معه ويتزوجها بالفعل من دون موافقة أهلها، وهو الحدث غير اللائق للمجتمع الخليجي.
وأظهر الدور الذي أسند إلى الفنان محمد عاشور، مقدرته على التلوّن والإبداع، إضافة إلى براعته في خوض جميع الأدوار المختلفة، لاسيما المركبة منها.
فهو أتقن تأدية شخصية «سالم»، الشاب الطيب الذي يتعامل على السجية، فهو يعمل بحاراً لدى البائع «غريب»، الذي نهض بتربيته منذ صغره مثلما يظهر في أحد المشاهد، ومع تتابع الوقائع ومرور الوقت، يقع «سالم» في غرام «ندى»، ويتزوجها بعد طلاقها من «ناصر».
وفي ما يتعلق بالفنان عبدالمحسن القفاص، الذي عوّدنا على ميله شبه الدائم للأعمال التراثية، فالمشاهد يلمس الحس التمثيلي المرتفع للغاية لديه، ومدى براعته في التقلّب بالحالات. وظهر ذلك جلياً في تجسيده لشخصية البائع «زكريا»، الذي يدخل في شراكة عمل مع شقيقه، لكنها تفشل بسبب تدخلات عدد محدود من الناس، لهذا تحصل بينهما عداوة بسبب الثروة.
أما بالنسبة إلى الأداء النسائي، فقد أتقنت الفنانة سارة العنزي إظهار الجانب الرومانسي الذي تحتاجه شخصيتها، عبر تجسيدها لشخصية «ندى»، التي تمثل محوراً أساسياً في العمل. إذ نرى مدى ارتباط علاقتها بوالدها (النمر) وكذلك مع الأم التي تمثل دورها ميس كمر.
وبالنسبة إلى كمر، فإنها كالعادة، تنتقي أدوارها بدقة، وهذا بالفعل ما شاهدناه من خلال ظهورها في هذا العمل، إذ بدا الدور لائقاً بها، ولكن وفاتها في الحلقة 11، أفقدت المسلسل رونقه نوعاً ما، ويؤخذ على الكاتب والمخرج تغييبها، إذ كان لابد أن يستفيدا منها في حلقات أكثر.
وتألقت الفنانة شيماء رحيمي بدورها «سلوى»، ابنة «غريب» الثانية، وهي مشروع نجمة جديدة على الساحة الفنية الكويتية.
العمل، الذي أنتجته شركة «ماجيك لنس» للأخوين محسن وأحمد ملا حسين بالتعاون مع المنتج محمد عاشور، كان واضحاً فيه السخاء لخدمته، وذلك عبر بناء قرية خاصة له في مملكة البحرين حيث جرى تصويره.