عون مع جلسة حكومية بمَنْ حضر... و«حزب الله» مستاء من ميقاتي

لبنان بين «فجيعة دولار» تتوالى و«مُطاحَنة سياسية» تتمادى

عون يؤكد لوفد نقابة المحررين تأييده عقد جلسة للحكومة بمَنْ حضر
عون يؤكد لوفد نقابة المحررين تأييده عقد جلسة للحكومة بمَنْ حضر
تصغير
تكبير

- النيابة العامة التمييزية أحالت مذكرة توقيف علي حسن خليل على قوى الأمن للتنفيذ بعد رأس السنة
- انهيار دراماتيكي لليرة... و«إعصار» الدولار يُرْبك الأسواق
- قطع طرق في بيروت ومناطق ويوم غضب لقطاع النقل البري غداً

مع دولار ناطَحَ 30 ألف ليرة، طغى هديرُ الانهيارِ الدراماتيكي والتاريخي لليرة على كل ما عداه في المَشهد اللبناني الغارق في مُطاحَنَةٍ سياسيةٍ على جبهة التحقيق في انفجار مرفأ بيروت والتي لم تتأخّر في التشابُك مع كل عناصر التأزم، في الداخلِ المتناحرِ على «كل شيء»، كما مع الخارج لا سيما دول الخليج العربي التي تعلن «طفح الكيل» من نحْر التموْضع الطبيعي لـ «بلاد الأرز» تحت سقف الشرعيتين العربية والدولية.

وعلى وقع القاع الجديد الذي رُميت فيه العملة الوطنية مع تسجيل الدولار في السوق الموازية أمس نحو 28 ألفاً و400 ليرة، أي بوثبةِ ألفي ليرة في 24 ساعة، سادت الأسواقُ حال إرباك شديدة في ظل توقعات بمزيد من الارتفاعات السريعة، في ضوء زيادة الطلب لزوم ضرورات استيراد المحروقات وملاقاة فترة الأعياد ومتطلباتها، من دون أن تغيب «نظريات المؤامرة» المتقابِلة عن الخفايا السياسية للدفْع بالعملة الخضراء نحو سقوف يُخشى أن لا يعود لها سقف، والتي رواحت بين حديْن:

الأول أن الأمر يرتبط بمحاولة توظيف «الفجيعة النقدية» في لعبة «لي الأذرع» المستعرة على تخوم التعطيل المتمادي لجلسات مجلس الوزراء إلى أن يتم إيجاد مخرج لـ «الحرب المعلنة» من «حزب الله» ورئيس البرلمان نبيه بري على كبير المحققين في «بيروتشيما» القاضي طارق بيطار.

والثاني، عبرّتْ عنه أجواءُ فريق 8 مارس التي تضع «تسونامي الدولار» كواحدٍ من «أدوات» الضغط الخارجي لاسيما الأميركي لإكمال محاولة محاصرة «حزب الله» وصولاً إلى الانتخابات النيابية ربيع 2022 عبر الضغط عليه شعبياً، مُتَّهِمَةً القطاع المصرفي وحاكم «المركزي» رياض سلامة بـ «التواطؤ» مع هذا المسار.

وبمعزل عن «المسرح السياسي» لتحليق الدولار، فإن تداعياته المُرْعِبة والموجعة على اللبنانيين بدأت تتوالى عبر قفزات إضافية في أسعار المحروقات «الحارقة» أصلاً، وسط استعدادات لموجة تضخم عاتية جديدة على أبواب الميلاد ورأس السنة اللذين تنهمر في الطريق إليهما «الهدايا المسمومة» على رؤوس اللبنانيين الذين سيجد المزيد منهم أنفسهم غير قادرين على شراء حتى أبسط السلع، وسط امتناع العديد من المحال التجارية الصغيرة مثل الميني ماركت ومحال بيع الفواكه والخضار وبعض السوبرماركت عن البيع أمس، حيث أقفلت أبوابها لعدم قدرتها على «اللحاق» بالتدهور المريع لسعر الليرة والذي يمكن أن يكبّدها خسائر «قاتلة».

وأثار هذا الواقع المروّع مَخاوفَ من أن يولّد فوضى أمنية نقّالة قابلة لـ «الاستثمار» في ملاعب السياسة و«ألاعيبها»، في ظل استعادة مشهدية قطع الطرق أمس في بيروت ومناطق عدة وصولاً الى يوم غضب أعلن عنه قطاع النقل البري يوم غد، في موازاة ارتفاع في معدلات الجريمة على أنواعها، وكان من شواهدها عملية سطو مسلح في وضح النهار على فرع أحد المصارف في الزلقا (شمال بيروت) أصيب خلالها المدير بجروح.

وعلى وقع هذا «الغليان»، فإن أي مؤشراتٍ لم تَبْرز إلى أن الأفق المسدود حكومياً مرشّح لاختراقات في المدى المنظور، بل على العكس ازدادت «الاختناقات» والاحتقانات السياسية بين أطراف الصراع المتعدّد البُعد.

وفي حين كان «المؤتمر المعادي» للبحرين الذي عُقد في لبنان يستدرج تصويباً من «حزب الله» عبر إعلامه على رئيس الحكومة نجيب ميقاتي على خلفية مسارعته للإيعاز إلى القضاء بملاحقة القضية واتخّاذ الإجراءات اللازمة بحق المتورطين في موازاة رسمه موقفاً متقدّماً يدين ما حصل وأي إساءة لعلاقات بيروت مع دول الخليج العربي، وسط تقارير كشفت أن مخابرات الجيش اللبناني باتت لديها كامل المعطيات عن كيفية تنظيم المؤتمر و«خداع» الفندق الذي أقيم فيه، فإنّ هذه «الإشارة» عكست مناخات الاستياء التي تسود «حزب الله» منذ «اندفاعة» باريس وتَماهيها مع مرتكزات الغضبة الخليجية على لبنان الرسمي والتي ترتبط بوضعية الحزب خارج الدولة وصولاً لإحياء مثلث القرارات الدولية الناظمة لسلاحه من الـ1559 مروراً بالـ 1680 وصولاً إلى الـ 1701.

وفيما كانت الأنظار أمس على القمة الخليجية في الرياض ومقرراتها حيال لبنان، بدا أن ملف المؤتمر وما تضمّنه من إطلاق تقرير تضمّن ادّعاءات مسيئة ضدّ المنامة، سيشكّل عنصر تجاذب داخلياً يُضاف الى «الجمر» الكثيف الذي «يحرق» حتى الساعة أي إمكان لاستئناف جلسات مجلس الوزراء، وسط إصرار ميقاتي على عدم الدعوة لجلسة قبل بلوغ تفاهُم على حلّ لا يمرّ عبر الحكومة ومن شأن حصوله توفير «طوق نجاة» لها مما تعتبره أوساط غير بعيدة عنه بمثابة «إطلاق رصاصة» في رأس الحكومة واستمراريّتها، في مقابل ضغْط من رئيس الجمهورية ميشال عون وفريقه على ميقاتي للدعوة إلى جلسة بمَن حضر، مع امتناع هذا الفريق حتى الساعة عن تأمين الغطاء لمعالجة قضية بيطار عبر البرلمان على قاعدة كف يده عن ملاحقة رؤساء الحكومة والوزراء.

ولم يكن عابراً أمس تطوُّر قضائي يشي بتفاعلاتٍ متدحرجة في أكثر من اتجاه، وتمثّل في إحالة النيابة العامة التمييزية مذكرة التوقيف بحق الوزير السابق النائب علي حسن خليل (المستشار السياسي لبري) التي أصرّ عليها القاضي بيطار على قوى الأمن الداخلي للتنفيذ (وفق ما ينص عليه الدستور) بعد انقضاء عقد دورة مجلس النواب الحالية والتي تنتهي آخر السنة.

ورغم أن تنفيذ هذه المذكرة «خارج التصور»، إلّا أن مفعولها السياسي سيكون مدوياً في ضوء احتدام معالم المكاسرة بين عون وبري خصوصاً، وسط تلويح بـ«توازن تعطيل» للسلطتين التنفيذية والتشريعية عبّرت عنه تقارير لمّحت إلى أن رئيس الجمهورية لن يوقّع مرسوم فتْح دورة استثنائية لمجلس النواب (دورة انعقاده العادية الثانية في مارس) بحيث ترتسم معادلة «لا حكومة شغّالة، لا برلمان يعمل».

وإذ كان أقوى تعبير عن موقف الثنائي الشيعي يتظهّر بكلام وزير الثقافة محمد وسام المرتضى عن «الطغاة المحليين ومشغيلهم الدوليين»، كما بموقف المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان الذي اعتبر «أن ما يجري الآن حرب مالية شاملة بأسوأ أدوات القتل، عبر»مركز قيادة ناظمة إسمها عوكر«، توازياً مع قرار سياسي دولي محلي بحماية المندوب القضائي الأميركي طارق بيطار المصرّ على إغلاق البلد سياسياً حتى لو وصل الدم للركب»، عكست جملة مواقف لعون أمس أن الأزمة الحكومية ماضية نحو «حرق المراكب» حتى إشعار آخر.

فرئيس الجمهورية أكد خلال استقباله أمس وفد نقابة المحررين أنه يؤيد الدعوة الى عقد جلسة لمجلس الوزراء حتى ولو تمت مقاطعتها، «وبتنا أمام وجوب الاختيار بين السياسة والقضاء، فلمَنْ الغلبة؟ للصفة التمثيلية ام القضائية»؟ مشدداً على انه «لا يمكن ابقاء الحكومة معطلة، فهناك امور تحتاج الى البت بها، ومنها مثلاً إقرار الموازنة لتسهيل مسائل الكهرباء وغيرها».

وأوضح «أن التفاهم قائم بشكل كبير مع رئيس مجلس الوزراء وان وجود اختلاف في الرأي احياناً لا يعني الخلاف»، أما عن العلاقة مع حزب الله، «فهناك أمور يجب ان تقال بين الاصدقاء، ونحن ننادي بما يقوله الدستور، لان عدم احترامه يعني ان تسود الفوضى».

وإذ تساءل «عما إذا كان تسليم الأموال الى الشعب مباشرة من دون المرور بالدولة، هو لتمويل الانتخابات النيابية وإيصال مَنْ ليس لديه تجربة الى الندوة البرلمانية»، أمل «بعد هذه الأحداث، نهاية حقبة معيّنة تخطى عمرها الـ30 سنة، وباتت تحتاج الى تغيير»، مؤكداً من جهة ثانية ان الانتخابات ستحصل، «والأمر الذي غيّرته هو تاريخ إجرائها من 27 مارس إلى 8 أو 15 مايو، وسنتفق على ذلك».

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي