قانونيون يرسمون عبر «الراي» وصفة ناجعة لمعالجة سيل القضايا المتزايد

«الدراسة والعمل»... لا حاجة لتشريع جديد والحل بإلغاء قرارات المنع

تصغير
تكبير

- إبراهيم الحمود: الأصل هو الإباحة في «الجمع»
- فيصل الحيدر: المحاكم بجميع درجاتها... حسَمَت القضية لصالح «الجمع»
- شيخة الجليبي: «الجمع» جيد لجهة العمل في رأي متطابق مع آراء القانونيين والخبراء
- دويم المويزري: الرجوع للحق بإلغاء قرارات المنع

ما بين تأكيد القضاء الحق الدستوري الأصيل للمواطن بالتعليم واختيار التخصص وبين النصوص التي تستند إليها الجهات الحكومية، تبقى مشكلة الموظف الراغب بالجمع بين الدراسة والعمل قائمة حتى إشعار آخر، على الرغم من تراكم القضايا المحكوم فيها لصالح الموظفين، إذ إنّها تبقى فردية ولا يمكن تعميمها.

فالمحاكم تستند إلى أن «منع الجمع بين العمل والدراسة مخالف لمواد الدستور الذي كفل حق التعليم، كما كفل حرية الإنسان في أن يختار ما يراه مناسباً من مجالات التعلم».

في المقابل، يستند ديوان الخدمة المدنية ووزارة التعليم العالي إلى 3 حجج رئيسية لرفضهما دراسة الموظف من دون إذن جهة عمله، هي:

1 - المادة الثامنة من قرار مجلس الخدمة المدنية رقم 10 لسنة 1986 التي تشترط أن تكون البعثة أو الإجازة أو المنحة في مجال الوظيفة التي يشغلها الموظف، وضمن خطة البعثات المعتمدة من ديوان الخدمة.

2 - المادة 25 من القرار نفسه التي تنص على أن المُجاز دراسياً يجب أن يكون متفرغاً تفرغاً كاملاً وأن يُخصّص كل وقته لدراسته.

3 - المادة 11 من لائحة معادلة الدرجات العلمية ما بعد الثانوية العامة الصادرة من الخارج بقرار وزير التعليم العالي رقم 17 لسنة 2019، والتي تنص على أنه لا يتم النظر في معادلة الدرجات العلمية من قبل اللجنة، في حال كان الموظف قد حصل عليها من دون حصوله على إجازة دراسية أو بعثة. ومع تراكم القضايا «الفردية» وتطبيق الجهات الحكومية للنصوص، تبقى المشكلة قائمة.

«الراي» سألت عدداً من القانونيين والخبراء بحثاً عن حل للأزمة، فأكدوا أن الوصفة القانونية تتمثل بـ«أن تتقدم الحكومة بمشروع بقانون بإلغاء جميع القرارات الإدارية الصادرة منها، والتي تمنع الجمع بين الوظيفة والدراسة الجامعية العليا للطلبة الراغبين بمواصلة تعليمهم العالي».

رأى أستاذ القانون في جامعة الكويت الدكتور إبراهيم الحمود، في تصريحات لـ«الراي»، أن «الأصل في الجمع بين الدراسة والعمل هو الإباحة، ونص الدستور الكويتي على الحق في حرية التعليم وأن الدولة تكفله وترعاه وتشجعه»، لافتاً إلى أن «إذا كان هناك مواطن يريد أن يرقي نفسه تعليمياً فهذا من حقه الدستوري».

وأضاف ان «القرارات الصادرة من ديوان الخدمة المدنية والتعليم العالي في هذا الصدد غير دستورية وتشكل تعدياً على حق أصيل من حقوق الإنسان التي حماها الدستور»، لافتاً إلى أن «تعديل هذا الوضع بعد صدور أحكام باتة وقطعية توجب صدور قرار من ديوان الخدمة المدنية والجهات الحكومة المعنية، بإلغاء القرارات السابقة التي تمنع الجمع بين العمل والدراسة وليس سحبها، كونها قرارات مخالفة للدستور وفقاً لأحكام المحاكم الكويتية».

قال الدكتور فيصل أحمد الحيدر، المتخصص بالقانون العام، «هناك العديد من القضايا الادارية، قام برفعها العديد من الموظفين المواطنين، سواء العاملين بالقطاع الخاص أو القطاع الحكومي، للمطالبة بإلغاء القرار الاداري السلبي بالامتناع عن الموافقة على منح الموظف العام (الذي يعمل بالقطاع الحكومي أو العامل بالقطاع الخاص) الإذن لاستكمال دراسته للحصول على شهادة الدكتوراه أو شهادة الماجستير من إحدى الجامعات العربية أو الأجنبية، والتي هي معتمدة من قبل وزارة التعليم العالي بالكويت».

وأضاف، في حديثه لـ «الراي»، «يستند المنع على أن الموظف الكويتي حصل على شهادة البكالوريوس بتخصص ما مثل الهندسة أو الحقوق أو أي تخصص في مجال العمل الذي يؤديه، من جامعة الكويت أو حصل عليها من الجامعات العربية أو الأجنبية المعتمدة من قبل وزارة التعليم العالي بدولة الكويت، ثم يرغب على طلب الموافقة من جهة عمله على منحه الإذن لاستكمال دراسته العليا سواء للحصول على شهادة الماجستير أو الحصول على شهادة الدكتوراه على نفقته الخاصة وتحت مسؤوليته، إلا أنّ الجهة الإدارية التي يعمل بها ذلك الموظف أو الموظفة، تمتنع عن ذلك بحجة مخالفته لقاعدة (عدم جواز الجمع بين الوظيفة والدراسة)».

وبيّن أنّ «هذا الامتناع كيّفته المحاكم الإدارية بجميع درجاتها القضائية بأنه يشكل قراراً إدارياً سلبياً غير مشروع، وذلك لأن الطالب (الموظف أو الموظفة) يرغب في استكمال دراسته على نفقته الخاصة، بما لا يتعارض مع عمله، خصوصاً أن طبيعة الدراسة للحصول سواء على شهادة الماجستير تعتمد في كثير من الحالات أو الأحيان على مجرد تقديم خطة البحث العلمي ومن دون مواد دراسية، مع دفع مصاريف الدراسة كافة، وإعداد الرسالة العلمية بالتخصص الذي يرغب به الطالب (الموظف أو الموظفة) وموافقة المشرف على الرسالة التي يقدمها، وبالتالي الحصول على شهادة الدكتوراه على وجه الخصوص التي لا تتطلب التفرغ الكامل».

ولفت إلى أن «الجهات الإدارية الحكومية (وزارات الدولة ومؤسساتها) تمنع الموظفين، سواء الذكور أو الإناث، من استكمال دراستهم العلمية العليا بحجة واهية، وهي التمسك بالقرارات الادارية الفاسدة، مثل قرار (عدم جواز الجمع بين الوظيفة والدراسة)»، موضحاً أنّ «هناك الكثير من القرارات الإدارية الصادرة من مجلس الخدمة المدنية أو من وزارة التعليم العالي، تشترط التفرغ الكامل للدراسة بما لا يتعارض مع طبيعة العمل بالوظيفة، والذي أيضاً يتطلب التفرغ التام لأداء الوظيفة وتخصيص الوقت الشامل من أجلها، ومفاد ذلك أنه لا يجوز الجمع بين الوظيفة والدراسة للطلبة الراغبين بمواصلة تعليمهم العالي».

وبيّن أن «محكمة التمييز الكويتية بدوائرها الإدارية، بما فيها أحكام المحكمة الكلية بدوائر الإدارية (وعددها يفوق 11)، وأحكام محكمة الاستئناف بدوائرها الادارية، قد حسمت موضع عدم جواز الجمع بين الوظيفة والدراسة، وسمحت به، من خلال الطعن أرقام 1652 لسنة 2018 إداري، جلسة 22 /5 /2019، والطعن رقم 2681 لسنة 2019 إداري، جلسة 17 /5 /2021... وغيرها من الطعون بالتمييز بالدوائر الادارية».

وقال إنّ «معظم الأحكام استندت على أنه وفقاً لأحكام المادتين (13) و(40) من الدستور الكويتي، فإنّ التعليم ركن أساسي لتقدم المجتمع، وتكفله دولة الكويت بل وترعاه. والمادة رقم (40) تنص صراحة وبوضوح كوضوح الشمس في رابعة النهار، بأن التعليم حق أصيل للكويتيين، بحيث تكفله الدولة وذلك وفقاً للقانون، وفي حدود النظام العام والآداب».

وخلص الحيدر إلى أن «الموظف أو الموظفة يستطيعان إكمال دراستهما العليا وعلى نفقتهما الخاصة، من دون تعارض بين الدراسة والوظيفة، علماً أنه وفقاً للمعايير الدولية الجامعية لا يُشترط على الطالب الانتظام الكامل واجتياز عدد من المواد الدراسية، وخاصة في مرحلة الحصول على شهادة الدكتوراه والتي تعتمد على تقديم البحث العلمي وإعداد الرسالة كما سلف بيانه من قبل».

وأعرب عن أمله أن «تقدم الحكومة الرشيدة مشروع قانون بإلغاء جميع القررات الإدارية الصادرة عنها والتي تمنع الجمع بين الوظيفة والدراسة الجامعية العليا للطلبة الراغبين بمواصلة تعليمهم العالي، في حالة ثبوت أن الجهة الجامعية لا تشترط التفرغ الكامل للدراسة، وأن طبيعة الدراسة للحصول على شهادة الدكتوراه (على سبيل المثال) تقوم فقط على البحث العلمي وإعداد الرسالة العلمية، من دون مواد دراسية إجبارية. وعلى أن يتحمل الموظف أو الموظفة التكفل الكامل والشامل بدفع مصاريف الدراسة كافة على نفقته الخاصة وتحت مسؤوليته (أو مسؤوليتها)».

ولفت إلى أن «الذي يتقدم للقضاء الإداري بدعوى إدارية للمطالبة بالاذن لاستكمال دراسته هو فقط الذي يستفيد من الحكم الاداري في حالة الاستجابة لطلبه، ولا يستطيع الغير الاستفادة من ذلك الحكم كونه صدر فقط لصالح من قام برفعه أمام القضاء الاداري العادل والشامخ».

قالت المحامية شيخة الجليبي إنّ «المسألة لا تتطلب تعديلاً تشريعياً، وإنما فقط تعديل قرارات الخدمة المدنية بما يتماشى مع مصلحة الموظف، خصوصاً مع صدور مجموعة من الأحكام لصالح الموظف بتأكيد حقه في الجمع بين الوظيفة والدراسة».

وشددت على أنه «من غير المعقول استمرار صدور أحكام بهذا الشأن وعدم تعديل قرار المنع بديوان الخدمة المدنية، إلى جانب أن السماح للموظف بالجمع بين الدراسة والتعليم أمر جيد لجهة العمل، حيث إن الموظف يطور من مستواه التعليمي وبالتالي الوظيفي».

وقال الدكتور دويم المويزري، الذي تبنى تلك القضية وحصل على أحكام عدة لصالح موكليه الراغبين في الجمع بين الدراسة والعمل، لـ «الراي»، إن «الأمر لا يحتاج تشريعاً قانونياً، وإنما المطلوب إلغاء هذا القرار (الذي يمنع الجمع) غير الدستوري والمخالف لمواد الدستور رقم 13 و14 وغيرهما من المواد التي أكدت جميعها حق المواطن في التعلم»، لافتاً إلى أن «المطلوب الرجوع للحق والدستور وإلغاء القرارات التي تمنع الجمع».

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي