بكين تدين «التحيز الايديولوجي» لواشنطن... «ستدفع الثمن»
من كسينجيانغ إلى «كورونا» ومروراً ببينغ شواي... مقاطعة ديبلوماسية أميركية لأولمبياد بكين الشتوي
من فيروس كورونا المستجد إلى المقاطعة الديبلوماسية الأميركية، مروراً بقضية نجمة كرة المضرب بينغ شواي، تواجه دورة الألعاب الأولمبية الشتوية المقررة في بكين بين 4 و20 فبراير 2022، سلسلة من المآزق التي تُحرج النظام الشيوعي.
وأعلنت إدارة الرئيس جو بايدن، الاثنين، المقاطعة الديبلوماسية لأولمبياد بكين احتجاجاً على سجل حقوق الإنسان في الصين، ولاسيما تعاملها مع الأقليات المسلمة الذي تعتبره واشنطن شكلاً من أشكال «الإبادة الجماعية».
- ما هي «المقاطعة الديبلوماسية»؟
بموجب المقاطعة، لن ترسل إدارة بايدن أي ديبلوماسي أميركي أو ممثل حكومي رسمي الى الألعاب.
لقد حظي مضيفو الأولمبياد تقليدياً بالاهتمام العالمي والذي يشمل غالباً زيارات القادة أو المسؤولين الأجانب الى البلد المضيف. فالرئيس الأميركي جورج دبليو بوش، على سبيل المثال، كان متواجداً في بكين خلال الأولمبياد الصيفي عام 2008 لمساندة رياضيي بلاده.
لكن الاتهامات بأن الصين أخضعت الأويغور في إقيلم كسينجيانغ (شمال شرق) واحتجزت ما لا يقل عن مليون مسلم في «معسكرات إعادة تأهيل»، يجعلان من غير المقبول سياسياً بالنسبة للأميركيين، رؤية مسؤول من بلادهم في المدرجات خلال أولمبياد بكين.
ما يحصل يمكن وصفه بقرار تجاهل مع لسعة أقل بكثير من المقاطعة الكاملة التي دعا إليها بعض المشرعين الأميركيين البارزين والجماعات الحقوقية والتي من شأنها أن تمنع مشاركة الرياضيين والمدربين والإداريين.
- إيقاد الشعلة الأولمبية
كما تشكك جمعيات الدفاع عن حقوق الإنسان بالوجود الصيني في التيبت، وتتهم بكين بقمع الحريات الدينية، في وقت يتهم الدالاي لاما، الزعيم الروحي للتيبت، النظام الشيوعي بارتكاب «إبادة ثقافية».
وفي منتصف أكتوبر، تعطل حفل إيقاد الشعلة الأولمبية في اليونان بسبب تظاهرة قام بها نشطاء مؤيدون للتيبت. وحاول الناشطون رفع لافتة حملة «لا لألعاب الإبادة»، لكنهم لم يفلحوا بذلك سوى لثوانٍ معدودة قبل إلقاء القبض عليهم، فيما كان الحاضرون يوقدون الشعلة في موقع أولمبيا.
- تأثير المقاطعة على الألعاب؟
لا يبدو أنها ستؤثر بتاتاً على المجريات الرياضية للألعاب.
ففي إعلان المقاطعة، شددت الناطقة باسم البيت الأبيض جين بساكي، على أن الرياضيين الأميركيين أحرار في المنافسة و«سنساندهم مئة في المئة بتشجيعهم من الوطن»، عوضاً عن التواجد بجانبهم في بكين.
وكشف ناطق باسم وزارة الخارجية، أن أعضاء الفريق الأميركي ومدربيهم وغيرهم من الطواقم سيتلقون المساعدة الأمنية القنصلية والديبلوماسية، وليس هناك ما يشير الى أن الصينيين سيعاملونهم بشكل مختلف عن الوفود الأخرى المشاركة.
على أي حال، نادراً ما يظهر كبار السياسيين في الألعاب الشتوية، ومن المرجح أن يتم تقييد الأرقام بشكل أكبر بسبب البروتوكولات المشددة المرتبطة بـ«كوفيد - 19».
- مقاطعة دول أخرى!
أعلنت فرنسا، أنه «سيكون هناك تنسيق على مستوى الاتحاد الأوروبي في شأن أولمبياد بكين»، بينما انتقد الكرملين، قرار المقاطعة، مؤكداً على وجوب إبقائها «بعيدة عن السياسة».
ومن المتوقع أن يؤدي النفوذ الاقتصادي والسياسي العالمي المتنامي للصين إلى ردع معظم الدول الأخرى من الانضمام الى المقاطعة الديبلوماسية الأميركية.
إلاّ أنّ ذلك لا يضمن بأن الصين ستتجنب الانتقادات خلال الألعاب، إذ تبقى الحرية للرياضيين الأولمبيين في التحدث أثناء وجودهم في بكين عن مسائل حقوق الإنسان.
واتضحت احتمالية توجيه انتقادات من قبل الرياضيين بعد توجيه نجمة كرة المضرب الصينية بينغ شواي اتهامات بالاعتداء الجنسي ضد سياسي بارز سابق في الحزب الشيوعي.
ودفع اختفاءها لاحقاً عن المشهد العام لمدة ثلاثة أسابيع، كبار نجوم اللعبة للتعبير عن قلقهم على سلامتها، وأدى الى قرار من رابطة اللاعبات المحترفات (دبليو تي أيه) بتعليق كل الدورات التي تستضيفها الصين.
وبحسب مراقبي الألعاب، فإن المقاطعة الإعلانية من قبل كبار رعاة الألعاب الأولمبية، أمر مستبعد جداً.
- مقاطعات في السابق
شهدت الألعاب الأولمبية، ولاسيما الصيفية، العديد من المقاطعات في العقود الماضية، بقرار فردي من الدول أو ككتل منذ أن أقيمت الألعاب الحديثة الأولى في أثينا عام 1896.
وعادة ما تكون هذه الدول عبارة عن دول تعارض مشاركة الأعداء الأيديولوجيين، مثل عدم مشاركة الدول الإسلامية للاحتجاج على وجود الرياضيين الإسرائيليين في الألعاب، أو غياب كوريا الشمالية عن أولمبياد 1988 الذي استضافته الجارة اللدودة كوريا الجنوبية في سيول.
وتبقى المقاطعة التي حصلت عام 1980 الأكبر في تاريخ الألعاب، بعدما قرر الرئيس الأميركي جيمي كارتر عدم إرسال رياضيي بلاده الى ألعاب موسكو احتجاجاً على الغزو السوفياتي لأفغانستان، فرد السوفيات بعد أربعة أعوام بمقاطعة أولمبياد لوس أنجليس.
والتأثير الأكبر لكل من هاتين المقاطعتين كان على جدول ميداليات الألعاب، إذ استفاد كل طرف من غياب الآخر لزيادة غلته.
- كيف سترد الصين؟
نددت بكين بالحديث عن المقاطعة منذ شهور، وحذرت من أن «واشنطن ستدفع ثمن أخطائها».
ورأت مجموعة «أوراسيا»، أن الرد سيقتصر غالباً على القنوات الديبلوماسية وقد يشمل فرض عقوبات رمزية الى حدٍ كبير على بعض السياسيين الأميركيين.
لكن بكين حذرت من أن المقاطعة قد يكون لها تأثير أوسع على العلاقات، ما قد يؤدي الى تعقيد جهود بايدن في إحراز تقدم مع بكين في قضايا مثل محادثات الحد من التسلح والجهود المبذولة لتهدئة التوترات في شأن وضع تايوان.
وقال الناطق باسم وزارة الخارجية تشاو ليجيان «ترقبوا ما سيحصل».
وأضاف أن «المسعى الأميركي للتدخل في أولمبياد بكين الشتوي بدافع التحيز الايديولوجي بناء على أكاذيب وإشاعات، سيكشف فقط نوايا (الولايات المتحدة) الخبيثة».