من منظور آخر

لماذا يستخدم المجتمع جنس المرأة كشتيمة؟

تصغير
تكبير

في مجتمعاتنا العربية يتم استخدام جنس الرجل للمدح، في حين يتم استخدام جنس المرأة للشتيمة والتقليل من شأن الآخر، وذلك لا يتم عبر الأوساط الاجتماعية ولا تستخدم في الشارع فقط بل حتى في وسائل الإعلام وعلى الملأ، وكذلك من نواب مجلس الأمة أثناء خطاباتهم الانتخابية، بالرغم من أن ذلك النائب يمثل عامة الناس من الجنسين.

يحدث ذلك بسبب المفاهيم الخاطئة والتي تعتمد بشكل أساسي على مفهوم النوع الاجتماعي «الجندر»، قد يكون البعض منكم قد قرأ مسبقاً عن ذلك، والبعض الآخر قد لاحظ انتشار مصطلح «الجندر» كثيراً في الآونة الأخيرة، يعتبر هذا المفهوم حديث العهد في مجتمعاتنا العربية، حيث بدأ انتشاره على الساحة العربية بالثمانينات والتسعينات من القرن العشرين، أما في الغرب فقد انتشر في القرن التاسع عشر من خلال ثلاث موجات نسوية ظهرت في أميركا الشمالية، ومن ثم انتقلت إلى أوروبا الغربية في عام 1988.

إذا ما هو مصطلح الجندر؟ وماعلاقته بالموضوع الأساسي للمقال؟

يطلق مصطلح النوع الاجتماعي «الجندر» على العلاقات والأدوار الاجتماعية والقيم التي يحددها المجتمع لكل من المرأة والرجل، وتتغير هذه الأدوار والعلاقات والقيم وفقاً لتغير المكان والزمان، وذلك لارتباطها بالعلاقات الاجتماعية الأخرى مثل: الطبقة الاجتماعية، والعادات والتقاليد، والعرق، والثقافة، والدين، والإعلام.

الجندر يختلف عن جنس الشخص، حيث إن جنس الشخص يكون إما أنثى وإما ذكراً بناءً على مجموعة من الخصائص البيولوجية والفسيولوجية لكل منهما، أي أن اختلاف الكروموسومات والهرمونات الذي يميز الأنثى بالرحم، والرجل بالإخصاب، وغيرهما من الاختلافات المتعلقة بالجسد، أما الجندر فهي أدوار وسلوكيات وفئات محددة من المجتمع، بحيث يعتبر مجموعة من الصفات والسلوكيات خاصة بالرجل لا تتناسب مع المرأة والعكس كذلك، وتختلف تلك المعايير حسب العادات والتقاليد والبيئة الاجتماعية التي نشأ كل منهما.

إذاً، الجندر يتشكل بناء على مقاييس المجتمع، فالمجتمع الذي يعتقد أن المرأة تابعة للرجل، وبمستوى أدنى من الرجل، وحقوقها أقل أهمية، وبأنها كائن ضعيف، عاطفي، ناقص عقل، لا يمكنها اتخاذ القرارات الصائبة بل على وليها أن يتخذ قراراتها نيابة عنها، سيعتبرها مثالاً جيداً للشتيمة والتقليل من الآخر، حيث إن أحدهم لو قال لآخر يا امرأة ذلك يعني أنك ضعيف وناقص عقل ولا تعرف أن تميز بين الصح والخطأ، كذلك المجتمع الذي ينظر إلى الرجل على أنه كائن عاقل، شجاع، شهم، قوي، متزن، سيعتبر أن كلمة رجل مدح لأنها تدل على أنك قوي وشجاع وشهم.

من المهم أن نعرف جيداً أن الصفات والسلوكيات لا تعتمد على جنس الشخص بل على شخصية وأخلاق الشخص، فمن الطبيعي جداً أن تكون امرأة وقوية، رجلاً لكن ضعيف، وقد يكون رجلاً قوياً، وامرأة ضعيفة، جنس كامل ليس له علاقة بأي من الصفات والأخلاقيات. عندما يقول أحدهم عن جنسية ما بأنهم كذابون على سبيل المثال سيعتبر الجميع أن ذلك عنصرية، لماذا لا يحدث ذلك عندما تطلق ألقاباً على جنس كامل؟

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي