No Script

أبعاد السطور

كويتيون من كوكب آخر!

تصغير
تكبير

في أكتوبر عام 1789م، اتجهت حشود من الشعب الفرنسي الغاضبة نحو قصر فرساي الملكي وحاصرته، ورغم تمترس العسكر حول القصر إلا أن الشعب الثائر على الجوع استطاع أن يقف على مقربة من شرفات ونوافذ القصر، ثم أخذت الحشود تهتف بغضب وحماس بعبارات ضد الغلاء المعيشي الذي تعاني منه، والذي طال حتى سعر رغيف الخبز.

فلما بلغت الهتافات مسامع الملكة ماري أنطوانيت التي كانت حينها داخل القصر، انتبهت لذلك، وسألت من كان حولها من المستشارين: لِمَ الشعب غاضب؟ فأجابوها بأنه غاضب بسبب الغلاء المعيشي وارتفاع سعر رغيف الخبز.

فقالت وهي البعيدة كل البعد عن معاناة الشعب: إذا لم يستطيعوا أن يشتروا الخبز، قولوا لهم بأن يشتروا كعكاً!

هناك صنف من البشر لا يشعر بما يشعر به بقية البشر! أي بمعنى آخر أنه بعيد جداً عن هموم من هُم عن يمينه وعن شماله، وبمعنى أوضح أن المعنيين في هذا المقال هم أولئك الذين يفرحون عندما يحزن الآخرون، ويطربون عندما يتألم الآخرون، ويرقصون عندما ينكسر الآخرون، وأهم ما يهمهم في حياتهم هو أن يملأوا صدور الناس بالنكد بقدر ما يستطيعون.

يخرج أحدهم ويقول، إن الحكومة لن تكون قادرة أن تعطي كل مواطن منزلاً للسكن، ويخرج شخص ثان على شاكلة الأول، ويقول لابد على المواطن أن يدفع للدولة مقابل الخدمات العامة التي تقدمها له، ويخرج ثالث من ذلك الصنف نفسه، ويقول إنه لا يوجد فقير في الكويت، ويخرج رابع من نوعية الثلاثة الذين سبقوه ذاتها، ويقول إن المواطن الكويتي لا ينقصه شيء، ويخرج خامس من الصنف المتحدث ذاته، ويقول متسائلاً متعجباً إلى متى يحصل المواطن على البدلات الوظيفية وبدل الايجار، ويخرج سادس يوافقهم تماماً في النوع والفكر، ويقول إن قانون الضرائب لابد أن يتم تطبيقه على المواطن من أجل المصلحة الاقتصادية للبلاد!

وهنا أتساءل حقيقةً والله، هل أولئك المُتحدثين أعلاه مواطنون مثلنا مثلهم؟ ولاّ هم مواطنون من كوكب آخر؟!

وصدق النائب السابق عواد برد حينما قال في إحدى قصائده عن ذلك الصنف من الناس:

المانـعون عـبـاد الله حـقـهـُمُ

الشاربون إناء الكيد والحسدِ

النائمون على آهات من ظلموا

الغارقون بعيش العز والرغدِ

المظهرون على كرهٍ بشاشتهم

والله يعلم ما يخفون من عُقدِ

المفرغون سموماً من إنائهـِمُ

والمالئون صدور الناس بالنكدِ

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي