ألوان

انقذوا الأرض

تصغير
تكبير

أمنا الأرض مريضة، وتئن منذ قرون طويلة من الزمن، وعلى الرغم من أن العوامل المسببة لآلامها كثيرة ومتنوعة إلا أن الإنسان هو الأكثر إضراراً بها والسبب الرئيس لمعاناتها.

إن أمنا الأرض تعاني من ضغوط ومشاكل كثيرة، بعضها داخلي متمثلاً بارتفاع درجة الحرارة والقضاء على الغابات والتصحر وقلة المساحات المزروعة، رغم زيادة عدد سكان الأرض من البشر، إضافة إلى الحيوانات التي انقرضت والأخرى التي ما زالت تشاركنا الحياة مع انتشار الأمراض المعدية والأمراض الخطيرة التي ظهرت بعد كثرة استخدام الأسلحة النووية واليورانيوم المنضب، إضافة إلى الضغوط الخارجية مثل النيازك وتأثر طبقة الأوزون التي أدت إلى ارتفاع درجة حرارة الأرض بصورة مخيفة، علاوة إلى ذوبان الثلوج في القطبين الشمالي والجنوبي مما أدى إلى زيادة معدل الأمطار وبالتالي الفيضانات، الأمر الذي يشكل تحدياً كبيراً للحياة.

إن أمنا الأرض حاولت أن تبذل قصارى جهدها لتحافظ على التوازن البيئي لما قام به أبناؤها، إلا أنها فقدت قوتها تدريجياً لتجد نفسها وحيدة تواجه سلسلة من التحديات، وقد حاولت مراراً وتكراراً أن تنقذ ما يمكن إنقاذه إلا أنها وجدت نفسها تسبح ضد التيار بسبب الجنوح نحو الصناعة الحديثة التي من أضرارها معظم الأمراض التي يعاني منها قلب الأرض.

إن أمنا الأرض تصرخ منذ زمن طويل، فكان الصدى من بعض العلماء الذين حذروا عبر منابرهم العلمية ثم الإعلامية من خطورة الوضع الصحي للأم وإلا فإن الكرة الأرضية بمن فيها من البشر والحيوانات والنباتات سوف يجدون أنفسهم أمام كارثة بيئية وقتها لن تنفع لا الإنجازات العمرانية ولا السندات المالية في تحقيق بيئة ملائمة للحياة.

إن أمنا الأرض تعاني بشدة من الاحتباس الحراري، وهو زيادة درجة حرارة الأرض على السطح مع زيادة غاز ثاني أكسيد الكربون وغاز الميثان وغيرها من الغازات في الجو.

إن أمنا الأرض تعاني، والأمين العام للأمم المتحدة السيد انطونيوغوتيريش، الذي تقلد منصبه في عام 2017م أعلن في أكثر من مناسبة آخرها في قمة المناخ التي أقيمت أخيراً في مدينة غلاسكو الأسكتلندية، أن «تأثير تغير المناخ أسوأ مما كنا نظن»، وأعلنت الأمم المتحدة بأن تغير المناخ كان متوقعاً، وأن الجهود المبذولة لإبطائه لا تزال غير قوية بالشكل الكافي.

إن أمنا الأرض موبوءة وقد ذكرت وكالة «بلومبرغ» للأنباء، وهي وكالة أنباء دولية تأسست في عام 1990م، ومقرها في ولاية نيويورك بالولايات المتحدة الأميركية، أن تقرير «متحدون في العلوم» للعام الحالي الصادر عن الأمم المتحدة يجمع أحدث النتائج من العديد من الوكالات والمنظمات البحثية المعنية بالمناخ، ويوثق التحولات المقلقة في الغلاف الجوي للأرض، وعلمياً هي الغازات الدفيئة لأنها تساهم في تدفئة جو الأرض السطحي، مما يجعل الأرض تعاني من موجات الحر والحرائق، وهي علامة إنذار قوية في وجه الحياة الطبيعية ولمن يكترث بها.

إن أمنا الأرض تصرخ وتشير إلى بصمة الإنسان في مأساتها بسبب التطور الصناعي، وإزالة الغابات فتحققت الطفرة الصناعية والحياة المتطورة، إلا أنه في الوقت نفسه، فإن مستوى تراكم انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري مستمرة في الارتفاع أيضاً.

إن أمنا الأرض توجه اللوم للإنسان لطالما أن أحداث الحياة تدار من قبل السياسيين، مشيرة إلى أنه حان الوقت كي يشارك العلماء في اتخاذ القرارات التي يجب أن يتم تنفيذها بسرعة لإنقاذ الأرض.

إن أمنا الأرض تعاني رغم الاتفاقية التي أبرمتها الأمم المتحدة في عام 1992م عبر قمة الأرض، وقد صادقت عليها 197 دولة لمنع التدخل السلبي للإنسان في النظام المناخي، وهناك اتفاقيات أخرى مثل اتفاقية باريس في عام 2015م.

إن أمنا الأرض غاضبة من آلامها بسبب الدول الصناعية الكبرى التي ما زالت تمارس العمل بجهد على تحقيق تطور صناعي يتفوق على بقية الدول وهي لا تبالي كثيراً بما تتسبب تلك الصناعات المتطورة وهي تلجأ إلى الديبلوماسية أو إلى الصمت عندما يتم توجيه النقد لها دولياً.

إن أمنا الأرض تصرخ، والكويت ما زالت تواصل جهودها للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري، بدءاً بالتوقيع على اتفاقية الأمم المتحدة في عام 1994م، مروراً بالتصديق على بروتوكول كيوتو في عام 2004م، حيث إن إنتاج الطاقة والغاز من الأسباب التي تزيد من معاناة كوكب الأرض، وكذلك وسائل المواصلات المختلفة، وبالتالي فإن الواقع هو أن العالم كله مطالب بالتعاون وهو أهم التحديات المعاصرة.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي