اقتراع المغتربين «رقم قياسي» بـ... ربع مليون
لبنان ينكّس العيد في الاستقلال... الناقص
- الحجرف: لا نقبل أي تطاول على الدول الأعضاء في مجلس التعاون من أطراف لبنانية تسعى لتحقيق مكاسب سياسية محلية
- عون على موقفه في قضية بيطار: الفصل بين السلطات وعدم التدخل في القضاء الذي له الكلمة الفيصل
- بري: لتحصين القضاء كسلطة تلتزم قواعد الدستور والقانون بعيداً عن التسييس والاستنسابية والكيدية والتطييف والتمذهب
- «حزب الله»: يريدون الحصول على الأكثرية للتحكم بالبلد لاستهداف المقاومة وسلاحها والبعض يريد معاودة تحريك الـ 1559
«... ما نفع أعمار الأوطان إن زادتْ ما دامت أعمار مواطنيها تتناقص؟».
خلاصةٌ مؤلمة تختصر حال لبنان الذي يحيي اليوم الذكرى 78 لاستقلاله فيما الوطن الصغير يُعانِدُ الموت بـ «جرعة زائدة» من تحَلُّل الدولة التي تُراكم «الألقاب» على سلّم الفشل و... أسوأ درجاته.
لا عيد في استقلال 2021 الذي باتت معه «بلادُ الأرز» مسحوقةً تحت أثقالِ انهيارٍ جارِف خَرَجَ عن سيطرة الجميع وباتت تتحكّم فيه قوّتا دفْع متلازمتين، ماليةٌ تتّصل بالمسببات التقنية للعاصفة الشاملة، وسياسيةٌ ترتبط بالأسباب العميقة لـ «سقوطٍ حر» لاحت طلائعه قبل 10 أعوام مع بدء ترجمة «القضم الممنْهج» للواقع اللبناني وتوازناته - الذي تم في غالبيته «على الحامي» منذ 2005 - في لعبة السلطة وصولاً إلى «انتقالها» بالكامل إلى تحالف «حزب الله» - «التيار الوطني الحر».
وفيما تنشدّ العدسات اليوم إلى وزارة الدفاع في اليرزة لنقل وقائع العرض العسكري الرمزي ورصْد إذا كان التقاء رؤساء الجمهورية ميشال عون والبرلمان نبيه بري والحكومة نجيب ميقاتي قد يكشف الخيْط الأبيض من الأسود في المناورات المكثفة التي تجري على تخوم أزمة الحكومة التي علِقت في شِباك «الاشتباكات» السياسية بين مكونات رئيسية فيها و«العين الحمراء» الخليجية على لبنان الرسمي، فإن اللبنانيين بدوا في «الوادي الآخَر السحيق» الذي تم رميهم فيه بحيث باتوا رهائن البؤس وأخواته وفقدان الأمل بإمكان الخروج من الحفرة على يد مَن أوْقعهم والبلد فيها، ومَن يَمْضي في محاولة معالجة أخطر أزمة تمرّ بها «بلاد الأرز» مصرّاً على الفصل بين مرتكزاتها التقنية والسياسية ذات الصلة بـ «انفصال» لبنان عن «نفسه» وعن «أمانه» العربي – الخليجي.
ولم يكن أكثر دلالةً على انكفاء الشعور بمعنى و«فعل» الاستقلال من مجاهرة كتّاب ومثقفين وناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي بأن الاحتفال ولو الرمزي هو «لزوم ما لا يلزم» في بلدٍ «استقلّ» عن محيطه وانتمائه وصولاً لاعتبار البعض الأمر إمعاناً في إشعار اللبنانيين بأن«كرامة الأوطان تبقى ولو امتُهنت كرامة الشعب بالإفقار المالي والعزْل السياسي»، فيما لم تتوانَ مرجعيات سياسية وروحية في هذه المناسبة عن استحضار مجمل وجوه الواقع المُفْجِع للبنان مسببات وآفاقاً.
وفيما كان «الشعب» منهمكاً بـ «تقَصّي» الارتفاعات المؤلمة لأسعار السلع الأساسية، وكان آخَرها في اللائحة المفتوحة على المزيد من الأرقام «الخيالية» تسجيل سعر كرتونة البيض رقماً قياسياً هو 100 ألف ليرة وجبنة الحلوم 170 ألفاً للكيلوغرام في بعض المحال واللبنة 120 ألفاً (الكيلو)، لم يَظْهر أمس ما يُنْذِر باقتراب عودة عجلة العمل الحكومي للدوران مجدداً وسط عدم بروز ما يؤشر إلى أن إعلان ميقاتي الاستعداد لدعوة مجلس الوزراء للانعقاد قريباً هو أبعد من ضخّ مناخاتٍ تفاؤلية متعمّدة وجرّ معطّلي الحكومة إلى ما يشبه «مهلة الحثّ» لإخراج البلاد من مأزق قد يكون «مميتاً» بحال استمر التدافع الخشن ولو«على البارد» على جبهتين:
• الأولى معركة «حزب الله» وبري لإقصاء المحقّق العدلي في انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق بيطار وسط بروز أجواء تعكس أن «حزب الله» مصرّ على إيجاد حلّ لهذه القضية وفق شروطه قبل تأمين «الغطاء الميثاقي»لأي جلسة حكومية يرفض ميقاتي أن تنجّر إلى «حقل الأفخاخ» القضائي أو إلى الانغماس في تسديد«ضربة قاضية» للفصل بين السلطات.
وكان لافتاً إعلان نائب «حزب الله» حسن فضل الله أمس«ان المطلوب من الحكومة أن تذهب إلى معالجة مشكلة عدم انعقادها، لا سيما أن أمام القيمين عليها طريقاً واضحاً يمكنهم أن يسلكوه، ويستطيعوا من خلاله وضمن صلاحياتهم الدستورية والقانونية أن يقوموا بالخطوات اللازمة، وإذا كان هناك جدية وسعي حثيث وتمت قراءة الدستور بشكل جيد، فإنهم يستطيعون معالجة هذه المشكلة.
ولم يقلّ دلالة إطلالة بري لمناسبة الاستقلال بموقف بدا«حمّال رسائل» في تأكيده أننا معنيون جميعاً أن نحصن لبنان واستقلاله بتحصين القضاء وتحقيق استقلاليته كسلطة تلتزم قواعد الدستور والقانون، بعيداً عن التسييس والاستنسابية والكيدية والتطييف والتمذهب، وذلك فيما كانت «وكالة الأنباء المركزية» تنقل عن زوار عون إصراره على موقفه «القاضي منذ بداية الازمة بالفصل بين السلطات وعدم التدخل في القضاء الذي له الكلمة الفيصل في القضية والأخذ تاليا بما يقول».
وجاء هذا الموقف في معرض نفي ما أشيع عن انزعاج رئيس الجمهورية من عرقلة اجتماعات مجلس الوزراء وأنه يسأل عن الأسباب التي تؤخر مجلس النواب من تشكيل المحكمة التي تتولى محاكمة الرؤساء والوزراء والتي كان من المتوقع أن تشكل مخرجاً للأزمة.
• والثانية مقاربة الأزمة الكبرى مع دول الخليج العربي والتي لم تظهر أي معطيات بعد لإمكان بدء إحداث خرْق فيها ينطلق من استقالة وزير الإعلام جورج قرداحي التي يرسم«حزب الله»حولها خطاً أحمر يصعب تَصوُّر التراجع عنه بسهولة والتي باتت أيضاً من«الأقفال» أمام الإفراج عن جلسات الحكومة، وسط التوقف عند موقف للأمين العام لمجلس التعاون الخليجي نايف الحجرف عبر «سكاي نيوز» قال فيه:«لا نقبل أي تطاول على الدول الأعضاء في المجلس من أطراف لبنانية تسعى لتحقيق مكاسب سياسية محلية».
وإذ وجّه عون مساء أمس رسالة إلى اللبنانيين عشية ذكرى الاستقلال تناولت مجمل الوضع السياسي والأزمة مع دول الخليج وموضوع الانتخابات غداة تسجيل رقم قياسي لعدد المغتربين الذي تسجلوا للاقتراع في الخارج وهو 244 ألفاً و442 بدل نحو 90 ألفاً في انتخابات 2018، سادت تقديرات بأن أي انكفاء لرئيس الحكومة في الدعوة لجلسة لمجلس الوزراء ستصيبه بـ «ندوب» كبيرة شخصياً هو الذي «خسر التحدي» أمام وزير الإعلام الذي أدار ظهره لتمنياته عليه بالاستقالة، ناهيك عن«أضرار» ذلك تجاه الخارج على صعيد تأكيد مَن «يدير» دفّة الحكومة.
وفي موازاة ذلك استوقف أوساطاً سياسية الأبعاد التي أسبغها«حزب الله» على الانتخابات النيابية المقبلة (ربيع 2022) والتي جاءت على لسان النائب فضل الله والتي استحضر معها البعض«اللحظة» التي شكّلت «مسرح العمليات السياسي» لاغتيال الرئيس رفيق الحريري في فبراير 2005 وهو انتخابات ذلك العام والقرار 1559.
وقال فضل الله: «العنوان الذي يخوض فيه خصومنا معركتهم الانتخابية، هو عنوان سياسي، فهم يريدون الحصول على الأكثرية من أجل التحكم بالبلد لاستهداف المقاومة وسلاحها، وهذا عنوان أميركي، وتضعه أيضاً بعض الدول الخليجية وبعض القوى المحلية وإحدى هذه الدول تريد إعادة تحريك القرار 1559، فبدأت اتصالاتها في مجلس الأمن ومع السفراء لاستهداف المقاومة، وهي لن تحصد سوى الفشل وتعيش على الوهم»، معتبراً أن أميركا «تريد العمل من خلال الانتخابات للوصول إلى هذا الهدف أيضاً».
وسأل الحريري في تغريدة عبر «تويتر»: «بأي كلام نتوجه الى اللبنانيين بعيد الاستقلال؟ لو قيض للكلام الذي يتردد منذ سبعة عقود أن يتحقق لكان لبنان اليوم جنة الله على الأرض وليس دولة تقف على حدود جهنم».
وأضاف: «محزن جداً جداً أن يقع استقلال بلدنا ضحية حلقات متتالية من الجنون السياسي والأمني والطائفي وأن تكون دولته عاجزة حتى عن عقد جلسة لمجلس الوزراء. ومحزن جداً جداً أن يشعر المواطن اللبناني بـ 78 عاماً على الاستقلال أنه يحتاج الى دولة حرة سيدة مستقلة ليست رهينة حزب أو طائفة أو منصة لحراس الحروب الاهلية العربية. ورغم هذا الواقع المرير».
وختم: «لا مجال سوى أن نردد في هذا اليوم، حمى الله لبنان وشعبه وجيشه واستقلاله من كل شر»
وقال الراعي في عظة الأحد «إن عيد الاستقلال الثامن والسبعين يوجه الدعوة إياها للشعب اللبناني، وللمسؤولين السياسيين، وللذين مازال ولاؤهم لغير الوطن، وللذين يعرقلون سير المؤسسات الدستورية، واستقلالية القضاء، وفصل السلطات، ويخرقون السيادة والوحدة الوطنية: انهَضوا واشهدوا بصون الاستقلال وتعزيزه.
انهضوا واشهدوا بإخراج الشعب من عذابه وذله، وبإعادته إلى سابق البحبوحة والفرح والعزة.
انهضوا واشهدوا بالعيش في كنف الدولة ودستورها وميثاقها واستقلالها، والتحرر من المشاريع الطائفية والمذهبية. انهضوا واشهدوا لتلك الأيام المجيدة حين اتحد المسيحيون والمسلمون وأعلنوا استقلال دولة لبنان بعد ثلاثة وعشرين سنة على تأسيسها».
أضاف: «حبذا لو يؤمن المسؤولون، واللبنانيون عموماً، في ذكرى الاستقلال بأن وجود لبنان هو أساساً مشروع استقلالي وسيادي وحيادي في هذا الشرق.
حبذا لو يدركون أن ضعف وحدة لبنان ناتج من ضعف استقلاله.
وبالتالي أن بداية الإنقاذ تبدأ باستعادة استقلالِ لبنان وترسيخِ حياده الإيجابي الناشط في كل ما يختص بالسلام وحقوق الإنسان والحوار السياسي والثقافي والديني والاستقرار في بيئته العربية».
وختم: «إذا كانت جميع القوى السياسية قبلت بسياسة عدم الإنحياز والنأي بالنفس الواردتين في البيانات الوزارية منذ الاستقلال إلى اليوم، فلماذا لا تلتزم بها وتطبقها؟ في هذا السياقِ ننتظر أن تبادر الشرعية اللبنانية إلى اعتماد الحياد الإيجابي وطرحه رسمياً على المرجعيات الدولية وبخاصة على الأمم المتحدة ليكون مضموناً بقرار دولي يلزم جميع الدول باحترام سيادة لبنان، وهذا الأخير باحترام سيادة غيره من الدول. هكذا، تعيد الدولة للاستقلال معناه».
واعتبرت في حديث الى «الوكالة الوطنية للإعلام» اللبنانية الرسمية في روما أن على «إيطاليا أن تقدم المساعدات الإنسانية للمساهمة بخروج لبنان من أزمته وتحقيق الأمن والاستقرار فيه».
وأضافت: «الوضع في لبنان محفوف بالمخاطر ويجب عدم تركه بهذا الوضع الذي سينعكس سلباً على الاستقرار فيه، ما يعني أيضاً التأثير سلباً على أمن منطقة البحر الأبيض المتوسط بكاملها.
لذلك علينا تعزيز إرسال المساعدات والعمل على مبادرات تحمل طابعاً دولياً، قاعدتها إجراء إصلاحات سياسية واقتصاية والعمل على حماية حقوق المواطنين فيه».
.