هل انتهى دور الفصائل العراقية... وما هي خيارات الصدر؟

الصدر أعلن حل «سرايا السلام» و«اليوم الموعود»
الصدر أعلن حل «سرايا السلام» و«اليوم الموعود»
تصغير
تكبير

- الوقت الراهن لا يُبشّر بقرب تشكيل الحكومة ولكنه يُعطي الفرصة للتفاوض على الحصص

أعلن السيد مقتدى الصدر، عن برنامجه السياسي لتشكيل الحكومة، والذي قرأه بنفسه، واضعاً شروطه للخروج من مأزق تشكيل الحكومة أو لفتح الباب أمام التفاوض مع كل الكتل السياسية. كما بعث رسائل إيجابية إلى دول الجوار والغرب، انطوت على إعلانه أنه ينوي اتخاذ تدابير جريئة لا يستطيع أحد غيره في العراق اتخاذها.

وثمة مَنْ يعتقد أن هناك فرقاً بين ما يتمناه الصدر وبين ما يستطيع تحقيقه.

فما من شك أنه فتح الباب على مصراعيه أمام إعادة العراق إلى سكة الدولة بدل أن تبقى بغداد مترنحة على وقع اللا دولة وتبعاً لمزاج القوى السياسية، ولتأخذ بلاد الرافدين مكاناً بين الدول التي تتمتع باستقرار داخلي ودور إقليمي مهم.

لم يكن صدفة ما أعلنه الصدر في خطابه المقتضب أمام الإعلام والعالم، الأسبوع الماضي، حول «خريطة الطريق» التي يريدها. فهو يعلم ما يحصل في الكواليس السياسية. ولذلك بدأ خطابه بطلب من المفوضية العليا للانتخابات (من دون ذكرها بالاسم) إصدار النتائج بسرعة ومن دون إضاعة للوقت.

وهذا ما لا يريده أكثر السياسيين العراقيين الذين يرغبون بألا تصدر النتائج في المدى الطبيعي لإعطاء الفرصة للتفاوض والتشاور بين كل الكتل.

فالصدر أراد قطع الطريق عليهم - وهو الرابح الأكبر - ليطلب إصدار النتائج «خدمة للشعب ولتشكيل الحكومة بسرعة وتقوية العراق وزيادة هيبته».

وكان لافتاً أن الصدر خرج بجرأة ليطلب في البند الأول من بيانه، أن «تحل كل الفصائل المسلحة - دفعة واحدة - وتسليم كل أسلحتها للحشد الشعبي بعد موافقة رئيس الوزراء الذي يعد قائد القوات الأمنية المسلحة جميعها، بما فيها الحشد».

وهذا لا يعني أبداً أن الصدر يوجّه ضربة لإيران كون الفصائل تعتبر تابعة لها، بل ان طهران وافقت على مساحة جيدة من انتصاره بأكبر عدد من المقاعد الانتخابية (72 - 74) وهنأته واستقبلت وفده وأرسلت له رسائل دعم لقراراته كافة.

وفي اعتقاد زعيم «التيار الصدري»، أن العراق لم يعد يحتاج إلى الفصائل المسلحة ما دام «الحشد» العقائدي قوي، وبعد ان أصبح العراق يمتلك قوى أمنية تستطيع إخراج أي قوة محتلة وإلحاق الهزيمة بتنظيم «داعش».

وثمة مَنْ يقول إن إيران تدعم هذا التوجه الذي يصب في ما طالب به المرجع الأعلى السيد علي السيستاني، الذي طالما دعا إلى انخراط كل القوى داخل القوات الأمنية الرسمية، وطالب بعدم السماح لميليشيات مسلحة بالبقاء خارج إطار القانون. وأكدت المرجعية انها لا تؤيد أيّ تنظيم مسلح خارج على القانون العراقي.

كما أعلن الصدر، حل الميليشيات والألوية التابعة له تحت مسمى «اليوم الموعود» و«سرايا السلام» وقفل مراكزها. وسُربت أخبار عن لقاء تم بينه وبين السيد السيستاني قبل إعلان مقتدى عن خريطة طريقه، وتالياً فإن ما يطالب به يصب في مصلحة عدد لا يُستهان به من العراقيين (وليس الغالبية) من شيعة وسنة وأكراد.

وهذا الأمر هو أيضاً برسم الطرف الكردي، لأن الصدر لن يسمح بالانفلات داخل حدود العراق، خصوصاً حيال العلاقة مع إسرائيل، التي يتمتع بها إقليم كردستان، وحيث توجد القوات التركية في الشمال العراقي، وهو لن يعطي أيّ عذر لبقاء القوات الأميركية القتالية بعد نهاية ديسمبر المقبل، كما هو متفق عليه بين رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي والرئيس الأميركي جو بايدن.

لكن ماذا إذا لم ينجح الصدر في تشكيل الحكومة ولم يتجاوب معه الأكراد والسُنة، ولم يلتحق به أحد من التنظيمات والقوى السياسية الشيعية؟

لا يستطيع أحد في العراق تشكيل حكومة من دون توافق. وهذا يعني أن خطاب الصدر أعطى المجال لمَنْ يريد الالتحاق به ليأتي إليه بحسب «خريطة الطريق» التي رسمها، وإذا لم ينجح في الوصول إلى هدفه، فيكون أصبح لديه عذر أمام تياره ومَنْ انتخبه، بأنه حاول تنفيذ ما وعد به ولكن السياسة العراقية المعقدة والحسابات التحالفية لم تسمح له بذلك.

وإذا ما حصل هذا السيناريو، فسيذهب الجميع إلى مرحلة التفاوض والمحاصصة مجدداً إلى حين حصول انتخابات برلمانية مقبلة تعطي الصدريين أكثر من 70 مقعداً ليستطيع فرض البرنامج الذي يطالب به السواد الأعظم من العراقيين.

وتالياً، فإن الوقت الراهن لا يبشّر بقرب تشكيل الحكومة ولكنه يُعطي الفرصة ليبدأ التفاوض على الحصص.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي