الأزمة مع الخليج والعقوبات الأميركية وانتفاضة 17 أكتوبر في.. قلْب الاستحقاق

معركةٌ صاخبةٌ في لبنان حول اقتراع.. مُغْتَرِبيه

معركةٌ صاخبةٌ في لبنان حول اقتراع.. مُغْتَرِبيه
معركةٌ صاخبةٌ في لبنان حول اقتراع.. مُغْتَرِبيه
تصغير
تكبير
• أكثر من 150 ألفاً سجّلوا أسماءهم والمهلة تنتهي في 20 الجاري • مسيحيو المعارضة أكثر نشاطاً وحماسة في المغترَبات لرفْع نسبة الاقتراع • العقوبات الأميركية على باسيل و«حزب الله» تعوق حركتهما في بلاد الاغتراب • حملات متعاظمة لاستنهاض المغتربين وطعْن «التيار الحر» قد يقلب الطاولة

لا يمكن فهم الاهتمام باقتراع المغتربين في لبنان في الوقت الراهن إلا بعد مراجعة حيثيات قانون الانتخاب ودور القوى السياسية في التأثير بقواعد الناخبين المغتربين. فقانون الانتخاب الذي ردّه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ينص على اقتراع المغتربين لـ128 نائباً (عدد أعضاء البرلمان) كما حصل في الدورة الانتخابية عام 2018. في المقابل فإن «التيار الوطني الحر» يُعِدّ للطعن بالقانون ولا سيما بهذا البند لمصلحة إنتخاب المغتربين ستة نواب فحسب يمثلون القارات الست في العالم. وهذا البند موجود في قانون الانتخاب، على أن يُعمل به في الاستحقاق الذي يلي دورة 2018. لكن التوافق السياسي الذي جرى في مجلس النواب أخيراً، أعاد العمل بانتخاب المغتربين لمجمل أعضاء البرلمان. ومن هنا بدأ هذا الشق يتصدر عناوين المشهد اللبناني الإعلامي والسياسي وعلى نحو صاخب.

وزارة الخارجية تُصْدِر كل يوم بياناً مفصلاً بأعداد المغتربين المسجلين للإقتراع، وهو البيان الذي تحوّل في الأيام الأخيرة محل رصد ومتابعة جدية من جانب الأحزاب ووسائل الإعلام، وأصبح الشغل الشاغل للمتابعين ومراكز الدراسات الإنتخابية لرصد التحولات والمقارنة بين إستحقاقي عام 2018 و2022. ولان إقتراع المغتربين أصبح واحداً من أدوات الصراع السياسي، بدأت الحملات الإعلامية من سياسيين وإعلاميين وفنانين تدعوهم إلى التسجل عبر المنصة الخاصة بوزارة الخارجية من أجل إنتخابات 2022.

حتى مساء أمس بلغ عدد المسجلين المغتربين 150 الفاً و409 لبنانيين، قبل خمسة أيام من إقفال الباب أمام التسجيل بحسب المهل المنصوص عنها في قانون الإنتخاب. وهذا الرقم كان مرشحاً لأن يكون مضاعفاً، لولا العثرات التقنية بسبب البطء في موقع التسجيل الإلكتروني، ما جعل الوزارة تحاول التعويض بفتح أبواب بعض المراكز التي تشهد ضغطاً يوم العطلة الإسبوعية، إضافة إلى ان القوى السياسية التي تعوّل على إقتراع المغتربين تلكأت في تحويل هذه القضية مركزية، الأمر الذي لم يساهم في رفْع الأعداد مبكراً. وما أن تنبهت تلك القوى لأهمية هذا التسجيل، حتى رفعت الصوت عبر ممثليها وعبر قادة الأحزاب نفسهم.

والمفارقة أن أكثر مَن يدعو إلى الإقتراع هما حزبا «القوات اللبنانية» و«الكتائب» (علماً أن إنتخابات عام 2018 سجلت أعلى نسبة مشاركة مارونية إغترابية بلغت ما يقارب الـ 35 في المئة من الناخبين المغتربين وتَقَدّمت «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني» على ما عداهما) إضافة إلى جمعيات المجتمع المدني. وقد وجه رئيس حزب «القوات» سمير جعجع رسالة خاصة إلى المغتربين للتسجيل، فيما يجول رئيس «الكتائب» سامي الجميل في الولايات المتحدة من أجل حضّ المغتربين على المشاركة في التسجيل والإقتراع.

إذاً تهتم قوى المعارضة بالعملية الإنتخابية الإغترابية إهتماماً فائقاً وتعوّل عليها في ثلاث مناطق أساسية، وهي التي سجلت تصاعداً في أرقامها أي الدول العربية وأوروبا واستراليا. وتراهن هذه القوى على الدول العربية لا سيما الخليجية بالدرجة الأولى، خصوصاً بعد أزمة العلاقات مع السعودية ودول مجلس التعاون، ما يجعل أرقام المسجلين والمقترعين لقوى المعارضة بمثابة تحصيل حاصل. أما ناخبو أوروبا فهم في صورة طبيعية، بحسب ماكينات المعارضة أقرب إليها، من الأحزاب المُشارِكة في السلطة. وقد يكون المقصود هنا «التيار الحرّ» أكثر من «حزب الله» وحركة «أمل»، نتيجة الوجود المزمن للتيار في أوروبا.

وتنطلق قوى المعارضة من تجربة إنتخابات عام 2018، التي كانت تشهد لأول مرة إقتراع المغتربين الذين تَسَجّل منهم حينها 82970 ناخباً، وقد شكّلوا 2.22 بالمئة من عدد الناخبين الإجمالي البالغ آنذاك (3.744.245) كان يحق لهم الاقتراع في تلك الدورة. حينها إحتلت محافظة جبل لبنان المرتبة الأولى بين المحافظات، فيما حلت بين دوائر المرتبة الأولى، دائرة الشمال الثالثة التي تضم أقضية: زغرتا - بشري - الكورة – البترون. وتبياناً لأهمية الضغط للإقتراع يَظهر مثلاً أن مسجَّلي آسيا (وغالبيتهم من الدول العربية) بلغ حتى مساء أمس نحو 38 الفاً في حين كان الرقم عام 2018 ما يقارب 12 الفاً. أما في أوروبا فبلغ نحو 49 الفاً بينما سجل في الدورة الماضية نحو 24 الفاً.

في المقابل ينكفىء «تيار المستقبل» عن حشد مناصريه، في ضوء عدم وضوح الرؤية لديه حيال موقف رئيسه سعد الحريري النهائي من خوض الإنتخابات. أما «التيار الحر» فلديه عقبة أساسية، تتمثل في ما قاله رئيسه النائب جبران باسيل في إنتخابات عام 2018. فرغم ان باسيل حقق إنجاز إقتراع المغتربين حينها أثناء توليه وزارة الخارجية، إلا انه أكد في حديث تلفزيوني ان «مؤيدي التيار الحر لم يتمكنوا من المشاركة في شكل فاعل في بعض الدول بسبب علاقتهم بحزب الله». ولن يكون في وسع باسيل، الذي يخضع لعقوبات أميركية القيام بجولات إغترابية على مثال ما يقوم به خصومه المسيحيون تحديداً «القوات» و«الكتائب». إضافة إلى ان عناوين الضغط الإغترابي تتمثل في تصويب السهام نحو «التيار» وعهد الرئيس ميشال عون خصوصاً بعد شعارات إنتفاضة 17 أكتوبر 2019 وتحميله مسؤولية الفشل في إدارة الحكم، ناهيك عن الأزمة مع الخليج حيث يوجد أيضاً مناصرو «التيار».

بدوره لدى "حزب الله«عقبة أساسية تتمثل في ان العقوبات التي فرضت عليه، أميركياً وتصنيفه حزباً إرهابياً في بعض دول أوروبا والخليج، يمكن أن تعرقل تسجيل محازبيه ومناصريه. رغم ان عدد ناخبي أفريقيا إرتفع من نحو 6 آلاف عام 2018 إلى أكثر من الضعف بحسب وزارة الخارجية، وإجمالاً فإن ناخبي»الثنائي الشيعي" هم الأكثر حضوراً في دولها.

من اليوم وحتى العشرين من الشهر الجاري سيكون إقتراع المغتربين العنوان الأول محلياً، في إنتظار الطعن الذي سيتقدم به «التيار الوطني الحر» لدى المجلس الدستوري بقانون الإنتخاب. وحينها قد تتغير الكثير من المعادلات التي بنيت حول إقتراع لبنانيي بلاد الله الواسعة.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي