No Script

مسؤولو جميع المصارف الكويتية أكدوا قدرتهم وجاهزيتهم لـ «الدَّين العام»

البنوك مستعدة لتكون دائن الحكومة... الأكبر

تصغير
تكبير

- استدانة الحكومة جزئياً تجعل البنوك أكثر استعداداً في كل مرحلة
- تراجع الأعمال وادخار المستثمرين زادا مخزون السيولة
- تمويل الحكومة لا يُشكّل ضغوطاً على سلم الاستحقاقات ويُقلل السيولة المحجوزة

علمت «الراي» من مصادر ذات صلة أن نقاشاً مصرفياً فُتح أخيراً حول مدى قدرة البنوك على تلبية احتياجات الدولة من القروض إذا أقرّ قانون الدَين العام، دون أن يؤثر ذلك على نشاطها الائتماني التقليدي الموجه للقطاع الخاص وللأفراد محلياً.

وإلى ذلك أفادت المصادر بأن مسؤولي البنوك أظهروا في اجتماع غير رسمي أخيراً توافقاً واسعاً على وجود رغبة مصرفية جماعية لإقراض الحكومة غالبية احتياجاتها التمويلية، موضحة أن مسؤولي المصارف الكويتية بدأوا منذ فترة التجهيز لهذه الخطوة، بإعادة ترتيب مواقع السيولة لديهم، وتعديل أوضاعها، بما يزيد جهوزيتهم أكثر لتغطية احتياجات الدَين العام لتكون البنوك المحلية الدائن الأكبر للحكومة عندما تقرر التوجه للاستدانة.

ولم تكشف المصادرعن النسبة التي تستهدفها البنوك من تمويل احتياجات الحكومة المرتقبة، لكنها أكدت بأن جميع المصارف الكويتية تتمتع بفوائض عالية من السيولة تمكنها من المساهمة بحصص رئيسية في هيكل الدين الحكومي، خصوصاً أن استدانة الحكومة ستكون جزئية وعلى مراحل، ما يجعل البنوك أكثر استعداداً في كل مرحلة للمشاركة بتغطية خطوط الائتمان التي ترغب الحكومة في فتحها بكل مرة، كما أن هذه الحصص ستكون متباينة بين البنوك المحلية وفقاً لحجم محفظة كل بنك ووفقاً لتوجه الحكومة نحو سوق الدين الدولي.

وأشارت إلى أن حجم إيداعاتها لدى بنك الكويت المركزي تقارب 6.5 مليار دينار، بزيادة تقارب 700مليون قياساً بمستوياتها المسجلة في العام 2018، ما يجعل عباءتها التمويلية أكثر مرونة في إقراض الحكومة، ولآجال طويلة.

ضمان التدفقات

واستبعدت المصادر اللجوء للبنوك المحلية بشكل كامل في تمويل احتياجات الحكومة التمويلية، بسبب أهمية الاستدانة من السوق الدولية التي تضمن الوصول إلى سعر عادل وتوسيع دائرة المستثمرين العالميين في سندات الكويت، بما يؤدي لتكامل الجهود مع المبادرات الأخرى لتعزيز المالية العامة على المدى المتوسط والطويل، إضافة إلى موانع أخرى تتعلق بقيود البنك المركزي على نسب التركز، ورغبة الجهات الرقابية في ضمان استمرار التدفقات الائتمانية للقطاع الخاص وللأفراد.

ووسط المؤشرات الإيجابية التي تعكسها ردود مسؤولي البنوك حول أوضاع السيولة لديهم، يكون السؤال مشروعاً، لماذا فتحت سيرة «الدَين العام» في الوقت الحالي، وهل يؤشر ذلك على أن الحكومة بدأت تستشرف الرأي المصرفي بخصوص استعداداتها التمويلية في خطوة قد تكون مقدمة لإقرار قانون الدين العام قريباً؟

وفي هذا الخصوص قالت المصادر «الجميع ينتظر والبنوك لا تملك القرار، لكن على مسؤوليها التحرك مسبقاً نحو ترتيب أوضاعهم بما يزيد من جاهزيتهم في توفير القروض التي ستطلبها الحكومة إذا أقرّ الدَين العام بأيّ وقت، وإلى ذلك أكدت المصارف الكويتية جاهزيتها للدخول في تمويل خطط الحكومة التمويلية».

تنامي التوقعات

وبعيداً عن الجانب الخبري في هذا الخصوص، يبرز الجانب التحليلي لارتفاع جاهزية البنوك المحلية للمساهمة في تمويل احتياجات الحكومة التمويلية، ويكتسي هذا الاعتبار في حد ذاته أهمية خاصة لا سيما في ظل تنامي التوقعات حول احتمالية إقرار قانون الدين العام في القريب، حيث يرتقب أن يكون من أولويات الحكومة المقلبلة، بعد بدء تفعيل أولى خطوات التنفيذ الفعلي لنتائج الحوار الوطني الخاصة بالعفو، وتزاد أهمية إقرار قانون الدَين العام قريباً بالنسبة للمصارف لأكثر من سبب يمكن سردها في التالي:

1 - شهدت السنوات الثلاث الماضية ارتفاعاً كبيراً في مستويات السيولة المودعة لدى «المركزي»، وذلك مقارنة بالسنوات الثلاث التي شملت 2008، وما قبلها، حيث قفزت نسب هذه السيولة في 2019 نحو 7.7 مرة عند قياسها بمستويات 2008، التي سجلت معدلات بـ834 مليوناً، وبالطبع استمر ارتفاع هذه السيولة في التراكم لمستويات جديدة وإن كانت أقل من 2019.

2 - تراجع عمليات الإسناد الحكومي للمشاريع التنموية التي انخفضت حسب تقرير بنك الكويت الوطني الأخير بشكل ملحوظ في الربع الثالث من 2021، أدى إلى زيادة الطبقات المتتالية من السيولة الموجودة لدى البنوك، مع الإشارة إلى القيمة الإجمالية للمشاريع التي تمت ترسيتها انخفضت إلى 152 مليون دينار مسجلة تراجعاً بـ68 في المئة على أساس ربع سنوي، و57 في المئة على أساس سنوي، وبذلك يصل إجمالي قيمة المشاريع التي تم إسنادها في 2021 حتى الآن إلى 916 مليوناً.

3 - منذ بداية الأزمة أصدر البنك المركزي قرارات عدة، كتخفيض كفاية رأس المال بمقدار 2.5 في المئة ورفع الحد الأقصى المتاح للتمويل وغيرها من القرارات التي وفّرت 5 مليارات دينار سيولة في البنوك المحلية، إضافة إلى زيادة الودائع السنة الفائتة، بسبب المخاوف المستقبلية من أوضاع السوق ما دفع المستثمرين للادخار.

4 - صدّرت الكويت سنداتها المحلية القائمة في 2018 على أساس هكيل زمني متنوع يبدأ من عام ويشمل عامين و3 و5 وأخيراً 7، بخلاف سندات الدَين العام الخارجية الموزعة على آجال تبدأ من 5 وتمتد إلى 10 سنوات، ما يعني أن جزءاً كبيراً من استرداد البنوك المحلية لاستثماراتها في سندات الدين العام نفذت بالفعل، ما رفع مستويات السيولة المخزنة في المصارف أكثر وأكثر.

5 - تراهن المصارف كثيراً على أن تؤدي سحوبات الاقتراض الحكومي إلى تخفيف الضغوطات الواسعة المتأتية عليها، والتي ترتفع تكلفتها على الأموال، وتُقلل نسبة ربحيتها، فامتصاص هذه الفوائض أو جزء منها في تمويل الدَين العام يُعد أفضل وعاء للسيولة الفائضة، ومخرجاً حقيقياً أمام البنوك لتصريف الأموال الفائضة على المدى الطويل، خصوصاً أنه لا يترتب على المشاركة في تمويل الحكومة أيّ ضغوط على سلم استحقاقاتها، بل يُقلل حاجتها للسيولة المحجوزة.

تزايد إقبال البنوك على سندات «المركزي»

بقراءة سريعة للسندات وأدوات التورّق التي يطرحها «المركزي» لتنظيم سيولة البنوك يلحظ أنه تتم تغطية الطرح في بعض المرات 6 و7 مرات، ما يعكس أن المصارف المحلية تتمتع بفوائض كبيرة من السيولة، وتبحث عن منافذ قليلة المخاطر لامتصاصها وإن كانت بفائدة منخفضة.

ورقمياً يؤكد هذا الإقبال أن المصارف الكويتية قادرة على تمويل احتياجات الحكومة، بأسعار مناسبة جداً، حيث يرجح أن تكون فائدتها أقل أو مقاربة للتسعير الذي يُمكن الحصول عليه من السوق العالمي.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي