عاشت الحكومات السابقة أزمة حقيقية في كيفية اختيار وترشيح الوزراء للقيادة السياسية، فكم وزير سقط في الأشهر الأولى من ولادة الحكومة؟ وكم وزير تبين عدم كفاءته وقدرته على الإدارة؟ وكم مرة فقدت الحكومة تجانس فريقها الوزاري، وظهرت صراعاتهم خارج أروقة مجلس الوزراء وأصبح بعضهم يغرد خارج السرب؟
من وحي هذه الأجوبة التي يعلمها الكثيرون منا يكون الضوء مسلطاً هذه الأيام على أهمية الارتكان لآلية حقيقية ومنتجة في اختيار الوزراء حتى لا نتفاجأ يوماً أن في الكويت يوجد لدينا وزير قرداحي.
هناك 3 شروط لإسناد الوزارة، حددتها المادة 82 من الدستور وهي أن يكون الوزير كويتياً وعمره 30 عاماً، يجيد القراءة والكتابة، وعملياً لا تبقى هذه الشروط مجردة أن تفرز لنا دائماً الأصلح إذا غابت ضوابط اختيار الوزراء الذين يهيمنون على مصالح الشعب، والتي يعد عدم توافرها في شخصية الوزير من الظواهر الخطيرة على الدولة التي تسقط كل مشاريعها المستقبلية.
لقد اكتسبت الحكومة من تجاربها السابقة الخبرة الكافية للوقوف على أرض صلبة في كيفية اختيار الوزراء، ما يساعدها على حسن الاختيار مستقبلاً.
ومن المفارقات الغريبة، أن الحكومة تضع شروطاً وضوابط واختبارات لتقلد المناصب القيادية والوظائف الإشرافية، وتلتفت عن وضع أي شروط وضوابط معلنة لتقلد المناصب الوزارية، ما يخلق بورصة للمرشحين للوزارة تستخدمها بعض المجاميع والتكتلات والفئات في ترشيح أسماء الموالين لها، وتختارهم الحكومة على معيار مبدأ الثقة، وانتمائه لفئة معينة إلى درجة حضور المرشح لأداء القسم بغض النظر عن الحقيبة الوزارية التي يمكن أن تسند له، فالمهم للمرشح أن ينعم بلقب معاليه.
وهذا النوع من الترشيحات من أخطر الترشيحات المدمرة لمصالح الشعب، لأن هذه النوعية طالما ارتضت لنفسها أن تأتي بهذه الآلية لعلمه أنه سيقدم مصالحه الخاصة على مصالح الشعب، وسيكون رهينة من قام بترشيحه ويسعى بإرضائه بأي طريقة كانت، وسيكون مديوناً بدفع فاتورة ترشيحه، أيا كانت ثمنها حتى يوفي قيد ترشيحه ويحافظ على منصبه في التشكيلات المتتالية، ويمكن القول إن ذلك في مستوى اختيار العديد من الوزراء في الحكومات السابقة الذين لم يكن لديهم الطموح والقدرة الكافيتين، ما سبب عجزاً حكومياً في مواجهة الأزمات الحقيقية.
ومن هنا تتعاظم أهمية أن الشعب الكويتي يريد وزراء صناع قرار، وليس وزراء يؤدون العمل الروتيني اليومي، فمشكلتنا الحقيقة تكمن في الاختيار، فأحياناً نختار أكاديمياً ليس لديه خبرة ميدانية أو سياسية، وأحيانا نختار خبرة ميدانية ليس لديها فكر ورؤية مستقبلية، وهنا أستذكر إعلان ترشح لمنصب عالٍ في إحدى المنظمات الدولية حيث اشترطت لتولي المنصب خبرة أكاديمية، إضافة إلى خبرة تنفيذية إدارية لاتقل عن عدد من السنوات، لا يمكن لشخص يعيش بين دفات الكتب، وشخص آخر منغمس في العمل اليومي أن ينجحا في إدارة أزمة حقيقية، أعتقد أن هناك سؤالاً مستحقاً سواء لشخص الوزراء أو القيادات، هل لديك القدرة على التعامل مع الأزمات الاستثنائية وتقديم حلول غير تقليدية، إذا كانت الإجابة لا فإن الاستحقاق أن تترك حقيبتك بكل بساطة لمن يستحقها، وألا تستمر في العمل الوزاري الذي يحتاج وتحديداً في ظل المتغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي طرأت على الكويت في الفترة الأخيرة والعالم أجمع، نحتاج إلى حكومة إنقاذ وطني قادرة على تجاوز الأزمات، برجال يقودون الكويت إلى المستقبل بمهارة مختلفة، وقدرات تستقيم مع متطلبات هذا المنصب وتحدياته الكبيرة بعقلية وبمواصفات مختلفة عن المتبع في الحكومات السابقة.