أطباء وخبراء متخصصون أميركيون يحسمون الجدل
تطعيم الأطفال ضد «كورونا»... هل يؤثر على خصوبتهم التناسلية؟
خلال الأسابيع القليلة الماضية، انتشرت مخاوف بين نسبة غير قليلة من الآباء والأمهات في الولايات المتحدة إزاء تطعيم أطفالهم ضد «كوفيد-19»، وذلك بسبب تأثرهم بمعلومات متفشية عبر وسائل التواصل الاجتماعي تروج أن تلك اللقاحات يمكن أن تؤدي بطريقة ما إلى إلحاق الأذى بخصوبة الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و11 عاماً في وقت لاحق من حياتهم.
وكشفت نتائج استطلاع للرأي أجرته مؤسسة «كايزر فاميلي» الأسبوع الفائت أن نسبة 66 في المئة من الآباء والأمهات الأميركيين يشعرون بالقلق من أن لقاحات «كورونا» قد تؤثر سلباً في المستقبل على خصوبة أطفالهم.
في مواجهة تلك المخاوف، أطلق خبراء ومسؤولو صحة عامة – وعلى رأسهم الدكتور أنتوني فاوتشي - حملة توعية لدحض تلك المزاعم وتوعية الآباء والأمهات بالحقائق.
ولتسليط مزيد من الضوء على هذا الموضوع، نستعرض في التالي أبرز ما جاء في هذا الخصوص على لسان أطباء وخبراء مختصين: في بيان نشرته على موقعها عبر الإنترنت، أكدت الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال أن «تلك المعلومات التي تربط بين لقاحات كوفيد-19 وإمكانية حدوث العقم لدى الأطفال هي مزاعم مغلوطة ولا أساس لها علمياً».
وأضاف البيان: «لا يوجد أي دليل على أن أي لقاح من لقاحات كورونا يمكن أن يؤدي إلى العقم أو فقدان الخصوبة.
وعلى الرغم من أنه لم يتم حتى الآن دراسة الخصوبة على وجه التحديد في تجارب سريرية، فإنه لم يتم الإبلاغ عن أي فقدان للخصوبة بين المشاركين في التجارب أو بين مئات الملايين من الأميركيين الذين تلقوا اللقاحات منذ الموافقة عليها، كما لم تظهر أي علامات تدل على العقم في الدراسات التي أجريت على الحيوانات».
وصحيح أن اللجنة الاستشارية للقاحات التابعة لإدارة الغذاء والدواء الأميركية كانت قد أعربت عن تحفظات إزاء مدى جدوى تطعيم فئة الأطفال الصغار في هذا الوقت، لكن أعضاء تلك اللجنة لم يطرحوا أي شكوك أو مخاوف حول تأثيرات اللقاحات على خصوبة الأطفال في المستقبل، مؤكدين على أنه «لا يوجد سبب علمي للاعتقاد بأن تلك اللقاحات يمكن أن تؤثر سلبياً على نمو الطفل حتى سن البلوغ أو على خصوبته في المستقبل».
وفي وقت لاحق، صوتت تلك اللجنة بالإجماع لصالح التوصية بمنح ترخيص الاستخدام الطارئ للقاح «فايزر» للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و11 عاماً.
وشرح الدكتور بول أوفيت - أحد مستشاري اللقاحات في إدارة الغذاء والدواء الأميركية، وطبيب الأطفال ورئيس مركز اللقاحات في مستشفى الأطفال في فيلادلفيا - مصدر هذه الإشاعات المغلوطة قائلاً: «وُلدت هذه الفكرة الخاطئة من رسالة كانت موجهة إلى وكالة الأدوية الأوروبية، وهي الرسالة التي زعمت وجود تشابه بين بروتين شويكات فيروس كورونا المستجد المسبب لكوفيد-19 (وهو البروتين الذي ينتجه الجسم كاستجابة مضادة عند الحصول على هذه اللقاحات) وبين بروتين موجود على سطح خلايا المشيمة يسمى سينسيتين-1».
وتابع الدكتور أوفيت: «وهكذا، راج اعتقاد مفاده أنه إذا كان الجسم يقوم بإنتاج تلك الأجسام المضادة فهو يقوم عن غير قصد بإنتاج أجسام مضادة لبروتين سينسيتين- 1 على سطح خلايا المشيمة، وهو الأمر الذي اعتقد البعض أنه سيؤثر على خصوبة الأطفال بعد بلوغهم».
وأضاف: «لم يكن هذا الاستنتاج صحيحاً. فهذان النوعان من البروتينات مختلفان تماماً عن بعضهما. إن ذلك الاستنتاج أشبه بالقول إنني وشخص آخر لدينا رقم الضمان الاجتماعي ذاته لأن كلا الرقمين يحتوي على العدد خمسة. لذلك، فإن هذا الاعتقاد خاطئ منذ البداية».
وأوضح أوفيت أنه «لو كانت لقاحات كورونا أو العدوى الطبيعية قد أثرت سلبيا على خصوبة البالغين الذين تلقوا اللقاحات، لكان من المفترض أن نشهد انخفاضاً في معدلات المواليد، ولكن هذا ليس ما حدث»، مشيراً إلى أن ما حصل في الواقع هو أن معدلات المواليد ارتفعت بشكل طفيف، وأن هذا دليل واقعي يدحض مزاعم وإشاعات أن لقاحات كورونا تؤثر بأي حال على الخصوبة.
وخلال مؤتمر صحافي عُقد الجمعة الفائت، قال الدكتور بيتر ماركس الذي يرأس قسم اللقاحات لدى إدارة الغذاء والدواء الأميركية: «لقد جرى تم تقييم هذه اللقاحات من خلال مجموعة متنوعة من الدراسات قبل اعتمادها وبدء تطعيم الناس بها، وليس هناك أي دليل يشير إلى وجود تأثير سلبي على الخصوبة بسبب هذه اللقاحات.
لذا فإن هذه اللقاحات هي اللقاحات التي نشعر باطمئنان بأنها ستكون معقولة للاستخدام لدى الأطفال. ولو كان لدي أطفال ضمن هذه الفئة العمرية، فلن أتردّد في إعطائهم أحد هذه اللقاحات».
يشار في هذا السياق إلى أنه من المقرر أن تبدأ الولايات المتحدة في غضون الأسبوع الجاري توزيع لقاحات «فايزر» لتطعيم الأطفال من عمر 5 إلى 11 عاماً، وذلك بعد أن أصدرت إدارة الغذاء والدواء الأميركية يوم الجمعة الماضي تصريحاً للاستخدام الطارئ لذلك اللقاح لتطعيم هذه الفئة العمرية.