مشاهدات

شوارع الموت

تصغير
تكبير

- لقد غدت شوارعنا حقولاً مزروعة بالالغام المفخخة تحصد أرواح مرتاديها حصداً

قبل أيام قليلة، تعرض شاب في مقتبل العمر إلى حادث أليم تسبب في وفاته، وذلك عندما كان يقود مركبته بأمان في الطريق العام - وفجأة طار غطاء المنهول بالهواء ليرتطم في الزجاج الأمامي للمركبة، لينتقل الشاب إلى رحمة الله.

للأسف، فإن الموت يحصد أرواح الكثير من مرتادي الطريق بسبب الإهمال البّين من الجهات المنوط بها الحفاظ على أرواح الذين يرتادون الطريق وسلامتهم - لقد غدت شوارعنا حقولاً مزروعة بالالغام المفخخة تحصد أرواح مرتاديها حصداً.

وهناك أسباب لحوادث السير المؤسفة هذه وهي:

1 - قدم وتهالك هذه الشوارع ووجود أخطاء هندسية جسيمة في تصاميمها.

2 - عدم كفاءة وجهل سائقي الشاحنات والمعدات الثقيلة بأبسط قواعد المرور والتي تحافظ على أرواح الناس.

3 - الرعونة والاستهتار وعدم الانتباه.

الملاحظ في مشاريع بناء الطرق أن التخطيط النظري لها ورسمها على الأوراق يكون متقناً، ولكن عند التطبيق العملي لها يكون هناك قصور كبير في تنفيذها، وهذا راجع لعدم أمانة وطمع المقاولين وجشعهم بهدف تحقيق أكبر قدر من الأرباح، ولو على حساب مرتادي الطرق وسلامتهم، وبسبب تهاون المسؤولين المنوط بهم مراقبة تنفيذ هذه المشاريع، فالرقابة تكاد تكون معدومة، ما يتسبب في تنفيذ مشاريع دون المستوى المطلوب.

تقع مسؤولية تنفيذ وبناء الطريق وسلامته في المقام الأول على وزارة الأشغال وهيئة الطرق وإدارة المرور، والهدف المرجو من الإشراف على هذه المشاريع وتنفيذها هو تطوير أنظمة الطريق لتكون بمستوى عالمي وتطبيق أفضل المعايير العالمية.

فالدور المنوط بكل مسؤول عن هذه القطاعات هو القيام بجولات تفقدية على الطرقات، ومتابعة سير الأعمال على أرض الواقع، وفي هذه الحالة سيجد الكثير من أوجه القصور في تنفيذ هذا المشروع، فيقوم بتفاديها قبل ان تتحقق على أرض الواقع وذلك بتوجه النصائح والإرشادات للمقاول القائم بتنفيذ هذا المشروع، وتصحيح المسار، ليخرج العمل كما هو مخطط له، ولكن للأسف، نلاحظ أن هذا الأمر لا يتم كما يجب، فهؤلاء المسؤولون عن سير العمل ومراقبته لا يقومون بدورهم الرقابي كما يجب أن يتم، ولا يقومون بمتابعة المقاولين، فتكون النتيجة أن يخرج العمل وفيه الكثير من الأخطاء الهندسية والتي تتسبب في وقوع الكثير من الحوادث المرورية، والتي يذهب جرائها الكثير من القتلى والجرحى بالإضافة إلى الخسائر المادية الكثيرة التي تلحق بالمركبات.

كانت المناهيل سابقاً في مكانها الصحيح وبجانب الرصيف، ولكن بسبب التوسعات في الطرق وبسبب عدم قيام المسؤولين في لفت نظر المقاولين والاشتراط عليهم بنقلها إلى جانب الرصيف الجديد وذلك عن طريق عمل التحويلات المناسبة لها، أصبحت هذه المناهيل في وسط الطريق السريع وهذا الأمر خطأ هندسي كبير.

إذاً، من وضع هذه المناهيل في وسط الطريق، هل انتبه إلى هذه الأمور؟

- هل وجود هذه المناهيل في الشوارع العامة أمر صحيح ولا تشكل خطورة على مستخدمي الطريق؟

- هل تتحمل أغطية المناهيل الأوزان العالية للسيارات والمعدات الثقيلة أثناء مرورها عليها، وهل هذه المناهيل مطابقة لشروط التصنيع؟

- هل تم ضخ غازات في المناهيل، مما كان سبباً في ارتفاع الغطاء وتطايره في الهواء، وتسببه في هذا الحادث المؤسف الذي راح ضحيته أحد الأبرياء؟

- هل يتم اتباع وسائل الأمن والسلامة لتنبيه وحماية مرتادي الطريق عند القيام بالأعمال الانشائية في الطرقات.

إن عدم كفاءة سائقي الشاحنات والمعدات الثقيلة والجهل بالقانون، هو سبب رئيسي للحوادث المرورية الجسيمة، وللأسف كان أحد هؤلاء الضحايا ولدي (مهدي) رحمه الله، فبسبب تواجد شاحنة للبلدية وهي تجر قاطرة تنظيف ثقيلة خلفها ليلاً، وفي الشارع العام وفي الحارة اليسرى وبإضاءة تكاد تكون معدومة والسير بسرعة بطيئة، أي بمعنى: في المكان والزمان والحارة الخطأ والذي كان سبباً في هذا الحادث الأليم.

يقوم سائقو الشاحنات والمعدات الثقيلة وسيارات قطر المعدات الثقيلة مثل (الخلاطات والمولدات ومضخات الهواء)، المستهترون والجاهلون بالقوانين المرورية - بالسير في الطريق العام، متنقلين من حارة إلى حارة وبإضاءة خافتة غير مطابقة لإرشادات الأمن والسلامة، ما يتسبب في وقوع حوادث جسيمة.

وهنا يأتي دور إدارة المرور في تتبع وملاحقة هؤلاء المستهترين والمتهورين للحفاظ على سلامة الأرواح، وفي الوقت نفسه فحص المركبة للتأكد من سلامتها ونوعية الإضاءة المستخدمة فيها، ومعرفة إن كانت تطابق التعليمات والمواصفات العالمية من عدمها - كذلك معرفة التزام السائق بالسرعات القانونية - فمن المعلوم أن لكل حارة من حارات الطريق السريع سرعة معينة للسير عليها، فالمركبات الثقيلة يجب عليها الالتزام بالحارة اليمنى وهي الحارة البطيئة والحارة اليسرى هي للسرعة الأعلى، لهذا فإن السير بسرعة منخفضة في هذه الحارة قد يتسبب في حوادث مرورية، يجب أن يكون قائدو المركبات على دراية بحدود السرعة في كل حارة مع الالتزام بها للحفاظ على الأرواح.

أهمية الأمن والسلامة عند العمل في الطرقات:

من أهداف الأمن والسلامة المرورية هو اتباع التدابير للحفاظ على الأرواح وتجنب وقوع الإصابات البليغة والحد من المخاطر المتوقع حدوثها، وذلك بتنبيه وتحذير السائقين من مخاطر الطريق أثناء سيرهم عليه ليكون ذلك سبباً لتلافي الأخطاء التي قد يرتكبونها، وليمكنهم ذلك من اتخاذ الإجراءات المناسبة لعدم ارتكابهم للأخطاء المرورية، وعند القيام بأعمال الطرق تستخدم العلامات الارشادية، الإضاءات التحذيرية، وكذلك وضع المصدات والعلامات البلاستيكية غير الخطرة لتحذير مرتادي الطريق وللحد من مخاطر الاصطدام العنيف.

لا شك، أن دور إدارة المرور مهم جداً في رصد كل مخالف لتلك التعليمات خصوصاً بعد نشر الكاميرات في الطرقات العامة وربطها بغرفة العمليات، والتي من مهامها مراقبة الطرقات على مدار الساعة لتفادي الحوادث، ففي حالة وجود أي عائق في الطريق يجب التعامل معه في الحال تفادياً لأي حادث، والمقصر في أداء عمله يجب محاسبته.

وفي الختام

يجب ترسية المشاريع الكبرى على الشركات والهدف من ذلك تحسين الخدمات المقدمة للمواطنين.

وسلامة أرواح مرتادي الطريق هي الغاية الأهم ووضع القوانين واستحداثها لتقليص معدلات الحوادث، كذلك يجب تكثيف الحملات التوعوية والإعلامية خاصة لسائقي شاحنات المقاولين العاملين في مناقصات الدولة حسب اللغة التي يجيدونها، ليعرف كل منهم واجبه عند العمل في الطرقات، وكذلك التشديد على ضرورة تسيير مركبات خاصة لمراقبة تلك الشاحنات والمعدات الثقيلة لضمان سلامة مرتادي الطريق.

وللأسف شوارع الموت تحصد أرواح الأبرياء والقاتل معلوم غير مجهول!؟

نتقدم هنا بالمواساة لكل أسرة فقدت عزيزاً بسبب الإهمال في الطريق، وعظّم الله أجوركم ورحم الله موتاكم، وأحسن الله عزاءكم - وقد وفدت أرواحهم إلى رب كريم - وندعو الله لشفاء كل من أصيب بتلك الحوادث الأليمة.

وإنا لله وإنا إليه راجعون.

اللهم احفظ الكويت آمنة مطمئنة،

والحمد لله رب العالمين.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي