لوقف التضخم قبل الدخول في دوامة تصاعدية

«الوطني»: هل يضحّي «الفيديرالي» بمكاسب سوق العمل ويرفع الفائدة مبكراً؟

تصغير
تكبير

- وضع اللمسات الأخيرة لإنهاء برنامج شراء الأصول البالغ 120 مليار دولار

لفت بنك الكويت الوطني إلى أن محضر اجتماع اللجنة الفيديرالية للسوق المفتوحة في أميركا عن شهر سبتمبر والذي صدر الأربعاء الماضي، كشف عن قيام المسؤولين بوضع اللمسات الأخيرة على خططهم لإنهاء برنامج شراء الأصول الشهري والبالغ قيمته 120 مليار دولار، حيث أشار «الفيديرالي» إلى أنه قد يبدأ تقليص برنامج الدعم الموجه للاقتصاد الأميركي بهدف احتواء تداعيات جائحة كوفيد-19 ابتداءً من منتصف نوفمبر المقبل، كما كشف محضر الاجتماع أيضاً عن أن عدداً متزايداً من صانعي السياسة الفيديراليين لديهم مخاوف من إمكانية استمرار التضخم لفترة أطول مما كان يُعتقد سابقاً.

وأوضح «الوطني» في موجزه الأسبوعي حول أسواق النقد أنه رغم عدم اتخاذ أي قرارات رسمية في شأن الخفض التدريجي خلال هذا الاجتماع، إلا أن المحضر أفاد باستعداد «الفيديرالي» لبدء إنهاء برنامج التحفيز النقدي الخاص بالجائحة في وقت مبكر من الشهر المقبل، وإنهاء العملية بحلول منتصف 2022، وذلك في ظل استمرار الانتعاش الاقتصادي وشروع المزيد من المسؤولين في وضع خطط زيادة أسعار الفائدة العام المقبل.

وأضاف «الوطني» في تقريره «خلافاً للنبرة التي تبناها (الفيديرالي) خلال اجتماعاته الصيفية، أظهر محضر الاجتماع أن صانعي السياسة لم يعد يتم وصفهم، بصفة عامة، بأنهم يتوقعون انحسار ضغوط التضخم مع تبدد العوامل الموقتة، وبدلاً من ذلك، أشاروا إلى أن هناك مخاوف متزايدة داخل (الفيديرالي) في شأن التضخم.

ويرى معظم صانعي السياسة الآن تزايد المخاطر، ويشعر البعض بالقلق تجاه ارتفاع معدلات التضخم والذي بدأ ينعكس على توقعات التضخم وعلى نطاق أوسع على الأسعار، إلا أنه على الرغم من ذلك، عزا العديد من صانعي السياسة ضغوط الأسعار التصاعدية إلى اختناقات العرض المرتبطة بالجائحة والتي يمكن توقع انحسارها».

وأوضح أنه نظراً لأن قرار بدء الخفض التدريجي يلوح في الأفق، يتحول اهتمام السوق الآن نحو توقيت رفع أسعار الفائدة في المستقبل، لافتاً إلى أن «الفيديرالي» وعد بالإبقاء على سعر الإقراض لليلة واحدة عند المستوى الحالي بالقرب من الصفر حتى يصل الاقتصاد إلى مستوى التوظيف الكامل، في حين أنه لم يصل إلى المستوى المستهدف البالغ 2 في المئة فحسب، بل إنه في طريقه للبقاء بشكل متواضع فوق هذا المستوى لبعض الوقت.

طلب مكبوت

وفي غضون ذلك، هناك إشارات لبداية ظهور الاتجاه المعاكس لتلك المشكلة، حيث يغذي الطلب المكبوت الإنفاق نظراً لإعادة فتح الاقتصاد وأنشطة الأعمال، لذا نشهد حالياً تزايد الأسعار بوتيرة سريعة، فيما أظهرت التوقعات الصادرة بالتزامن مع بيان السياسة النقدية الصادر الشهر الماضي أن نصف صانعي السياسة في «الفيديرالي» يعتقدون أن رفع سعر الفائدة سيكون ضرورياً قبل نهاية العام المقبل، مع توقع الجميع باستثناء واحد فقط زيادة أولية في تكاليف الاقتراض قبل نهاية 2023.

والسؤال الرئيسي الذي يطرح نفسه الآن هو ما إذا كان سيحتاج صانعو السياسة البدء في رفع أسعار الفائدة في وقت مبكر في محاولة لوقف التضخم قبل الدخول في دوامة تصاعدية، ما قد يؤدي إلى التضحية بمكاسب سوق العمل أثناء القيام بذلك.

وقلل رئيس «الفيديرالي» جيروم باول من إمكانية التعرض لهذا الموقف غير المريح، إلا أن البيانات قد تأخذ اتجاهاً معاكساً لذلك نظراً لبيانات التضخم الصادرة في اليوم نفسه الذي صدر فيه محضر الاجتماع، والتي أظهرت أن وتيرة نمو أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة تزايدت في سبتمبر، لتقارب أعلى مستوياتها المسجلة منذ 13 عاماً، نظراً للضغوط التضخمية التي أدت إلى ارتفاع تكلفة المواد الغذائية والطاقة والإيجارات.

ونشر مكتب إحصاءات العمل قراءة مؤشر أسعار المستهلك الأربعاء الماضي، والذي أظهر ارتفاعاً بنحو 5.4 في المئة في سبتمبر مقارنة بالعام الماضي، وأعلى قليلاً عن الزيادة السنوية البالغة 5.3 في المئة المسجلة في أغسطس.

وعلى أساس شهري، ارتفعت الأسعار 0.4 في المئة مقابل 0.3 في المئة في الشهر السابق، وباستبعاد أسعار السلع المتقلبة مثل المواد الغذائية والطاقة، ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين الأساسي بنحو 0.2 في المئة مقارنة بأغسطس، وزاد عن القراءة السابقة البالغة 0.1 في المئة محافظاً على وتيرة نمو بـ 4 في المئة على أساس سنوي.

وقفزت أسعار المواد الغذائية بنحو 0.9 في المئة خلال سبتمبر، كما ارتفعت التكاليف السكنية أيضاً، وتشكل هاتان الفئتان مجتمعتان أكثر من نصف الزيادة الشهرية لمعدل التضخم الرئيسي، فيما زادت أسعار الطاقة بـ 1.3 في المئة، وبذلك تكون قد ارتفعت بـ24.8 في المئة خلال العام الجاري، فيما توقعت إدارة معلومات الطاقة الأميركية وبشكل منفصل ارتفاعاً حاداً في فواتير التدفئة المحلية هذا الشتاء، حيث بدأت أزمة الطاقة العالمية في الوصول إلى المستهلكين الأميركيين.

زيادات مستمرة

وذكر تقرير «الوطني» أن مناقشات دارت بين الاقتصاديين وواضعي السياسات حول مدى تحول الزيادات المستمرة في أسعار المستهلكين إلى تضخم أكثر استدامة يمتد ليشمل قطاعات مختلفة أكثر من تلك التي تتسم بحساسية تجاه الاضطرابات المرتبطة بالجائحة، مثل السيارات المستعملة والنفقات المتعلقة بالسفر، والتي ساهمت حتى الآن بالنصيب الأكبر من تلك الزيادة، لافتاً إلى انخفاض أسعار السيارات والشاحنات المستعملة بـ0.7 في المئة أخرى في سبتمبر بعد انخفاضها 1.5 في المئة في أغسطس، إلا أنه وعلى أساس سنوي، لا تزال الأسعار مرتفعة بنحو 24.4 في المئة، كما تراجعت أسعار تذاكر الطيران بـ6.4 في المئة خلال سبتمبر بعد انخفاضها 9.1 في المئة في أغسطس، وانخفضت تكاليف الملابس 1.1 في المئة خلال الشهر، ما أدى إلى كبح جماح سلسلة الزيادات التي استمرت على مدى 5 أشهر.

أول خسارة للدولار في 6 أسابيع

أشار تقرير «الوطني» إلى أن الأسبوع الماضي شهد أول تراجع أسبوعي للدولار مقابل نظرائه الرئيسيين منذ بداية الشهر الماضي، حيث انتعشت معنويات الإقبال على المخاطر على مستوى العالم، بينما اتجه الين الياباني إلى أدنى مستوياته المسجلة في 3 سنوات.

وأنهى مؤشر الدولار تداولات الأسبوع الماضي منخفضاً بنحو 0.12 في المئة وصولاً إلى 93.954، فيما يعتبر أول خسارة أسبوعية يسجلها في 6 أسابيع، أما بالنسبة للين، العملة الأخرى التي يتم اعتبارها ملاذاً آمناً ضد المخاطر، فقد تأثر سلباً بمعنويات الإقبال على المخاطر خلال الأسبوع وأغلق عند مستوى 114.26، للمرة الأولى منذ أكتوبر 2018.

ومن جهة أخرى، ارتفع الجنيه الإسترليني إلى أعلى مستوياته المسجلة في 4 أسابيع، لينهي تداولات الأسبوع مغلقاً عند مستوى 1.3751، بدعم من تحسن التوقعات بأن بنك إنكلترا سيرفع أسعار الفائدة هذا العام.

وأوضح التقرير أن العديد من المستثمرين يراهنون على أن بنك إنكلترا سيصبح أول البنوك المركزية الكبرى التي سترفع أسعار الفائدة منذ بداية الجائحة. ويسعّر السوق الآن احتمالاً بنسبة 72.4 في المئة لصالح رفع سعر الفائدة في اجتماع البنك المقرر انعقاده في ديسمبر المقبل مقابل 45.6 في المئة الأسبوع الماضي.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي