من «خط التماس» إلى العاصمة... هلع وذعرٌ وحبس أنفاس
سريعاً استعادتْ بيروت «زمن الحرب» ومَظاهرها. فالعاصمة التي لم تقف بعد على ركبتيْها في أعقاب الانفجار الهيروشيمي في مرفئها، دهمتْها، أمس، «ميني حرب» أو «بروفة» لِما ينتظرها في حال استمرّت في «تَهَوُّرها» بحثاً عن «مَن خطط ونفّذ وتواطأ» في «جريمة العصر» التي ارتُكبت بحقها في 4 أغسطس 2020.
فبيروت المنكوبة التي تحوّلت مناطقُها مجرّد أرياف باهتة تحت وطأة الأزمات الهائلة، ازدادتْ أمس يأساً بعدما لَعْلَعَ الرصاصُ في واحدة من المناطق الأكثر «حساسية» وكَرَّ «الخبرُ العاجل» معلناً تباعاً عن سقوط ضحايا وجرحى.
... هَلَعٌ وذعرٌ وحبْسُ أنفاسٍ وأعصاب مشدودة... مَظاهر خرجت دفعةً واحدة من تحت ركام الأيام الصعبة وجَمْرها الذي لم يبرد بعد في آلاف المنازل التي خسرت أحبّة في حربٍ (بين 1975 و 1990) كأنها تأبى البقاء عِبرة للذكرى في صفحات التاريخ.
... من «خط التماس» الذي استيقظ على «الطيونة»، إلى عموم العاصمة، هرع الناس لاصطحاب أولادهم من المدارس بعدما تحوّلت «غروبات الأهالي» على تطبيق «واتساب» منصة لـ «تقويم الوضع» دقيقة بدقيقة وصولاً إلى اتخاذ قرار «لمّ الشمل» سريعاً تفادياً لـ... «الأسوأ».
ولم يكن أكثر تعبيراً عن الساعات العصيبة التي عاشتها خصوصاً الدائرة المحيطة بـ «حلقة النار»، من التداول بصورٍ داخل أكثر من مدرسة لأطفالٍ، لم يسبق أن «تمَرّنوا» في «مدرسة الحروب» المفتوحة في لبنان، تَجَمّعوا في الأروقة حفاظاً على سلامتهم من «جنون» الرصاص والقنص، ولآخَرين يحتمون تحت طاولاتٍ داخل الصفوف، فيما لم يتوانَ الجيش اللبناني عن المساعدة في إجلاء بعض التلاميذ رُصد عناصر منه يحملونهم إلى «منطقة الأمان».
وفيما كانت الشوارع في محيط «بقعة المعركة» تتحوّل ساحات مقفرة بعدما سرى «منْعُ تجوّلٍ» ذاتي اعتمده المواطنون الذين خَبِروا مخاطر النزول والوقوف في «فوهة البندقية» ورصاصها الطائش أو القاتل عن «سابق تصوُّر وتصميم»، لم يقلّ المشهد داخل البيوتات ذعراً على مقلبيْ «الجبهة» القديمة – الجديدة حيث عاينت «الراي» منازل أقفل سكانُها نوافذَها وواجهاتها وابتعدوا عنها بعدما أغلقوا الستائر وأنزلوا الستورات لحجْب الرؤية عن القنّاصين الذين انطبعوا منذ أيام حرب الـ 15 عاماً بـ «اصطيادهم» الضحايا في قلب البيوت، وهو ما أصاب مواطنة قتلتْها رصاصةٌ داخل مسكنها في الطيونة.
وكما الأبواب والنوافذ في المنازل، كذلك بوابات الأبنية التي سارع قاطنوها لقفْلها تفادياً لاعتلاء قناصين السطوح وكذلك خشية دخول مسلّحين وتنفيذ «عمليات انتقامٍ» طبعتْ أبشع أيام الحرب اللبنانية وكان المدنيون الحلقة الأضعف فيها.