هكذا في 9 حلقات... ماذا لو كان من ثلاثين حلقة؟
«سرّك الخافي»... إيقاع مُمِل رغم ثراء النص!
كعربة مليئة بالثمار الناضجة، لكنها تسير ببطء في طريق وعرة!
هكذا بدا المسلسل الدرامي «سرّك الخافي»، الذي يتواصل عرضه حالياً على قناة أبوظبي، ومنصة «AD» التابعة لها، وهو من تأليف الكاتب محمد النشمي ومن إخراج مناف عبدال، حيث يتناول جملة من القضايا الشائكة في المجتمع، مثل الابتزاز واستغلال القوي للضعيف، وغيرها من الموضوعات.
العمل، يشارك في بطولته جمعٌ من النجوم، وهم أسمهان توفيق وحسين المنصور وعلي جمعة وعبدالله بوشهري وليلى عبدالله ومحمد صفر والفنانة الإماراتية أمل محمد وكفاح الرجيب وروان العلي ورانيا شهاب وشيماء قمبر، فاطمة الدمخي وشهد سلمان والفنانة الكويتية أمل محمد، وعذاري.
يبدأ «سرّك الخافي» بمشهد مؤثر من خلف القضبان، لحظة الإفراج عن «يوسف» (علي جمعة)، حيث الحوار العاطفي والمليء بالشجون بينه وبين رفيقه في العنبر «وليد» (محمد أشكناني) وهما يستذكران «عِشرة العُمر» الطويلة، التي جمعتهما في الزنزانة نفسها على مدى 25 عاماً.
جمعة، أبدع كعادته في أدوار التراجيديا، وتجلّى ذلك حين لعب دور السجين الذي يعتبر السجن بيته وملاذه من وحشة الحرية، خصوصاً وأنه عاش داخله أكثر مما قضاه في الخارج.
خلال عودته إلى بيته الذي وُلد فيه، حيث تعيش والدته «أسمهان توفيق»، يتعرض «يوسف» لصدمة كبيرة، حين يكتشف سراً خطيراً بزواج أخيه «فهد» (حسين المنصور) من زوجته «سعاد» (عبير أحمد)، بالإضافة إلى تزويج ابنته «وفاء» (ليلى عبدالله) من دون علمه، ما يزيد من غضبه وكراهيته للعالم الجديد، فيشعر بالحنين إلى عالمه القديم في السجن.
كذلك برع الشاب «حمد» (عبدالله بوشهري) في أداء دور الشاب البار بوالدته إلى حد إصراره على القيام بـ «غسل قدميها»، وهو مشهد جريء، يندر حدوثه في المسلسلات الكويتية والخليجية على السواء.
حمد، وبالرغم من بره بوالدته، لكنه شخص مخادع في تعامله مع النساء عموماً ومع زوجته «فوزية» (كفاح الرجيب) خصوصاً، حيث إن العلاقة بينهما يشوبها الكثير من الفتور.
أما «وفاء» (ليلى عبدالله)، فهي ابنة «يوسف» ومعلمة في رياض الأطفال.
تشعر بأنها منبوذة لكونها مطلقة، كما تواجه مكر زميلاتها المعلمات، اللاتي يصفنَها بالحرباء التي تتلوّن دائماً وتغيّر جلدها بين الفينة والأخرى.
ومع ذلك فهي لا تهتم كثيراً بكلام الناس، فالمهم عندها رضا الوالدين.
ولا يُخفى أن دوراً كهذا ليس صعباً على فنانة متمكنة مثل ليلى عبدالله، ولكنه في الوقت ذاته ليس سهلاً لو كان منوطاً بفنانة مبتدئة.
في خطٍ درامي آخر، كان يعيش «ضاري» (محمد صفر) قصة حب مع «دلال» والتي أدّت دورها الفنانة الإماراتية أمل محمد، حيث إن علاقته بمن يحب تناقض تماماً كل العلاقات التي يكون «حمد» طرفاً فيها، لا سيما أن الأخير اعتاد الكذب على الفتيات.
العمل بمجمله، كان ثرياً في الحوار والحبكة الدرامية وبرؤية المخرج وأداء الممثلين، ولا نغفل كذلك الموسيقى التصويرية للمؤلف إبراهيم شامل، حيث تم توظيفها بشكل جيد.
إلا أن ضعف الإيقاع والإطالة في التنقل من مشهد إلى مشهد لم يأتِ في صالح المشاهد.
لكن، يُحسب للكاتب والمخرج حرصهما على عدم ظهور أي مشاهد خادشة أو كلاماً بذيئاً، أو سلوكيات غير محببة كالتدخين مثلاً، بحيث شاهدنا عدداً من المشاهد في «المقهى» ومع ذلك لم نرَ «الشيشة»، على عكس بعض الأعمال، التي تُكثر فيها مثل تلك اللقطات.
كما نجح المخرج مناف عبدال - وبذكاء شديد - في تسليط الضوء على بعض المعالم من خلال لقطات «بانوراما»، لإظهار التطور العمراني والوجه الحضاري للكويت، مثل جسر جابر، وغيره من الصروح، وتجّلت براعته ورؤيته الثاقبة في توجيه الممثلين، ما أضفى الواقعية على أداء كل ممثل، حتى الشباب منهم، بحيث كان الأداء مقنعاً وبلا تكلّف.
بالإضافة إلى إظهار الشاب الكويتي الكادح، على غرار شخصية «ضاري» (محمد صفر) الذي يعمل في «كراج» لتصليح السيارات.
أما بالنسبة إلى السلبيات، فيعاب على العمل أنه يمضي بإيقاع بطيء، خصوصاً في الحلقات الثلاث الأولى، حيث يكون «الرتم» بطيئاً إلى حد الملل أحياناً، رغم أنه مسلسل قصير، وأحداثه تقع في 9 حلقات فقط.
إذاً، ماذا ستكون الحال لو كان من فئة الأعمال ذات الثلاثين حلقة!... فمثلاً، السجين يوسف (علي جمعة)، كان قد تلقى خبر الإفراج عنه في الحلقة الأولى، إلا أن الإطالة في المشاهد، ومن دون مبرر درامي أجّلت خروجه من السجن إلى منتصف الحلقة الثانية!... ففي مثل هذه الأعمال القصيرة لا ينبغي المماطلة، كي لا يفقد المشاهد شغف المتابعة ومتعة التشويق.